«قمة بودابست».. أوروبا تلعب بورقة «دراغي» في مواجهة «ترامب»
يبحث زعماء الدول الـ27 المجتمعون في قمة بودابست لإطلاق خطة إصلاح طويلة الأجل، في محاولة لإخراج الاقتصاد الأوروبي من أزمته.
الخطة مستوحاة من مقترح لرئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
قال ماريو دراغي لدى وصوله للمشاركة في قمة بودابست إن ضرورة اعتماد إصلاحات اقتصادية في الاتحاد الأوروبي صارت "أكثر إلحاحا" مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
أضاف دراغي في العاصمة المجرية "إن التوصيات الواردة في هذا التقرير كانت ملحة بالفعل، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الذي نحن فيه اليوم، وصارت أكثر إلحاحا بعد الانتخابات الأمريكية".
يعتبر المشروع هو جوهر الولاية الثانية لأورسولا فون دير لاين، التي أعيد تعيينها هذا الصيف رئيسة للمفوضية الأوروبية، إلا أن المصالح المتباينة والخلافات الأيديولوجية بين الدول الأعضاء قد تهدد نجاحه.
من المتوقع أن تعيد أوروبا إطلاق نموّها بفضل استثمارات ضخمة في مجالات الابتكار الرقمي والتحول إلى الطاقة النظيفة والصناعات الدفاعية، وفق تقديرات ماريو دراغي الواردة في تقرير مؤلف من 400 صفحة قدمه مطلع سبتمبر/أيلول في بروكسل، بحسب فرانس 24.
يظهر تقرير دراغي أن أوروبا تبتعد اقتصاديا عن الولايات المتحدة وتزيد بشكل خطير من اعتمادها على الصين للحصول على مواد خام معينة وتقنيات استراتيجية، كما يشير إلى أن نصيب الفرد من الدخل "ارتفع في الولايات المتحدة إلى نحو الضعف مقارنة بنصيب الفرد من الدخل في أوروبا منذ عام 2000".
معاناة بطيئة
في سبتمبر/أيلول، حذر دراغي من أن الاتحاد الأوروبي سيشهد "معاناة بطيئة" في حال عدم إجراء تغييرات جذرية.
وقال في تقرير من 400 صفحة إنه يتعين على أوروبا العودة إلى تحقيق النمو من خلال ضخ استثمارات ضخمة في الابتكار الرقمي والتحول الأخضر والصناعات الدفاعية.
الإنفاق يتجاوز خطة مارشال
وقدّر دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، الاستثمارات الضرورية في أوروبا بما يتراوح بين 750 و800 مليار يورو سنويا، وهو ما يتخطى خطة مارشال الأمريكية التي دعمت إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
ويمثّل ذلك تحديا كبيرا لدول الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى خفض ديونها وعجز موازناتها.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن رؤساء الدول والحكومات الأوروبية سيصدرون الجمعة إعلانا مشتركا. وقال إن تقرير دراغي يمثل "أساسا ممتازا للعمل، فهو وثيقة ممتازة".
ويقر قادة الاتحاد الأوروبي بأن هناك "حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراء حاسم" في مسودة إعلان مشترك يتناول مجالات العمل الرئيسية التي طرحها ماريو دراغي، من بينها تعزيز السوق الموحدة واتحاد أسواق رأس المال وتنفيذ سياسة تجارية تدافع عن المصالح الأوروبية، وتسهيل تطبيق القوانين.
من الجانب المالي، يدرك القادة الأوروبيون أنه سيكون من الضروري حشد "تمويل عام وخاص على حد سواء"، ويؤكدون أنهم يريدون "استكشاف كل الأدوات والوسائل"، وهي عبارة مثيرة للجدل أثارت وحدها محادثات طويلة.
وتستبعد ألمانيا وبلدان أخرى في شمال أوروبا أي إجراء ينص على ديون مشتركة جديدة، رغم نجاح خطة التعافي التي أقرت لمرحلة ما بعد كوفيد، وبلغت 800 مليار يورو وبدأ تطبيقها في عام 2020.
لكن من الممكن أن تأخذ في الاعتبار عمليات تمويل عامة عبر موازنة الاتحاد الأوروبي أو زيادة اللجوء إلى بنك الاستثمار الأوروبي.
وسيجري التركيز بشكل أكبر على التمويل الخاص من خلال توجيه مدخرات الأوروبيين لتلبية حاجات الشركات وكسر الحواجز الوطنية التي تمنع إنشاء سوق مالية داخلية فعلية.
وبعيدا عن إعلان بودابست، فإن البلدان الأعضاء تخاطر بأن تغرق في مناقشات لا نهاية لها، وبالإضافة إلى مشكلة التمويل تتباين مصالحها بشأن اتحاد أسواق رأس المال، وهي مسألة عالقة بلا حل رغم تكرار طرحها خلال القمم الأوروبية، وبالمثل يتعثر إنشاء اتحاد لصناعات الاتصالات أو الطاقة أو الدفاع منذ سنوات.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg
جزيرة ام اند امز