"خدود البقر" تجمع قادة أوروبا.. و"الدفاع المستقل" يفرقهم

بدت خدود البقر على قائمة عشاء زعماء الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا، مهيأة بعناية أكبر من النقاش حول قوة دفاع مستقلة.
فعشاء العمل في قلعة "بردو" خارج العاصمة السلوفينية لوبليانا، فشل في جمع القادة الأوروبيين على رأي واحد في تشكيل قوة دفاع مستقلة، على الرغم من الغضب الناتج عن الانسحاب الفوضوي لقوات الغرب من أفغانستان، وحافز جديد لدى فرنسا، بعد استبعادها من اتفاقية استراتيجية أمريكية.
ووفقا للقائمة التي نشرتها وسائل إعلام غربية، فقد تم طهي اللحم البقري لمدة 13 ساعة عند درجة حرارة دقيقة تبلغ 74 درجة مئوية، مع صلصة من البطاطس المدخنة ومرق اللحم.
وجبةٌ لم تنجح في سد الخلاف العميق وطويل الأمد حول ما إذا كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي التركيز على بناء قدراته العسكرية أو تعزيز الاعتماد على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
وكالة "رويترز" نقلت عن دبلوماسيين أن القادة الذين اجتمعوا على العشاء في سلوفينيا، أمس الثلاثاء، انقسموا إلى معسكرين تقليديين؛ الأول دول شرقية تخشى روسيا وتريد تقوية أوروبا في إطار حلف شمال الأطلسي، والثاني بقيادة ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا؛ يريد قدرات أكثر قوة للاتحاد الأوروبي.
وقبل عشاء سلوفينيا، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحفيين إنه يتعين على التكتل الذي يضم 27 دولة بذل المزيد لمواجهة الأزمات على حدوده، وأن يكون مسؤولا عن أمنه.
حلقة أصدقاء تنتظر الانضمام
وسينضم قادة دول البلقان الست، صربيا والجبل الأسود والبوسنة ومقدونيا الشمالية وكوسوفو وألبانيا، إلى قادة الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء، في إطار استراتيجية طويلة الأمد للتكتل تهدف لتكوين "حلقة من الأصدقاء" من جنوب شرق أوروبا وشمال أفريقيا.
لكن يستبعد تحقيق أي اختراق خلال اللقاء مع قادة كل من ألبانيا والبوسنة وصربيا ومونتينيجرو وجمهورية مقدونيا الشمالية وكوسوفو بشأن الطريق الشاق أمام هذه الدول للانضمام إلى النادي الأوروبي.
في الأثناء، يزداد القلق من احتمال اختيار بعض الدول المرشحة لعضوية التكتل التقرّب من روسيا والصين كرد فعل على التململ الناجم عن الانتظار عبثا لسنوات فتح الاتحاد الأوروبي أبوابه أمامها.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي "إنها لحظة مناسبة لنكون حازمين ونوضح أن الاتحاد الأوروبي سيبقى أكبر جهة مانحة للمنطقة"، مضيفا: "لا يزال الاتحاد الأوروبي المستثمر الرئيسي في المنطقة وأقرب شريك تجاري" لها.
عقبات اللغة والتاريخ و"زفاف" مؤجل
طرأ جمود في السنوات الأخيرة على مساعي الاتحاد الأوروبي للتوسّع بعدما كان الأمر ضمن أولوياته، إذ تخشى بعض الدول الأغنى من تسبب ذلك في موجة هجرة جديدة فيما يجد بعض المتقدّمين بطلبات الانضمام صعوبة في تطبيق الإصلاحات المفروضة.
وفي البداية، عرقلت فرنسا والدنمارك وهولندا في 2019 المحادثات بشأن انضمام ألبانيا وجمهورية مقدونيا الشمالية.
واليوم، باتت بلغاريا العقبة الرئيسية أمام تحقيق أي تقدّم في هذا الصدد، إذ رفضت السماح لمقدونيا الشمالية إطلاق العملية نظرا لنزاع بشأن اللغة والتاريخ.
وخلال جولة في المنطقة الأسبوع الماضي، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن أملها في إطلاق محادثات مع مقدونيا الشمالية وألبانيا العام الجاري، بعد انتخابات بلغاريا.
ورد رئيس الوزراء الألباني إيدي راما بالقول "استعددنا لحفل الزفاف عدة مرات.. لكن المدعوين لم يأتوا". وتابع: "لم نعد نحضّر لحفل الزفاف، لكننا نواصل التعبير عن حبّنا".
إغراء مالي وانتصار "صغير"
ويؤكد الاتحاد الأوروبي في مسودة البيان الختامي التي اطلعت عليها وكالة "فرانس برس" أنه ملتزم بعملية التوسيع، وهي فقرة لم تكتب إلا بعد سجالات حامية في أوساط الدول الأعضاء في التكتل.
ويدرس الاتحاد الأوروبي اتفاقا اقتصاديا من شأنه تقديم حزمة "غير مسبوقة" تصل قيمتها إلى 30 مليار يورو (35 مليار دولار) إلى المنطقة.
كما تعهّد مسؤولون بنتائج "ملموسة" لسكان البلقان، مثل تحسين معدلات التطعيم لتصل إلى تلك المسجّلة في دول الاتحاد العام الجاري وإلغاء رسوم التجوال على الهواتف المحمولة.
وحققت بروكسل انتصارا دبلوماسيا صغيرا قبيل القمة عندما لعبت دور وساطة لتخفيف حدة التوتر بين صربيا وكوسوفو بشأن لوحات رخص السيارات.
واختلف البلدان الخصمان سابقا على مدى أسبوعين بعدما منعت كوسوفو السيارات التي تحمل لوحات رخص تسجيل صربية من دخول أراضيها.
وكان النزاع الأخير بين صربيا وكوسوفو التي يتحدر غالبية سكانها من أصول ألبانية، الأسوأ منذ سنوات. ويدور خلاف بين البلدين بشأن قضية الأقلية الصربية في كوسوفو التي تعد بالغة الحساسية.
وأعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا سنة 2008، بعد حرب استمرت على مدى عقد بين مجموعات من العرقية الألبانية تسعى للاستقلال وقوات صربية.
واعترفت نحو مئة دولة، بما فيها جميع دول الاتحاد الأوروبي باستثناء خمس، بالخطوة. ولم تعترف بها صربيا ولا حليفتاها الصين وروسيا.
وفشل الحوار الذي رعاه الاتحاد الأوروبي بين البلدين الجارين في البلقان وانطلق قبل عقد، في تطبيع العلاقات بينهما حتى الآن.