أوروبا تتعايش مع كورونا.. وعينها على الموجة الثانية
مع لجوء العديد من الدول للتعايش مع كورونا حذرت حكوماتها الشعوب من أنها يمكن تفرض الإغلاق الكامل في أي وقت.
بدأت العديد من الدول الأوروبية محاولة طموحة وحذرة في آن واحد، للتعايش مع فيروس "كورونا" المستجد، تستند بالأساس على إعادة عجلة الاقتصاد والحياة للدوران جزئيا، لكنها تخشى بشكل كبير موجة تفشي جديدة من الوباء.
وخلال الأشهر الماضية، واجهت أغلب الدول الأوروبية جائحة كورونا المستجد مع بداية ظهوره قبل 5 أشهر في مدينة ووهان الصينية، بإجراءات مشددة لضمان تحقيق التباعد الاجتماعي الذي يمنع انتشاره، مثل حظر التجول، وتعليق حركة السفر الدولية.
ومع لجوء العديد من الدول للتعايش مع كورونا، حذرت حكوماتها الشعوب من أنها يمكن تفرض الإغلاق الكامل في أي وقت، إذا عاد الفيروس للانتشار بكثافة.
وقبل يومين، وجه المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا هانز كلوغ في مقابلة مع صحيفة "تلغراف" البريطانية تحذيرا كبيرا إلى البلدان التي بدأت في تخفيف قيود الإغلاق، قائلا إن الوقت الآن هو "وقت التحضير، وليس الاحتفال".
وتابع أن بدء انخفاض عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 في دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا، لا يعني أن الوباء يقترب من نهايته".
وحذر المسؤول من أن الموجة الثانية قد تكون مزدوجة ويمكن أن تتزامن مع تفشي أمراض معدية أخرى، كالإنفلونزا الموسمية أو الحصبة.
وبصفة عامة، فإن الدول الأوروبية التي رفعت قيود الإغلاق جزئيا، تخشى بشكل كبير موجة تفشي ثانية، وتعمل على تفاديها عبر فرض إجراءات احترازية مثل ارتداء الأقنعة الطبية (كمامات)، ومسافات آمنة في الأماكن المغلقة.
لكن هذه الدول تملك خطط واضحة للعودة للإغلاق في أي وقت يعود فيه الفيروس للتفشي بكثافة، لأن تهديد فيروس "كورونا" لن يختفي تماما إلا بتطوير لقاح، وهذا الأمر يحتاج لشهور طويلة، وفق مجلة دير شبيجل الألمانية.
إيطاليا
فتحت المطاعم والحانات والكافيهات ومحلات الحلاقة والمتاجر، أبوابها للزبائن في إيطاليا، مع فرض إجراءات التباعد الاجتماعي.
وخلال الأسابيع الماضية، توفى ٣٢ ألف شخص بسبب فيروس "كورونا" المستجد، لكن المعدل اليومي بلغ أقل عدد (١٤٥) منذ ذروة الانتشار في ٢٧ مارس/أذار الماضي.
وأثر تفشي فيروس "كورونا" بشكل كبير على الاقتصاد حيث يتوقع أن ينكمش هذا العام بنسبة 10%.
ورفعت الحكومة قيود الحركة المفروضة على السكان في 4 مايو الماضي، وسمحت لهم بالتحرك في إطار الإقليم الذي يعيشون فيه، مع إجبارهم على ارتداء الأقنعة الطبية (الكمامات) في المواصلات العامة والمؤسسات التجارية والأماكن المغلقة.
كما استأنفت عدة أنشطة إنتاجية وصناعية عملها، فضلا عن أنشطة قطاعى التصنيع والبناء، إلى جانب جميع أنشطة البيع بالجملة المتعلقة بها.
وفيما يتعلق بالعملية التعليمية، سمحت السلطات بعقد لجان الامتحانات والتخرج شريطة أن يكون هناك تنظيم للمساحات والعمل مثل تقليل مخاطر التقارب والتجمع.
لكن الحكومة حذرت الشعب الإيطالي بأن عودة الفيروس للتفشي بكثافة في البلاد، سيجبرها على فرض اجراءات الإغلاق مجددا.
إسبانيا
مع تراجع عدد الوفيات بشكل كبير في إسبانيا، بدأت البلاد تخفيف إجراءات الإغلاق، عبر نظام يتكون من ٤ مراحل.
وتحولت معظم مناطق البلاد من المرحلة صفر إلى المرحلة ١، وسمحت بالتجمعات حتى ١٠ أفراد، بشرط ارتداء الكمامات واتباع اجراءات المسافات الآمنة.
وسمحت السلطات لدور السينما والمطاعم والمتاحف والمسارح بفتح أبوابها بنسبة إشغال محدودة.
وانتقلت بعض الجزر التي لم تتأثر كثيرا بموجة التفشي الأولى، للمرحلة ٢ اليوم الإثنين، فيما بقت برشلونة ومدريد في المرحلة صفر، مع بقاء معظم القيود في مكانها، والسماح للمتاجر الصغيرة فقط بفتح أبوابها.
وقدمت الحكومة خطة لمحاصرة بؤر تفشي الفيروس في حال عودته للانتشار، وفرض إغلاق كامل في حال اندلاع موجة ثانية في عموم البلاد.
ألمانيا
وفي ألمانيا، التي اعتبرت لفترة طويلة صاحبة أفضل نموذج في إدارة أزمة كورونا، حذرت خلال الأيام الماضية من أن بعض ولايتها يمكن أن تعيد فرض اجراءات الاغلاق بسبب عودة الحالات فيها للتزايد مجددا.
وهذه ليست أول مرة، حيث حذرت المستشارة انجيلا ميركل مرارا من عودة اجراءات الاغلاق إذا عاد الفيروس للتفشي بكثافة".
وقالت ميركل الأسبوع الماضي: "يجب أن نعي تماما أننا في بداية تفشي الفيروس، وسيكون أمامنا طريق طويل من التعامل مع هذا الفيروس في الفترة المقبلة".
وبدأت ألمانيا تخفيف قيود الإغلاق في أبريل/نيسان الماضي، حيث سمحت بفتح المتاجر الصغيرة بشرط الحفاظ على إجراءات التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات.
وبداية من الأسبوع الأول في مايو/أيار، سمحت السلطات للمدارس باعادة فتح أبوابها لتلاميذ سنوات الدراسة النهائية، وأماكن العبادة بفتح أبوابها بعدد محدود من المصلين. كما سمحت باعادة فتح المتاحف والملاعب والحدائق.
وبدأ العمال بالانتظام في أعمالهم مع الحفاظ على إجراءات التباعد الاجتماعي، في وقت عاد فيه الدوري الألماني لكرة القدم، للحياة السبت الماضي.
النمسا
كانت النمسا من أوائل الدول التي بدأت عملية تدريجية لتخفيف قيود الإغلاق في منتصف أبريل/نيسان الماضي، وأعادت فتح المتاجر والمطاعم والمدارس، شريطة ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة والحفاظ على إجراءات التباعد الاجتماعي.
وسمحت السلطات النمساوية حتى اليوم، بإقامة الصلوات في أماكن العبادة وإعادة تنشيط برامج تعزيز اندماج اللاجئين وتعلم اللغة الألمانية وعودة تدريبات فرق كرة القدم مع تنفيذ الإجراءات الاحترازية التي تم وضعها لكل قطاع.
ويستند قرار تخفيف القيود إلى أرقام رسمية تؤكد استمرار انحسار الوباء وبقاء المعدل اليومي للإصابات الجديدة بالفيروس تحت معدل 1%.
لكن الحكومة بقيادة سبستيان كورتس، وضعت خطة لإعادة فرض اجراءات الاغلاق في عموم البلاد، في حال تفشي الفيروس بكثافة كبيرة، وفق صحيفة كورير النمساوية "خاصة".
بريطانيا
بدأت بريطانيا بالفعل اتباع عدد من الدول الأوروبية، وأطلقت خطة تدريجية لرفع قيود الإغلاق، حيث عاد عمال البناء لممارسة عملهم الطبيعي، لكن مع الحفاظ على إجراءات التباعد الاجتماعي.
كما شجعت الحكومة الأشخاص الذين لا يستطيعون العمل من المنزل، على العودة لمكاتبهم، ورفعت قيود الحركة على حركة السكان.
وسمحت الحكومة للسكان بممارسة الرياضة مع جيرانهم، وأعلنت خطة لفتح المتاجر بداية من 1 يونيو/حزيران المقبل، وأعطت الضوء الأخضر لعودة منافسات كرة القدم الرسمية.
لكن رئيس الوزراء بوريس جونسون حذر قبل أيام من أن حكومته يمكن أن تعيد فرض قيود الإغلاق إذا عاد الفيروس للتفشي بكثافة في البلاد.
فرنسا
أنهت فرنسا الإثنين الماضي، الإغلاق الصارم الذي استمر لمدة 54 يوما لمكافحة فيروس كورونا، لكنها أبقت عددا من القيود سارية.
وسمحت السلطات للفرنسيين بمغادرة منازلهم دون حمل تصاريح موقّعة تحدد سبب وجودهم في الشوارع، وقررت فتح معظم المحلات وأماكن العمل الأخرى.
لكن السلطات أبقت الاختلاط الاجتماعي عند الحد الأدنى في الوقت الراهن. وأعلنت الحكومة إن أي شخص يمكنه الاستمرار في العمل من المنزل يجب أن يستمر في ذلك، على أن تبقى المقاهي والمطاعم مغلقة في الوقت الحالي.
كما أعادت الحكومة المدارس الابتدائية تدريجيا للعمل بدءا من 11 مايو/أيار الماضي، وفتحت المدارس الإعدادية بعد من اليوم الإثنين في المناطق الأقل تضررا من وباء كورونا.
وفرضت السلطات على المواطنين ارتداء الكمامات في وسائل النقل العام. وأبقت على قيود السفر بين البر الرئيسي لفرنسا وجزيرة كورسيكا المتوسطية والرحلات الخارجية.
ووفق دير شبيجل، تملك الحكومة الفرنسية خطة واضحة لعودة قيود الإغلاق فورا في حال انتشار المرض بكثافة مجددا.
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA= جزيرة ام اند امز