الاتحاد الأوروبي يفتح حدوده.. وشركات الطيران تشق ضباب كورونا
رئيس مجلس إدارة طيران الإمارات، أكبر شركة طيران في الشرق الأوسط، تيم كلارك يتوقع أن تستغرق عودة قطاع الطيران لطبيعته 4 سنوات
يبدأ الاتحاد الأوروبي في الفتح الجزئي لحدوده الخارجية أمام السياح عقب ظهور مؤشرات لانحسار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وفي الوقت نفسه تتأهب شركات الطيران للعودة للتحليق مجددا رغم الضبابية التي تتعرض لها بسبب تداعيات الفيروس، وسط ترجيحات بأن القطاع لن يسترد عافيته إلا بعد سنوات.
وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء أن المفوضية ستنشر الأسبوع المقبل مقترحاتها لرفع "تدريجي وجزئي" للقيود المفروضة على السفر خارج حدود الاتحاد اعتبارا من الأول من يوليو/تموز.
وقال بوريل إن الأمر يتعلق برفع القيود مع بعض الدول، على أن تؤخذ في الاعتبار "بعض المبادئ والمعايير" وعبر الاستناد إلى "طرح مشترك" بين الدول الأعضاء.
شركات الطيران تحلق مجددا
تواجه شركات الطيران صعوبات في استئناف عملها بعدما شلّها فيروس كورونا المستجد، بين طواقم لا تتبلّغ وجهتها إلا قبل ساعات من الإقلاع، وطيارين يحافظون على مستوى أدائهم من خلال رحلات بلا ركّاب أو أجهزة لمحاكاة الطيران.
وقد تستغرق العودة إلى الوضع الطبيعي للملاحة الجوية عدة سنوات.
وأوضح رئيس شركة لوفتهانزا، أكبر مجموعة طيران أوروبية، كارستن شبور "لم يعد هناك عمليا جداول عمل ثابتة، بل مجرّد جهوزية" من جانب الطواقم.
وقال: "يعلمون متى ينبغي أن يحضروا إلى المطار، ويتم إبلاغهم بالوجهة قبل بضع ساعات" فقط، مشيرا إلى أن هذه الوسائل المستخدمة حتى الآن في حالات استثنائية "باتت هي القاعدة".
ويواجه هذا القطاع تحديا هائلا في وقت يعاود نشاطه.
فقد توقف بشكل شبه تام لأكثر من شهرين، مع برنامج رحلات مشابه لما كان عليه في الخمسينات، أي بالنسبة للوفتهانزا بمعدل ثلاثة آلاف راكب يومي عوضا عن 350 ألفا.
آفاق غامضة
والمشكلة بحسب ما أفاد متحدث باسم شركة الاتحاد التابعة لأبوظبي أن "إمكانية التكهن بالطلب أدنى بكثير من العادة في الوقت الحاضر"، الأمر الذي يمنع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي الذي كان يعوَّل عليه قبل الأزمة لجدولة الرحلات.
وأوضح المدير المالي لشركة لوفتهانزا تورستن ديركس أن "البيانات التي تم جمعها على مدى عقود لم يعد يمكن استخدامها، أقلّه في مستقبل قريب" و"ينبغي إعادة تلقين كل شيء" للخوارزميّة المطبقة.
وفي انتظار تحقيق ذلك يبقى الذكاء البشري "أسرع وأكثر مرونة" بحسب ديركس.
ويتم إلغاء بعض الرحلات عشية موعدها لعدم الحصول على إذن بالهبوط، وهو ما حصل لأول رحلة كانت تعتزم لوفتهانزا تسييرها إلى الهند.
في المقابل، يتبيّن في اللحظة الأخيرة أن الطلب على رحلات أخرى أكبر مما كان متوقعا. ففي نهاية آخر أسبوع من أيار/مايو، حجز مدير شركة لوفتهانزا على رحلة لقضاء عطلة مع عائلته، غير أنه وجد نفسه على لائحة انتظار تضم سبعين شخصا.
وأوضح أنه تحتّم "إضافة طائرة ثانية فجأة بموازاة" الرحلة المقررة.
وفي أشدّ الأزمة، كانت 700 طائرة من أصل أسطول لوفتهانزا المؤلف من 763 طائرة مسمّرة أرضا، مصفوفة بالعشرات على مدرج مطار فرانكفورت وحتى على مدرج هبوط.
وقالت المتحدثة باسم المجموعة لارا ماتوشيك، إن الطائرات المتوقفة منذ أقل من 3 أشهر "يمكن تحريكها في يوم أو يومين"، بحسب وكالة فرانس برس.
أما الطائرات المتوقفة منذ فترة أطول، فتكون محركاتها في "التخزين العميق" بحسب التعبير المستخدم وقالت المتحدثة إن "آلية إعادة تحريكها أكثر تعقيدا وتستغرق أحيانا فترة تصل إلى 4 أسابيع".
كذلك يتحتّم الحفاظ على مستوى أداء الطواقم. لذلك يقوم طيارو شركتي ترانس إير في السنغال برحلات بدون ركاب للحفاظ على تراخيصهم.
أما شركة الاتحاد ، فتنظم لطياريها دورات تدريب على أجهزة لمحاكاة الطيران "كل 45 يوما" لـ"ضمان الحفاظ على مهارة التشغيل طوال فترة الجمود المطولة هذه".
واغتنمت الشركة توقف طائراتها للقيام بـ"برنامج صيانة لطائراتها هو الأكثر شمولا في تاريخها" في وقت كان 80% من أسطولها مسمّرا أرضا في أبريل/نيسان.
عودة الوضع إلى طبيعته خلال 4 سنوات
وتبقى عودة النشاط بطيئة في باقي العالم. ويتوقع رئيس مجلس إدارة طيران الإمارات، أكبر شركة طيران في الشرق الأوسط، تيم كلارك أن يستغرق الأمر 4 سنوات لعودة الأوضاع إلى طبيعتها.
وتعتزم الخطوط الجوية السنغافورية التي يستغرق إعادة تنشيط أسطولها "ما بين بضعة أيام وأسبوع بحسب طراز الطائرة"، اقتراح 12 وجهة إضافية اعتبارا من يونيو/حزيران ويوليو/تموز.
لكن مع تسيير رحلات إلى 32 وجهة فقط من أصل 135 وجهة في الأوضاع الطبيعية، فإن المجموعة الآسيوية لا تعمل سوى بـ6% من طاقاتها.
وفي اليابان، تستأنف شركتا "الخطوط الجوية اليابانية" و"خطوط أول نيبون الجوية" نشاطهما بصورة "تدريجية"، فتعرضا 30% من رحلاتهما الاعتيادية في يونيو/حزيران مقابل 15% فقط في مايو/آيار.
أما لوفتهانزا، فسوف تستأنف رحلات بحلول أيلول/سبتمبر إلى 91% من وجهاتها للرحلات القصيرة و70% للرحلات الطويلة، لكن حجم العرض لن يتخطى بمجمله 40% من الرحلات الاعتيادية.
ومع إبلاغ الركاب بإلغاء رحلات قبل أسابيع قليلة من موعدها، يواجه جهاز خدمة الزبائن على الهاتف سيلا من الاتصالات. وقال شبور إن الشركة تنفق حاليا مئات ملايين اليورو في الشهر لإعادة تسديد ثمن البطاقات.
ويعمل النظام المعتمد في هذه المرحلة بشكل جيد، لكن شبور قال "حين نحاول إدارة شركة مثل شركتنا لتحقيق أرباح، فليس هذا نهجا مستديما".