خزينة الأسرار.. رحلة داخل عالم الجاسوسية الخفي بواشنطن

في خطوة لافتة، نقل متحف الجاسوسية الدولي مجموعته التي تضم أكثر من 10,000 قطعة أثرية إلى صالات العرض، لتصبح متاحة للجمهور.
وظلت هذه القطع حبيسة الخزائن لسنوات طويلة في موقع بعيد عن العاصمة، لكن إدارة المتحف اتخذت قرارا بنقلها إلى الطابق الرابع من المبنى، وفتحت أبوابه مؤخرًا أمام الصحافة، لتكشف عن جانب نادر ومثير من أدوات التجسس التي ظلت مخفية لعقود.
يضم المتحف واحدة من أكبر مجموعات أدوات التجسس في العالم، تمتد عبر عصور وتغطي مختلف مدارس الاستخبارات. من الكاميرات الدقيقة المخفية داخل أقلام أو ولاّعات سجائر، إلى أجهزة تنصت، ووسائل تنكر متقنة، وأسلحة مموّهة يصعب تصور وجودها، بل واستخدامها.
ورغم وفرة هذه القطع، فإن الغالبية العظمى منها لم تُعرض للعامة قط، بل ظلت محفوظة بعيدًا عن الأنظار، كبقايا زمنٍ من الخداع والسرية والمناورات الخفية.
أحد أبرز المعروضات داخل الخزنة الجديدة هو كتاب نادر من الحرب العالمية الثانية، أعدّه جهاز الاستخبارات البريطاني "MI9" لتدريب الجنود الأمريكيين على أدوات التجسس المتطورة آنذاك.
ويحتوي الكتاب على تصاميم مبتكرة لكاميرات مدمجة داخل ولاّعات سجائر، وأزرار معاطف تحتوي على أدوات سرية، وحتى خرائط مطبوعة على الأقمشة.
وبحسب التقديرات، فهناك أقل من 20 نسخة فقط من هذا الكتاب لا تزال موجودة في العالم، ما يضفي عليه طابعًا فريدًا من حيث القيمة التاريخية والسرّية.
ومن كوريا الجنوبية، حصل المتحف على مجموعة من أدوات التجسس عبر إعارة حكومية، ويقال إن المجموعة صودرت من جاسوس كوري شمالي.
ومن بين هذه الأدوات، قلم يمكنه حقن مادة تسبب الشلل عند الضغط عليه بطريقة محددة، إضافة إلى ورقة شيفرة يُمكن استخدامها للتواصل بين عميلين يحمل كل منهما نسخة مطابقة من جدول الرموز.
ولا تخلو خزانة أيضًا من أدوات القتل الصامت، منها مجموعة من السكاكين المخفية في أدوات منزلية كالملاعق أو داخل أحذية، إلى جانب سلاح صُمم خصيصًا للقتال اليدوي من قبل وكالة الخدمات الاستراتيجية الأمريكية "أو إس إس"، التي سبقت إنشاء وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه".
كما تشمل المعروضات مواد تدميرية مثل مسحوق يُمكن استخدامه لتعطيل المركبات عبر تآكل خزانات الوقود بسرعة كبيرة.
وفي قسم آخر من المتحف، تُعرض مقتنيات شخصية استخدمها بعض من أخطر جواسيس العصر الحديث، أبرزهم روبرت هانسن، عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي تجسس لصالح روسيا لعقود. ومن بين متعلقاته المعروضة أريكة من منزله، إلى جانب بدلة وساعات تبرعت بها عائلته بعد وفاته في سجنه عام 2023.
أما الركن المخصص لتوني مينديز، ضابط الاستخبارات الشهير الذي خلد فيلم آرغو بطولته، فيحتوي على باروكات تنكرية صممها بنفسه، وأحذية ببطانة داخلية لزيادة طول مرتديها، إلى جانب رسم ذاتي يجسّد عملية إنقاذ الرهائن الأمريكيين من إيران تحت غطاء تصوير فيلم سينمائي مزيف.
وتعليقًا على طبيعة المقتنيات، أوضحت لورا هيكن، مديرة المجموعات بالمتحف، أن كل قطعة تحمل أكثر من وظيفة، قائلة: "كل شيء في مجموعتنا له وجهان: الحقيبة تحتوي على كاميرا، القلم يخفي عدسة دقيقة، الحذاء قد يخفي سكينًا."
ومن الجوانب الفريدة الأخرى في المتحف، الرسومات الأصلية لمحاكمات جواسيس شهيرة مثل رودولف آبل، الجاسوس السوفياتي الذي أُلقي القبض عليه في الولايات المتحدة، وجوليوس وإيثيل روزنبرغ، اللذين أُعدما بتهمة التجسس لصالح الاتحاد السوفياتي.
ورغم حصول المتحف على تقدير عالمي من موسوعة "غينيس" كأكبر متحف مخصص للجاسوسية في العالم، فإنه لم يسلم من الانتقادات، إذ اتهمه البعض بتلميع صورة أجهزة الاستخبارات وتجاهل الجوانب الأخلاقية المثيرة للجدل في هذا العالم الغامض.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg
جزيرة ام اند امز