انتخابات الاتحاد الأوروبي.. استفتاء على مستقبل القارة؟
هل يخطط المحافظون في أوروبا للتحالف مع اليمين المتطرف؟ وهل ستحدد انتخابات الغد مستقبل القارة العجوز؟
سؤالان من بين أسئلة أخرى طرحها كاميرون عبادي، نائب رئيس تحرير مجلة "فورين بوليسي"، على آدم توز، كاتب عمود في المجلة ومدير المعهد الأوروبي في جامعة كولومبيا.
واعتبارا من يوم غد وحتى التاسع من يونيو/حزيران الجاري، سيصوت نحو 375 مليون من سكان الاتحاد الأوروبي في الانتخابات التي ستقرر أعضاء البرلمان المقبل البالغ عددهم 720 عضوا.
وسيكون البرلمان الأوروبي والهيئة التشريعية مسؤولين عن إقرار أي قوانين مقترحة للقارة وكذلك الموافقة على تشكيل المفوضية المقبلة، التي تتولى صياغة تلك القوانين وإدارة الكتلة.
والبرلمان هو إحدى المؤسسات السبع الرئيسية في الاتحاد الأوروبي والمؤسسة الوحيدة التي ينتخبها المواطنون بشكل مباشر.
ويلعب البرلمان الأوروبي دورا رئيسيا في الموافقة على التشريعات أو رفضها، وإجراء الرقابة، وتأكيد ميزانية الكتلة لسبع سنوات. بالإضافة إلى ذلك، ستؤدي نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي إلى انتخاب الرئيس القادم للمفوضية الأوروبية (حاليا أورسولا فون دير لاين) والتصويت في هيئة المفوضين الكاملة، الذين يشغل بعضهم مناصب ذات تأثير كبير في العلاقات مع الولايات المتحدة وعبر الأطلسي.
يسأل كاميرون عبادي: يبدو أن يمين الوسط في أوروبا قد تحرك أكثر نحو اليمين في السنوات الأخيرة، بل وربما يستعد للتحالف مع أحزاب اليمين المتطرف بدلا من حزب الخضر والليبراليين. فما الذي يمكن أن ينبئ به ذلك بالنسبة للبرلمان الأوروبي المقبل؟
يقول آدم توز، إن النهج المتردد الذي تتبعه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يعكس حقيقة مفادها بأن جميع استطلاعات الرأي تشير في الانتخابات المقبلة إلى أن الأعضاء الرئيسيين في ائتلافها الحالي، ولا سيما حزب الخضر، من المرجح أن يعانوا من انتكاسات خطيرة للغاية".
ومن ناحية أخرى، فإن الأحزاب القوية الناشئة في إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا أيضا، ربما تكون من أحزاب اليمين المتطرف.
التنفيس عن الغضب
ووفق توز، تشكل انتخابات البرلمان الأوروبي في عموم الأمر مناسبة للأوروبيين للتنفيس عن غضبهم السياسي، في اقتراع يمكن أن يسمى "التصويت الاحتجاجي".
ويشير توز أيضا إلى أن اليمين المتطرف لطالما يتمتع بتمثيل قوي في البرلمان الأوروبي، وسوف يصبح أقوى هذا العام.
وفي هذا الصدد، يشير إلى وجود تأثير كبير لشغل المنصب، ضاربا المثل بـ"مارين لوبان" رمز المعارضة الدائمة في فرنسا، والتي تتوحد جميع الأحزاب الأخرى هناك لضمان عدم توليها سدة الرئاسة، في الوقت الذي نجحت فيه جورجيا ميلوني في الفوز برئاسة الوزراء في إيطاليا وأثبتت أنها شخصية قادرة على التفاوض نسبيا في هذا الدور.
وهنا يطرح مدير المعهد الأوروبي في جامعة كولومبيا، سؤالًا حول كيفية تنفيذ ذلك، مشيرا إلى وجود مرشح يتحين الفرصة، ليحل محل دير لاين كرئيس للمفوضية، وهو ماريو دراجي محافظ البنك المركزي السابق المنتمي إلى الوسط ورئيس وزراء إيطاليا السابق، الذي سيحظى بقبول واسع لدى الإيطاليين، وهو ما يعني أنه سيحظى بتأييد ميلوني، حتى وإن كان وسطيا، أو ربما في مكان على يسار فون دير لاين، ولذلك فهو يشكل خطرا حقيقيا عليها، بحسب توز.
في الهجرة يكمن الجواب
لكن على أي حال، وبغض النظر عن هذه المناورة، فمن الواضح جدا أن أجندة المفوضية وكذلك السياسة الأوروبية التي ركزت على البيئة عام 2019، استبدلت في دورة الانتخابية الحالية، بأجندة تعطي الأولوية للدفاع والهجرة كقضايا رئيسية، وهو الأمر الذي يثبت بنظر توز أن هناك انجرافا بشأن تلك القضايا نحو اليمين.
وفي هذا السياق، أوضح توز أن البرلمان الأوروبي يعكس سياسة أوروبية من نوع ما، لها أحزاب وأجندات وشخصيات معروفة. وهناك مناورات جادة للغاية تجري الآن على مستوى بروكسل وبين الحكومات الوطنية.
وحول تفسير الربط بين قضيتي المناخ والهجرة، لفت توز إلى أن سكان الاتحاد الأوروبي باتوا يولون قدرا أكبر من الأهمية للهجرة من اهتمامهم بالاقتصاد، ومن ثم ليس من المستغرب أن ترى خبراء المناورات الانتخابية يحاولون استقطاب الناخبين بهاتين القضيتين.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS"، يواجه البرلمان الأوروبي مفارقة بينما يواجه انتخاباته المباشرة العاشرة، إذ نادرا ما يضع المواطنون مثل هذه التوقعات العالية على ما يستطيع الاتحاد الأوروبي أو ينبغي له أن يحققه.
ومع ذلك، فإن الانتخابات سوف تجري في المقام الأول على أساس خطوط سياسية وطنية، إذ ستستغل العديد من الأحزاب القضايا الوطنية أو السخط ضد شاغلي المناصب للحصول على الأصوات.
ولفت المركز إلى أن الطموحات كبيرة في العديد من الدول الأعضاء بشأن ما يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يفعله من أجل مستقبل مواطنيه في عالم غير آمن على نحو متزايد.
وعلى الرغم من أن المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي سيكونان المؤسستين الرئيسيتين لبدء وتمرير التشريعات المتعلقة بجميع هذه المجالات، فإن البرلمان الأوروبي لديه دور مهم يلعبه كمشرع مشارك.
وأشار المركز إلى استطلاعات الرأي الحالية التي تتوقع تحقيق مكاسب للأحزاب ذات الميول اليمينية واليمين المتطرف.
ورغم أنه من المتوقع أن يظل الوسط السياسي التقليدي متماسكا، فمن المرجح أن يؤثر هذا التغيير على عملية صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي، وفق المركز.