الانتخابات الأوروبية.. مخاوف من اكتساح اليمين الشعبوي
التوجه العام لنوايا التصويت يظهر أن الشعبويين اليمينيين قد يحرزون تقدما واضحا بحصولهم على 20% على الأقل من المقاعد.
انتخابات حاسمة بدأت، الخميس، وتشمل دول الاتحاد الأوروبي الـ28 بما فيها بريطانيا، لاختيار نواب برلمان التكتل الـ751، في مسار انتخابي مشحون بمخاوف من صعود اليمين الشعبوي، بما يمنح هذا التيار المتطرف تأشيرة عرقلة الأجندة الأوروبية في عقر دارها.
- انتخابات البرلمان الأوروبي.. بدء الاقتراع ببريطانيا وهولندا
- انتخابات البرلمان الأوروبي.. مخاوف من بريكست واليمين المتطرف
نحو 500 مليون ناخب أوروبي مدعوون، ولمدة 3 أيام، للإدلاء بأصواتهم، في اقتراع نابض على شتى الاحتمالات، بعد مرور أكثر من 60 عاما على تأسيس البرلمان الأوروبي كمؤسسة تشريعية مشتركة لدول القارة العجوز المنضوية ضمن الاتحاد الأوروبي.
الشعبويون.. هل يسيطرون على أوروبا؟
ورغم أن السياق يختلف من بلد لآخر، فإن التوجه العام لنوايا التصويت في الانتخابات الأوروبية يظهر أن الشعبويين اليمينيين قد يحرزون تقدما واضحا بحصولهم على 20% على الأقل من المقاعد تتوزع على ثلاث كتل.
ففي بريطانيا على سبيل المثال، بدأ التصويت في وقت تستعد فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي للاستقالة، وفي سياق استفاد فيه اليمين المتطرف من تناحر الأحزاب المؤيدة للاتحاد الأوروبي.
وفي هذا البلد الذي يمتلك 73 مقعدا بالبرلمان الأوروبي، والذي من المفترض أن يخرج من التكتل بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تسود توقعات بفوز حزب «بريكست» المناهض لأوروبا بأغلبية حصة البلاد ببرلمان التكتل.
مقاربة تنضح تضاربا، وتثير استفهامات حول المغزى من فوز حزب مناهض للتكتل في انتخابات المؤسسة التشريعية التي ترسم سياسات الاتحاد، لكن الإجابة تبدو بديهية، فحصول اليمين المتطرف على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان الأوروبي يمنحه ثقلا على مستوى القرار، وهذا ما يرنو إليه التيار المتطرف الرامي إلى إفشال الاتحاد الأوروبي.
سياسة يمينية موحدة؟
على المستوى الأوروبي، الأمر يبدو صعبا، وفق الخبراء، إن لم يكن مستحيلا، فالتيار الشعبوي الذي يبني آماله على عقد تحالفات على غرار ما هو عليه الحال في النمسا بين المسيحيين الديمقراطيين والشعبويين اليمينيين، لا يبدو أنه سيكون قادرا على فعل ذلك أوروبيا.
فالكتل الكبيرة مثل المسيحيين الديمقراطيين والاشتراكيين الديمقراطيين، استبعدت أي تقارب مع الشعبويين.
يانيس إيمانوليديس، خبير الاتحاد الأوروبي، استبعد في حديث نقله إعلام دولي، أي تحالف من شأنه أن يجمع المشككين في الاتحاد الأوروبي والقوميين والشعوبيين اليمينيين في تكتل كبير بالبرلمان الأوروبي الجديد.
وقال إنه «رغم محاولات اليمينيين بالظهور متحدين، فإنهم يواجهون في الكواليس خلافات وانقسامات كبيرة بين هذه القوى المناهضة للاتحاد الأوروبي».
وخلص إلى أن تلك الخلافات الجوهرية بين اليمينيين تجعل حدوث تحالفات بينهم على المستوى الأوروبي «أمرا صعبا للغاية».
وبالنسبة للخبير، فإن الشعبويين اليمينيين سيحصلون على مصدر قوة إضافي عقب الانتخابات البرلمانية الحالية، لكنهم لن يتمكنوا من تشكيل تحالف مستمر قادر على العمل من أجل تغيير أوروبا.
النمسا وفضيحة حزب "الحرية"
ويتساءل مراقبون عما إن كانت فضيحة حزب "الحرية" الشعبوي ستؤثر سلبا على نوايا التصويت له بالانتخابات الأوروبية، أما أن اليمينيين سيقلبون الأحداث ويوظفونها لصالحهم.
والأسبوع الماضي، قدم زعيم الحزب وتيار اليمين القومي النمساوي كريستيان شتراخه، استقالته، تحت وطأة فضيحة مقطع فيديو ظهر فيه ويتضمن مساومات روسية له، قبل أن يعلن الحزب استقالة جميع وزرائه من الحكومة.
النائب الأوروبي من الحزب الاشتراكي النمساوي ينس جايير اعتبر أنه يتعين على «الناخبين التفكير مليا قبل منح أصواتهم لأشخاص يبيعون بلدهم ويريدون تفريغ الديمقراطية».
وأضاف جايير، في تصريحات إعلامية، أن الأمر «لن يكون تصويتا احتجاجيا، بل لعبا بالنار».
وعموما، يرى محللون أن فضيحة الحزب الشعبوي ستكون لها ارتدادات في النمسا، إلا أن حجم هذه التداعيات يظل غير معروف، طالما أن الناخبين عموما لا ينظرون للاقتراع الأوروبي بنفس العين التي ينظرون بها للانتخابات الوطنية.
كما أن محاولات الحزب توظيف فضيحته عبر إظهار نفسه ضحية لإعلام اليسار، قد تحصد ثمار التعاطف الشعبي، ما من شأنه أن يقلب المعادلة، ويحول فضيحته إلى حملة دعائية ناجحة تؤمن له رصيدا انتخابيا مهما.
aXA6IDMuMTQyLjEzMS41MSA= جزيرة ام اند امز