القمة الأوروبية.. تسليح أوكرانيا وعلاقات "الصين وروسيا" أبرز الملفات
قمة جديدة لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الخميس، تستمر ليومين يتصدرها عدة ملفات رئيسية، أبرزها دعم تسليح أوكرانيا ومناقشة استراتيجية التكتل حيال الصين في ظل تنامي العلاقات مع روسيا وكذلك الخلاف بين أكبر عضوين في التكتل.
وتلقي الخلافات الفرنسية الألمانية بشأن موقع الطاقة النووية في مكافحة تغيّر المناخ وحظر محرّكات الاحتراق الداخلي في عام 2035، بظلالها على قمّة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي.
قادة الدول الـ27 يناقشون في بروكسل أيضا أزمة أوكرانيا ووسائل تعزيز القدرة التنافسية لدى الاقتصاد الأوروبي، وفقاً للنقاط المدرجة رسمياً على جدول الأعمال غير أن الخلافات الأخيرة حول السيارات والقطاع النووي ستفرض نفسها على النقاشات، بحسب الدبلوماسيين.
أوكرانيا والهجرة غير الشرعية
ووفق رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، فإن الأزمات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا كأزمتي الطاقة والهجرة والحرب نفسها ستكون على رأس أجندة القمة الأوروبية.
وفي كلمة أمام مجلس الشيوخ، قالت ميلوني: "لقد رأيت الكثير من الجدل حول الدور الذي يمكن أن يلعبه الصراع في أوكرانيا في زعزعة استقرار القارة الأفريقية: إنها قضايا تتطلب التركيز والاهتمام، لقد رأينا كيف تم استخدام تدفقات الهجرة كسلاح ابتزاز، وأنا أفكر في الحدود بين بولندا وبيلاروسيا قبل اندلاع الحرب مباشرة، وأعتقد أنها حالة خاصة تتطلب اتباع نهج متعمق".
رئيسة وزراء إيطاليا أكدت أنه "في هذه المرحلة المعقدة، الاتحاد الأوروبي مدعو لمواجهة المهمة الأكثر صعوبة في العقود الأخيرة، وهي ضمان أمن القارة التي يهددها العدوان الروسي على أوكرانيا، وحماية نسيجنا الاقتصادي، والاستعداد للتغييرات الجذرية التي يمكن أن تظهر على المستوى الدولي، والتي علمتنا هذه المرة ألا نأخذها كأمر مسلم به".
علاقات الصين وروسيا
ونقلت رويترز أمس عن مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي، ردا على سؤال حول ما إذا كان قادة الاتحاد الأوروبي يعتزمون مناقشة زيارة الرئيس الصيني إلى موسكو، قوله إن "موضوع الصين سيتم التطرق إليه عند مناقشة موضوعات مثل قضايا التجارة".
وأضاف "أيضا عند مناقشة الوضع في أوكرانيا، السؤال المهم هنا هل من الممكن للصين أن تقدم مساعدات عسكرية لروسيا".
فرنسا وألمانيا
ومن المتوقع عقد اجتماع ثنائي بين فرنسا وألمانيا صباح الجمعة، في الوقت الذي تشهد العلاقات بين القوتين الأوروبيتين توترات منذ أشهر.
ويأتي ذلك فيما يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون احتجاجات عنيفة في فرنسا على إصلاح قانون التقاعد، وبينما يواجه المستشار الألماني استطلاعات رأي متذبذة إضافة إلى انقسامات في ائتلافه.
وبرز خلاف بين فرنسا وبرلين الأسبوع الماضي حول مكانة الطاقة النووية في مقترح للمفوضية الأوروبية بشأن السياسات الصناعية.
وتريد فرنسا وحوالي عشرة دول أخرى تعتمد على هذه التكنولوجيا، الحصول على اعتراف بالطاقة النووية في إطار الوسائل التي سيتم دعمها لإزالة الكربون من الاقتصاد، وذلك على عكس موقف ألمانيا ودول أخرى مناهضة للطاقة النووية.
في النهاية، حصلت باريس على ذكر الطاقة النووية ضمن الخطّة، منتزعة انتصارا رمزيا، ولكن على المستوى العملي لن يستفيد هذا القطاع تقريبا من أيّ من الإجراءات التي تنصّ عليها الخطّة، مثل تسريع إجراءات ترخيص المشاريع أو تسهيلات التمويل الذي تستفيد منه الطاقات المتجدّدة.
ويبدو أنّ معركة تلوح في الأفق لإعادة صياغة النص داخل المجلس الذي يجمع الدول الـ27 الأعضاء وفي البرلمان الأوروبي.
برلين تصدم شركاءها
كذلك، تبرز السيارات بين نقاط الخلاف الأخرى، فقد أحدثت ألمانيا صدمة لدى شركائها مطلع مارس/آذار عبر منع نصّ رئيسي لخطّة الاتحاد الأوروبي بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات، كانت قد وافقت عليه سابقاً.
وكان هذا النص الذي يفرض المحرّكات الكهربائية بنسبة 100% للمركبات الجديدة انطلاقاً من عام 2035، موضوع اتفاق في تشرين الأول/أكتوبر بين الدول الأعضاء ومفاوضي البرلمان الأوروبي، كما تمّت الموافقة عليه رسمياً في منتصف شباط/فبراير خلال جلسة عامّة للبرلمان الأوروبي.
ولتبرير تغيير موقفها، وهو ما يعتبر نادر الحدوث في مرحلة كهذه من الإجراء، طالبت ألمانيا المفوضية الأوروبية بتقديم اقتراح يفتح الطريق أمام المركبات التي تعمل على الوقود الاصطناعي.
وتتضمّن هذه التكنولوجيا، التي لا تزال قيد التطوير، إنتاج الوقود من ثاني أكسيد الكربون الناتج من الأنشطة الصناعية، عبر استخدام كهرباء منخفضة الكربون، ويمكن أن تسمح باستخدام المحرّكات ذات الاحتراق الداخلي بعد عام 2035، في الوقت الذي تحظى فيه بدعم الشركات المصنّعة الألمانية والإيطالية.
وتقود السلطة التنفيذية الأوروبية نقاشات معقّدة مع برلين للعثور على مخرج لهذه الأزمة. وتتمحور الفكرة حول الإشارة في نصّ منفصل إلى كيفية إمكان الاتحاد الأوروبي إعطاء ضوء أخضر للوقود الصناعي، من دون وضع أهداف خفض ثاني أكسيد الكربون قيد التشكيك.
وتواجه هذه التكنولوجيا انتقادات حادّة من المنظمات البيئية، التي تعتبرها مكلفة وتستهلك الكثير من الطاقة وملوثة للبيئة.
ويأتي الموقف الألماني نتيجة تحرّك لليبراليي الحزب الديموقراطي الحر (FDP) الذين يتطلّعون إلى الاستفادة من عدم شعبية إلغاء السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل.
ويخشى عدد من المسؤولين من التشكيك في إجراءات الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يمكن أن يعرقل عدداً من النصوص الأخرى، خصوصاً خطّة المناخ الأوروبية، في حال حذت دول أخرى حذو ألمانيا.
وقال دبلوماسي أوروبي "إنها مسألة داخلية للسياسة الألمانية وصلت إلى أوروبا". وأضاف "ليس من الجيد التدخّل مجدّداً في النقاش، في الوقت الذي توصّل فيه البرلمان والدول الأعضاء إلى اتفاق. لا يمكننا إدارة أعمالنا بهذه الطريقة".
من جهته، قال وزير النقل الفرنسي كليمان بون "لا نأمل في إعادة فتح الموضوع، كما لا نأمل في العودة إلى (مناقشة) تاريخ الـ2035".