اتفاق السعودية وإيران.. خبراء أوروبيون: أوروبا غائبة وتأثيرات إقليمية
الاتفاق بين إيران والسعودية بمثابة كرة ضخمة تسير باتجاه كثير من الجدران التي شٌدت على استقامتها لسنوات طويلة، ما يعني أن له ما بعده.
وبعد 7 سنوات من إعلان السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، توصل البلدان، الجمعة، إلى اتفاق، برعاية صينية، يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.
ويتضمن الاتفاق "تأكيد الجانبين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
واتفق الجانبان على أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
وفي أوروبا، كان للاتفاق صدى كبير، إذ سرعان ما رحب الاتحاد الأوروبي، السبت، بالاتفاق المعلن بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، أعرب عن "تطلعه إلى تنفيذه"، وفق بيان.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان نشر على موقعه الإلكتروني "يعترف الاتحاد الأوروبي بالجهود الدبلوماسية التي أدت إلى هذه الخطوة المهمة".
ومضى قائلا "نظرًا لأن المملكة العربية السعودية وإيران تمثلان دورًا محوريًا لأمن المنطقة، فإن استئناف علاقاتهما الثنائية يمكن أن يسهم في استقرار المنطقة ككل".
وأضاف "يعتبر تعزيز السلام والاستقرار والحد من التوترات في الشرق الأوسط من الأولويات الرئيسية للاتحاد الأوروبي.. يظل الاتحاد الأوروبي على استعداد للتعامل مع جميع الجهات الفاعلة في المنطقة بأسلوب تدريجي وشامل وبشفافية كاملة".
وبالإضافة إلى الموقف الرسمي، تسارعت التحليلات الأوروبية لقراءة ما وراء سطور البيان الثلاثي المشترك الصادر عن السعودية وإيران والصين، وتأثيرات الاتفاق إقليميا، ومغزاها عالميا.
وفي هذا الإطار، تقول الخبيرة في الشؤون الخليجية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، سينزيا بيانكو، في تغريدة عبر "تويتر"، تابعتها "العين الإخبارية"، إن "تأثيرات الاتفاق بين السعودية وإيران في اليمن ستظهر قريبا"، مضيفة أن "الإعداد للاتفاق بين البلدين استغرق شهورا".
الدكتور سبستيان زونز، الخبير الألماني البارز في الشؤون الخليجية في المجلس الألماني للشؤون الخارجية "بحثي"، رأى في تحليل اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أن الاتفاق بين السعودية وإيران خطوة مهمة على عدة مستويات:
1. تواصل المملكة العربية السعودية سياستها الخارجية البراغماتية: بعد أن تقاربت الرياض مع تركيا وقطر، جاء دور إيران. وفي نظام عالمي متعدد الأقطاب، يعد تنويع السياسة الخارجية ضروريًا للمملكة العربية السعودية.
2. يتعلق الاتفاق مع طهران بحفاظ السعودية على مطالبها بالقيادة السياسية في المنطقة وتأمين المملكة كموقع تجاري جذاب.
3. ترسل الرياض أيضًا إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تتابع أهدافها الخاصة بمزيد من الاستقلالية والثقة. وتبحث عن تعاون أوثق مع الصين.
4. يفتح هذا الاتفاق فرصًا جديدة للحوار الإقليمي، على سبيل المثال في اليمن أو في العراق أو في لبنان.
٥. لم تلعب الولايات المتحدة وأوروبا أي دور في هذا التقارب. وهذا يدل على أن استراتيجية التعامل مع دول الخليج غائبة أيضًا وخاصة في ألمانيا. هذا يحتاج إلى التغيير.
"سر الصين"
بدوره، قال كريم سجادبور، الخبير البارز بمعهد كارنيغي، إن الصين رعت الاتفاق بين السعودية وإيران، لأنها "تريد الاستقرار في الشرق الأوسط لضمان التدفق الحر للطاقة من المنطقة".
وتابع في تغريدات تابعتها "العين الإخبارية" على "تويتر": "يعد خفض التصعيد بين قوتين إقليميتين ومنتجي الطاقة الرئيسيين أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق هذه الأهداف".
وحول الموقف الإيراني، قال سجادبور "إيران في عزلة عميقة، وتعيش تحت ضغط الاحتجاجات، وتعتمد بشكل كبير على الصين استراتيجيا/ اقتصاديا".
وتابع "تقلل هذه الصفقة (مع السعودية) من عزلتها، وتكسب النظام شرعية، وتعزز نفوذ الصين الإقليمي على حساب الولايات المتحدة".
لكنه قال "على الرغم من هذه المصالح المشتركة، فإن التاريخ الحديث، ولا سيما اتفاقيات أوسلو وخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) يعلمنا أن نكون حذرين بشأن تأثير الاتفاقيات في الشرق الأوسط".
ومضى قائلا "لا يزال هناك عدم ثقة عميق بين طهران والرياض لن ينحسر في أي وقت قريب".
الخبير السياسي قال أيضا "سعت الصين إلى أن تكون وسيطًا محايدًا في الشرق الأوسط شديد الاستقطاب، ولكن مع نمو مصالحها في المنطقة، قد يكون من الصعب الدفاع عن هذه المصالح مع البقاء على الحياد".
وأضاف "ربما تكون هذه الصفقة أول مثال دبلوماسي رئيسي لشرق أوسط ما بعد أمريكا (النفوذ الأمريكي)".
aXA6IDE4LjExNy4yMzIuMjE1IA== جزيرة ام اند امز