تطور مفاجئ.. أوروبا تقوّض محادثات إيران «عمدا»

في تطور ينذر بعواقب إقليمية وخيمة، تدفع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) نحو تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة العقوبات الدولية على إيران.
رغبة هذه الدول الثلاث تتجاهل حساسية التوقيت حيث تأتي في خضم مفاوضات نووية دقيقة بين طهران وواشنطن، في تصعيد يشكل انحيازاً خطيراً لمسار المواجهة بدلاً من الدبلوماسية، مما يهدد بإجهاض فرصة حقيقية لاحتواء الأزمة، بحسب موقع "ريسبونسبول ستيت كرافت".
وتقود فرنسا هذا المسار المتشدد، معبرة عن موقف صارم يشبه موقفها خلال مفاوضات الاتفاق النووي عام 2015، حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في اجتماع لمجلس الأمن الدولي بأنه إذا لم تنجح المحادثات، فلن تتردد باريس في إعادة فرض جميع العقوبات التي رفعت قبل عقد من الزمن.
كما أضافت تصريحات بارو التي ربطت بين الفوز السينمائي لمخرج إيراني معارض و"مقاومة قمع النظام الإيراني" بعدًا استفزازيًا في توقيت حساس، مما زاد من توتر العلاقات مع طهران.
وقد أظهرت المملكة المتحدة بدورها موقفًا متشدداً، حيث عبر سفيرها لدى واشنطن عن دعم لوقف تخصيب اليورانيوم، وهو مطلب يمثل خطًا أحمر لطهران، مما دفع إيران إلى التحذير من انتهاء المفاوضات مع الدول الأوروبية إذا أصبح هذا المطلب رسميًا.
هذه الخطوات الأوروبية تجد دعما من بعض الصقور في واشنطن الذين يعارضون الاتفاق النووي، مثل السيناتور ماركو روبيو، رغم وجود مسار آخر في الولايات المتحدة يسعى للتوصل إلى اتفاق مع إيران.
لكن انسحاب الولايات المتحدة لا يجعلها طرفًا في الاتفاق ولا تملك صلاحية تفعيل "السناب باك"، ولذا يشجع روبيو الأوروبيين على القيام بذلك بدلاً منه.
ورغم تأكيد باريس على أن الدبلوماسية هي الطريق، فإن تصريحاتها تتوافق مع دعوات لفرض مهلات نهائية وتهديدات عسكرية، وهو ما يثير مخاوف من أن يؤدي الضغط المتزايد إلى تصلب الموقف الإيراني بدلاً من التراجع.
وقد أبدت إيران، رغم رفع تخصيب اليورانيوم إلى نسب تصل إلى 60% استعدادها للتفاوض على تفاصيل فنية مثل سقف التخصيب وفترات الانقضاء وآليات التحقق، وحتى السماح للمفتشين الدوليين بالدخول إلى منشآتها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وهناك مقترحات غير رسمية تم تداولها خلال منتدى حوار طهران، منها تعليق مؤقت للتخصيب وبناء كونسورتيوم إقليمي للتخصيب يضمن حق إيران في ذلك، بالإضافة إلى احتمال إيقاف مؤقت لبعض أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
هذه الديناميات تشير إلى وجود فسحة حقيقية للدبلوماسية، لكن إصرار أوروبا على استخدام آليات الضغط وفرض مهلات غير واقعية قد يقوض هذه الفرص.
تعود خلفية هذا التوجه الأوروبي إلى رغبة في معاقبة إيران على قضايا خارج الملف النووي، مثل علاقاتها العسكرية مع روسيا وانتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى مخاوف من أنشطة استخباراتية إيرانية في أوروبا واحتجاز مواطنين أوروبيين في إيران، مما يزيد من التوتر ويعزز النظرة السلبية لطهران.
لكن ربط هذه القضايا بالملف النووي يهدد بانهيار الاتفاق، إذ لم يكن الاتفاق النووي مصممًا لمعالجة كل المشاكل مع إيران، بل للحد من الانتشار النووي فقط.
وقد حذرت إيران من عواقب وخيمة إذا فعّلت أوروبا "السناب باك"، منها احتمال انسحابها من معاهدة عدم الانتشار النووي، ما سيُفقد الرقابة الدولية على برنامجها النووي، ويقوي التيارات المتشددة داخل إيران، مما يؤدي إلى نتائج عكسية تزيد من التخصيب وتوسع التعاون مع روسيا وتشديد القبضة الأمنية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAxIA== جزيرة ام اند امز