أنشطة الإخوان في أوروبا.. وزيرة وخبير بارز يجيبان رغم "الخطر"
تنسج شبكات الإخوان الإرهابية خيوطها لتخنق أمن وتماسك مجتمعات أوروبا، وما إن يكشف أحد عن هذه الأنشطة، تطوله التهديدات والرعب.
هذا على وجه الدقة ما أثارته وزيرة الاندماج النمساوية سوزان راب، التي تقود حملة قوية لمكافحة جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها الإخوان منذ سنوات في بلادها، وكذلك الخبير البارز في شؤون الإرهاب، بيتر نويمان.
وفي مقابلة مزدوجة مع صحيفة "كورير" أتيحت بالكامل لقراء الجريدة الورقية، كشفت راب ونويمان عن مدى خطورة الإسلام السياسي في أوروبا، بعد أيام من مؤتمر دولي استضافته فيينا لمكافحة هذه التيارات أوروبيا.
وكدلالة على خطورة شبكات الإخوان في أوروبا، قال نيومان، وفق ما رصدته "العين الإخبارية"، "في ألمانيا، تراقب هيئة حماية الدستور الإخوان، لأن مبادئها من الواضح أنها لا تتوافق مع مجتمع حر وديمقراطي".
ولفت إلى أن "معظم الكفاح ضد هذه المنظمات يجب أن يكون سياسيًا".
الخطر قائم
وحول نعت الإخوان بالإرهابية في أوروبا، قالت راب "هذا ليس بهذه السهولة، لأنه بمجرد أن تسمي الأشياء بمسمياتها، يُطلق عليك على الفور "الإسلاموفوبيا"، وهو أيضًا مصطلح يستخدم في ساحة المكافحة (أي مكافحة الإسلام السياسي) بطريقة هادفة"، في إشارة لاستخدام الإسلام السياسي "الإسلاموفوبيا" لشيطنة منتقديه.
وقالت إنه "حتى الخبراء الذين يكشفون عن الشبكات الأوروبية للإخوان المسلمين، على سبيل المثال، يواجهون تهديدات هائلة.. لست الوحيدة التي كانت تحت الحماية الشخصية (الشرطية) على مدار الساعة لمدة ثلاث سنوات".
وتقصد الوزيرة النمساوية بذلك، أنها خاضعة لحماية شرطية مكثفة في السنوات الثلاث الماضية، إثر موقف وزارتها من الإسلام السياسي وقيادتها حملة قوية لمكافحة هذه التيارات، بما فيها الإخوان الإرهابية.
وردا على سؤال حول "مدى وجود إفراط في اتخاذ إجراءات ضد الإسلاميين بما فيها مداهمات الإخوان"، قالت راب "لا.. أنا أرفض ذلك بشدة، وهذا (أي اتهامات الإفراط) لا يتوافق مع الحقائق أيضًا".
وأضافت: "على العكس: يجب أن نستنفد كل الخيارات القانونية. هذه المنظمات تعارض حكم القانون لدينا وتعارض ديمقراطيتنا الليبرالية.. الكشف عن هذا هو مهمة بالغة الأهمية، والتي تحمي المسلمين في نهاية المطاف أيضًا".
ومضت قائلة "أعتقد أن الوسائل المختارة هي الصحيحة. لكن نعم، من الصعب مقاضاة هذه المنظمات، وفي بعض الأحيان نفتقر إلى الموارد القانونية" اللازمة.
"تهديد متخفٍّ"
وردا على سؤال حول خطورة التنظيمات الإسلاموية في النمسا، قال بيتر نويمان "جماعة الإخوان التي يبدو (ظاهريا) أنها تندمج، ولكنها في الواقع تتبع أجندة تتعارض في النهاية مع المبادئ الليبرالية والديمقراطية".
فيما قالت راب إنها لا تريد مطلقا خطاب الإسلام السياسي الذي يقلل من مكانة النساء في النمسا، مضيفة "عندما يحاول المتطرفون تقسيم مجتمعنا وتثبيت نظام سياسي مختلف، فإن ذلك يشكل أيضًا خطرًا على أولئك المسلمين المسالمين الذين يعيشون وفقًا لقيمنا".
وحول مكافحة أفكار الإسلام السياسي، قالت راب "التعليم والاندماج أفضل وسيلة ضد المجتمعات الموازية. لهذا نحتاج إلى أساس قوي من القيم يميزنا عن الإسلام السياسي".
وتابعت: "بالإضافة إلى ذلك، علينا إخبار المهاجرين بوضوح في دورات القيم واستشارات الاندماج بما ينجح وما لا ينجح في مجتمعنا.. يحتاج الناس إلى الشعور بأنه من الممكن جدًا أن تكون مسلمًا وأوروبيًا، كما يحتاجون إلى فهم ما لا يمكننا أن نتسامح معه".
ورد على سؤال حول مبالغة حزب الشعب الحاكم في تقدير قدرات الإسلام السياسي بالنمسا، قالت راب "لا، انخفاض التهديد الإرهابي الحاد قليلاً، لا يعني أن الوقت غير مناسب للاستثمار في الوقاية.. يجب أن ندرك المخاطر وننشئ مجتمعًا لا مكان فيه للتأثيرات السلبية القادمة من الخارج والتي تفرقنا".
تعاون عابر للحدود
والإثنين الماضي، استضافت وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، مسؤولي عدد من الدول الأوروبية، وخبراء في الإسلام السياسي، في منتدى فيينا الثاني حول التطرف.
ووفق مكتب وزيرة الاندماج، شارك أكثر من 150 خبيرًا من جميع أنحاء أوروبا، إلى جانب سياسيين ودبلوماسيين من اليونان وبلجيكا وفرنسا، في المؤتمر الدولي لمناهضة الفصل والتطرف في فيينا.
وهذا هو المؤتمر الثاني من نوعه في فيينا، بعد مؤتمر أول حول نفس الموضوع، جرى بمشاركة خبراء ومسؤولين من دول أوروبية مختلفة، في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وهدف المؤتمر بالأساس إلى دفع التعاون في مكافحة الإسلام السياسي، بين 11 دولة أوروبية كانت ممثلة فيه بشكل رسمي، بما فيها ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، انطلاقا من أن هذه الظاهرة عابرة للحدود، وتتطلب مكافحتها تعاونا عابرا للحدود.
هذا النشاط، دفع راب للقول قبل انعقاد المؤتمر الثاني، إن النمسا "رسخت نفسها كمركز لمكافحة الإسلام السياسي".
ومنذ 2019، تشن النمسا حملة قوية ضد الإخوان، كأكبر منظمة للإسلام السياسي، بدأت بحظر رموز الجماعة، ثم تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي، لتحليل ومراقبة ورصد أنشطتها في الأراضي النمساوية، ثم فتح تحقيقات قانونية في أنشطتها وتمويلها للإرهاب.