أوروبا تشتري ود ترامب بالغاز.. هدنة تجميلية أم وأد لحرب تجارية؟
تقترح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن إحدى الطرق لردع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن فرض تعريفات جديدة هي أن تشتري أوروبا المزيد من الغاز الطبيعي المسال من أمريكا.
وخلال حملته الانتخابية تعهد قطب العقارات بإعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة وفرض رسوم جمركية شاملة تصل إلى 20% على الواردات الأمريكية، وتستعد بروكسل للرد بسرعة وبقوة على أي رسوم جمركية يفرضها ترامب لإعادة الجمهوري إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق.
وقالت فون دير لاين بعد اجتماع غير رسمي لقادة الكتلة في بودابست إنه مع عدم إطلاق الطلقة الأولى في الحرب التجارية بعد، فإن الاستجابة الأولى للاتحاد الأوروبي هي الدعوة إلى الانفراج.
وقالت فون دير لاين، عندما سُئلت عن كيفية تجنب رسوم ترامب الجمركية، في إشارة إلى مكالمتها الهاتفية مع الرئيس المنتخب "تمت مناقشة المصالح المشتركة ثم الدخول في المفاوضات".
وشددت فون دير لاين على أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يشتري كميات كبيرة من الطاقة من روسيا، وتساءلت "لماذا لا نستبدلها بالغاز الطبيعي المسال الأمريكي، وهو أرخص بالنسبة لنا ويخفض أسعار الطاقة لدينا، إنه شيء يمكننا من خلاله الدخول في نقاش، وكذلك فيما يتعلق بالعجز التجاري لدينا".
ومن المرجح أن تستلهم فون دير لاين فكرة التوصل إلى اتفاق محتمل من سلفها جان كلود يونكر، الذي صمم هدنة تجميلية للغاية مع ترامب في عام 2018.
خلال فترة ولاية ترامب الأولى تجنب يونكر المزيد من الرسوم الجمركية، من خلال التأكيد للرئيس الأمريكي أن أوروبا سوف تسهل المزيد من واردات الغاز الطبيعي المسال (والمزيد من فول الصويا الأمريكي).
في الواقع، لا تتمتع المفوضية الأوروبية بسلطة حقيقية في تحديد مشتريات الشركات الأوروبية من الغاز الطبيعي المسال وفول الصويا، لكن ترامب كان سعيدا بقبول المسرح السياسي المتمثل في استعراض البيانات التي تشير إلى ارتفاع المشتريات الأوروبية.
وفي النصف الأول من هذا العام قدمت الولايات المتحدة بالفعل نحو 48% من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال، مقارنة بنسبة 16% لروسيا، وفقا لمجلة بوليتيكو.
وقال لوران روسيكاس، المدير التنفيذي لأسواق الغاز في شركة السلع العملاقة ستاندرد آند بورز غلوبال، إن أي صفقة من هذا القبيل بشأن الوقود الأحفوري من المرجح أن تتعلق بالسياسة أكثر من الطاقة.
وقال "الاتحاد الأوروبي لا يشتري الغاز الطبيعي المسال، فهناك سوق عالمي للغاز الطبيعي المسال، ومشتري الغاز الطبيعي المسال لديهم عقودهم الخاصة".
وأضاف "من الممكن بالتأكيد إبرام مذكرة تفاهم للحديث عن زيادة المشتريات، لكن في نهاية المطاف كانت هذه طريقة في الماضي لوضع غلاف سياسي حول شيء تم تقديمه في السوق، والاتحاد الأوروبي يشتري حاليا القدر الذي يحتاجه السوق من الغاز الطبيعي المسال".
وفقا لوكالة مراقبة الطاقة التابعة للاتحاد الأوروبي ACER، فإن طلب الكتلة على الغاز الطبيعي المسال "من المرجح أن يصل إلى ذروته في عام 2024" مع انخفاض استخدام الطاقة الثقيلة الكربون وتوافر البدائل الخضراء.
وفي أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، خفضت موسكو إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا وكثفت المنطقة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، الذي يتم شحنه على متن سفن متخصصة مع الولايات المتحدة كمزود رئيسي.
تفوقت الولايات المتحدة على روسيا كمورد للغاز إلى أوروبا في سبتمبر/أيلول 2022، وأصبحت منذ عام 2023 تمثل نحو خمس إمدادات المنطقة، وفقا لبيانات فايننشال تايمز.
وفي مايو/أيار الماضي، شكلت شحنات الغاز والغاز الطبيعي المسال عبر الأنابيب الروسية 15% من إجمالي الإمدادات إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا وصربيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية، وفقا لبيانات من ICIS.
وأظهرت بيانات ICIS أن الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة يشكل 14% من الإمدادات إلى المنطقة، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس/آب 2022.
وتوقفت روسيا في منتصف عام 2022 عن إرسال الغاز عبر خطوط الأنابيب التي تربطها بشمال غرب أوروبا، لكنها تواصل تقديم الإمدادات عبر خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا وتركيا.
كانت الولايات المتحدة أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في عام 2023، وهو ما يمثل ما يقرب من نصف إجمالي واردات الغاز الطبيعي المسال، وفقا لبيانات من CEDIGAZ.
يمثل العام الماضي العام الثالث على التوالي الذي زودت فيه الولايات المتحدة أوروبا من الغاز الطبيعي المسال أكثر من أي دولة أخرى، بنحو 27%، أو 2.4 مليار قدم مكعبة يوميا، من إجمالي واردات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية في عام 2021، ونحو 44% ما يشكل 6.5 مليار قدم مكعبة يوميا في عام 2022، ونحو 48% ما يعادل 7.1 مليار قدم مكعبة يوميا في عام 2023.
في عام 2023، بلغ متوسط واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال 14.7 مليار قدم مكعبة في اليوم، دون تغيير جوهري عن عام 2022.
سجلت واردات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا أرقاما قياسية جديدة في الفترة من يونيو/حزيران 2022 حتى أبريل/نيسان 2023، عندما بلغت الواردات ذروتها عند 18.1 مليار قدم مكعبة في اليوم.