مراكز القوة الناشئة.. 4 تنبؤات للنظام العالمي الجديد
تمثل عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض صدمة أخرى لأوروبا بعد جائحة كورونا وحرب أوكرانيا بسبب سياساته تجاه الناتو والتعريفات الجمركية.
ومع إعادة تأكيد توازن القوى الجديد، من المتوقع أن تظهر أقطاب نفوذ جديدة وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية التي نشرت تنبؤات مجموعة من كبار المفكرين والمؤرخين وعلماء السياسة حول هذه الأقطاب.
عودة وارسو
تنبأ ديزموند دينان أستاذ السياسة العامة في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ماسون بعودة بولندا حيث أدى ظهورها كمركز قوة للاتحاد الأوروبي جزئيًا إلى زوال الركيزة الفرنسية الألمانية التقليدية.
وأشار دينان إلى الأهمية المتزايدة للدول الواقعة على خط المواجهة في أعقاب حرب أوكرانيا، كما أن بولندا تدين بالكثير لتغيير حكومتها في عام 2023 وعودة دونالد توسك لرئاسة الوزراء.
ومؤخرا نشطت الدبلوماسية البولندية، فمثلا استضاف وزير الخارجية رادوسلاف سيكورسكي الشهر الماضي نظراءه من أكبر خمس دول أعضاء في الكتلة والمملكة المتحدة، بهدف بناء الدعم لأوكرانيا بين الدول الأكثر قدرة عسكريًا في أوروبا وذلك بعد يوم واحد فقط من اجتماع مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي.
وبعد أسبوع، انضم توسك إلى قمة زعماء الدول الثماني الشمالية البلطيقية، مما أسفر عن بيان مشترك بشأن التعاون الأمني وشراكة استراتيجية جديدة مع السويد.
ومن الواضح أن نجم بولندا الصاعد يضفي إشراقا على آفاق الاتحاد الأوروبي في وقت مشؤوم كما أن سيكورسكي وهو رجل لكل الفصول سيكون الرجل المناسب للشتاء القادم عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وباعتباره من أنصار العلاقات عبر الأطلسي سيفعل سيكورسكي أي شئ لمنع انخفاض درجة الحرارة بين الجانبين إلى ما دون الصفر فبعدما عمل في واشنطن قبل 20 عاما، يستطيع سيكورسكي أن يستفيد من اتصالاته العديدة لمحاولة تهدئة إدارة ترامب الثانية.
اليسار الجديد
قالت إليانور جانيجا وهو مؤرخة ومذيعة إن 2024 كان عاما صعبا على الناخبين من اليسار ففي كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، شرعت الأحزاب التي كانت في السابق تنتمي إلى يسار الوسط في استبعاد الناشطين اليساريين وتنفير قاعدتهم الانتخابية التقليدية ومع عدم وجود يسار حقيقي للتصويت له، ظل الناخبون اليساريون في منازلهم. وعلى النقيض أظهرت فرنسا إمكانية فوز ائتلاف يساري واسع النطاق.
وتساءلت جانيجا إلى أين يمكن لأولئك الذين يتمنون عالمًا أكثر عدالة وإنصافًا أن يتجهوا للعثور على الأمل والسلطة في عام 2025؟
واعتبرت أن إحدى الحكومات التي يجب مراقبتها هي حكومة المكسيك، حيث تتمتع الرئيسة كلوديا شينباوم حاليًا بنسبة موافقة استثنائية تبلغ 70%+ بعد أول 30 يومًا من توليها منصبها.
وقالت إن الأمور المثيرة للاهتمام أيضًا تتضمن أنصار اليسار مثل السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، الذي تساءل عما إذا كان الديمقراطيون "لديهم أي أفكار حول كيفية مواجهة الأوليغارشية القوية بشكل متزايد والتي تتمتع بقدر كبير من القوة الاقتصادية والسياسية؟" وهو ما يمكن أن يشير إلى بداية مشروع جديد، يسلط الضوء على الالتزام بالمواقف الشعبية للعمال.
أفضل أصدقاء ترامب
اعتبر مايك دنكان وهو مؤلف ومقدم بودكاست تاريخ سياسي أن أكبر المستفيدين من فوز ترامب هم الأثرياء في وادي السيليكون الذين يمتلكون شبكات الاتصالات العالمية.
وأشار دنكان إلى شراء إيلون ماسك لمنصة تويتر حيث قال إنه تلاعب بالخوارزميات لذا يمكن نسب بعض الفضل إليه في انتخاب ترامب وأوضح أن آخرين مثل بيتر ثيل ومارك أندريسن استخدموا ملياراتهم لتمويل شبكات الدعاية اليمينية.
وقال دنكان إن هؤلاء سيتم تمكينهم الآن بشكل أكبر لدفع أجندة ليبرالية زائفة عازمة على تفكيك الدولة التنظيمية وضمان قدرة شركاتهم على فعل ما تريد.
وفي الوقت نفسه، كانت الهجرة العالمية واحدة من أكبر القضايا السياسية على مدى العقد الماضي، وقد أوضح ترامب أنه سيمنع المهاجرين الجدد من دخول البلاد وسيرحل أيضًا ملايين الأشخاص ولتحقيق ذلك سيلجأ إلى المتعصب المناهض للهجرة ستيفن ميلر الذي سيتعاون مع قيصر الحدود الجديد توم هومان.
وعلى الساحة العالمية، سيعمل فوز ترامب أيضا على تمكين زعيمين منخرطين حاليا في صراعات عسكرية هما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع تقليص المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يشعر بحرية أن يفعل ما يريد في غزة.
مؤسسات التعليم العالي
ترى كاترينا فرويو أستاذة العلوم السياسية في معهد الدراسات السياسية أن المؤسسات الأكاديمية، تتطور إلى محفزات قوية للتغيير الاجتماعي وأن الجامعات ستكون في 2025 مركزاً للصراع السياسي.
وقالت إن الحركات الطلابية تعمل اليوم على خلق روابط عابرة للحدود الوطنية لتنسيق النضالات الاجتماعية في ظل أنظمة استبدادية متزايدة وتشمل قضاياها العمل المناخي، وحقوق الإنجاب، والحقوق المدنية وحقوق الإنسان كما اكتسبت توثيقاتها لانتهاكات حقوق الإنسان خاصة في مناطق مثل غزة، اهتمامًا عالميًا، ووصلت إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ومع ذلك، تواجه هذه الحركة ردود فعل عنيفة حيث تستهدف الحملات اليمينية المتطرفة الجامعات بشكل منهجي، لنزع الشرعية عن البحوث التي تتحدى الحقائق التاريخية والمعاصرة غير المريحة مثل علم المناخ، ودراسات النوع الاجتماعي، ونظرية العرق النقدية والأخلاق التكنولوجية وهي المجالات المعرضة للخطر.
وإلى جانب توثيق التدهور البيئي، يطور العلماء والطلاب حلولاً مبتكرة للتنمية المستدامة والتكيف مع المناخ.
وفي الوقت نفسه، برز بحث الذكاء الاصطناعي كمجال بالغ الأهمية حيث تدرس الجامعات التحديات الأخلاقية والعملية العميقة للتنمية التكنولوجية.
وتقدم الجامعات ثِقَلا يوازن التآكل الديمقراطي فهي مساحات لتخيل المستقبل البديل، وتحليل الظلم النظامي وتصور المقاومة الجماعية.