وثيقة الشراكة الأوروبية- الخليجية.. خارطة مستقبل وخطوة إلى الأمام
تعد وثيقة "العلاقات الاستراتيجية" بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، خطوة كبيرة إلى الأمام، وتدشن مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين.
وفي وقت سابق الإثنين، وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، على وثيقة "العلاقات الاستراتيجية" مع دول الخليج، في اجتماع بلوكسمبورج.
تستند الوثيقة إلى توافق بين المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، صدرت في 18 مايو/أيار الماضي، حول العلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج.
وذكرت وثيقة "العلاقات الاستراتيجية" مع دول الخليج، أن "المجلس الأوروبي يرحب بالتوافق (وثيقة الاتصال) بين المفوضية الأوروبية والممثل السامي للشؤون الخارجية باعتباره خارطة طريق عملية نحو شراكة استراتيجية مع الشركاء الخليجيين، ويدعو إلى تنفيذها بسرعة وفعالية".
الوثيقة التي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، تقول "يعد بناء شراكة استراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء فيه، كجزء من تعزيز مشاركة الاتحاد الأوروبي في المنطقة، أولوية رئيسية للاتحاد الأوروبي".
وأضافت: "يعد التعاون الوثيق والفعال بين الاتحاد الأوروبي والشركاء الخليجيين أمرًا ضروريًا لتحقيق الأهداف الرئيسية للاتحاد الأوروبي، ولا سيما أن تصبح منطقتي الخليج والشرق الأوسط مسالمة ومزدهرة، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي القوي".
نقاط أساسية
وفيما يتعلق بالجانب السياسي، قالت الوثيقة: "يعتبر تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الخليج وكذلك في الشرق الأوسط من الأولويات الرئيسية للاتحاد الأوروبي ويشكلان مصلحة مشتركة مع الشركاء الخليجيين، يجب أن تكون أي جهود لبناء الثقة شاملة".
ولفتت إلى أن "تقدم الخطوات الإيجابية الأخيرة، بما في ذلك استعادة وحدة مجلس التعاون الخليجي، واتفاقيات السلام مع إسرائيل ومبادرات لاستئناف أو تطوير الحوار مع إيران، والاتفاق الأخير بشأن الهدنة وإجراءات بناء الثقة في اليمن، فرص تحسين الأمن والاستقرار الإقليميين على نطاق واسع".
ولم تغفل الوثيقة ملف مكافحة الأيديولوجيات المتطرفة والإرهاب، إذ قالت: "يمكن أن يؤدي انتشار الأيديولوجيات الراديكالية والمتطرفة إلى خلق أرضية خصبة للتطرف العنيف، ويمكن أن يؤدي إلى أعمال عنف".
ومضت قائلة "يجب إيلاء اهتمام خاص لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك لنشر الأيديولوجيات العنيفة والمتطرفة التي تؤدي إلى تأثير أجنبي غير مرغوب فيه على المنظمات المدنية والدينية داخل الاتحاد الأوروبي، ولا سيما من خلال التمويل غير الشفاف".
"إقرار بالأهمية"
وخلال بيان في 18 مايو/أيار الماضي، عددت المفوضية الأوروبية أهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج، وقالت: "تعد الشراكة المعززة مفيدة لكل من الاتحاد الأوروبي والشركاء الخليجيين، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر سوق في العالم، ورائد في البحث والابتكار، وفاعل أمني مهم في منطقة الخليج، والفاعل الرئيسي في التحديات العالمية مثل المناخ. والرقمنة".
وتابعت المفوضية الأوروبية: "يوفر الاتحاد الأوروبي إطارًا ديناميكيًا للتعاون مع شركاء دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز الاستثمارات المستدامة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع وكذلك في أفريقيا".
وأضاف البيان "دول مجلس التعاون الخليجي هي اقتصادات ديناميكية وبوابة مهمة بين أوروبا وآسيا وأفريقيا.. إنهم مزودون موثوقون للغاز الطبيعي المسال ولديهم بعض من أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم".
ولفت إلى أن تطوير موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكن أن يكون أساسيًا في تنفيذ الاستراتيجيات المتبادلة للوفاء بالتزامات المناخ وكذلك الأهداف الاقتصادية.
المفوضية الأوروبية لفتت أيضا في بيانها إلى أن "زيادة التعاون والتبادلات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي سيكون في نهاية المطاف مفيدًا أيضًا لشعوب المنطقتين".
وأوضحت "التعاون الوثيق بين الثقافات، والتنقل للشباب والطلاب، والتعاون في مجال التعليم العالي والتبادلات ستعمل على تحسين التفاهم والثقة المتبادلين".
"خطوة للأمام"
بدوره، قال الخبير الإيطالي، دانييلي روفينيتي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، "تمثل الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج تنفيذًا واضحًا للرؤية الأوروبية فيما يتعلق بالعلاقات مع المنطقة".
وتابع قائلا "إنها خطوة واضحة إلى الأمام.. يُظهر الاتحاد الأوروبي أنه أصبح أكثر وعياً بالدور والبعد الاجتماعي والسياسي لدول الخليج".
ومضى قائلا "القيمة الاقتصادية والتجارية لهذه الشراكة واضحة، فهناك سوق للطاقة بالتأكيد وهناك استثمارات ضخمة وقدرات استيراد وتصدير من وإلى أوروبا".
الخبير الإيطالي قال أيضا، "تمثل الشراكة المخطط لها فهمًا ناضجًا وواقعيًا للدور التحفيزي الذي تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي على نطاق عالمي".
وتابع: "كما أنها تبتعد عن النظر إلى مستقبل العلاقات من خلال التجارة وحدها لتشمل المجالات الأمنية المختلفة والتركيز على الاستقرار.. هذا نهج جديد ومرحب به وذو قيمة إستراتيجية عملاقة وطويلة الأجل في منطقة البحر الأبيض المتوسط الموسعة".
وفي ١٨ مايو/أيار الماضي، توصل ممثل الشؤون الخارجية، جوزيف بوريل، والمفوضية الأوروبية إلى التوافق المشترك، بشأن "شراكة إستراتيجية مع الخليج "بهدف توسيع وتعميق تعاون الاتحاد الأوروبي مع مجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء فيه، قبل أن يصوت وزراء خارجية الاتحاد بالموافقة عليه اليوم الإثنين.