أزمة ديون إيفرجراند.. "تيتانيك العقارات الصينية" تحاول تعويم نفسها
"لقد سرقتم كل أموالي.. لو لم تعطوني مالي سأرمي نفسي من فوق البرج" كلمات عميلة لـ"إيفرجراند" أثناء احتجاجها على توقف مشروعات الشركة.
ولا يزال 1.4 مليون من مساكن مجموعة إيفرجراند (Evergrande Group) غير منجز، ما أثار استياء الكثير من الذين اشتروا هذه العقارات.
وانهار سهم إيفرجراند منذ بداية العام الجاري لدى بورصات هونج كونج وشنجن وشنجهاي، وفقد نحو 85% من قيمته، حيث جاء الانهيار بالتزامن مع تراكم ديون (ثاني أكبر مجموعة عقارية في الصين) إلى قرابة 572 مليار دولار كقروض من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، منها 240 مليار دولار مستحقة في أقل من عام واحد.
وتحاول إدارة مجموعة إيفرجراند (تيتانيك العقارات الصينية) الذي على شفا الإفلاس، سداد جزء بسيط من ديونها، في محاولة لوقف نزيف الخسائر ولو بشكل مؤقت.
وأعلنت مجموعة إيفرجراند، صباح الأربعاء، أنها ستسدد فوائد على جزء صغير من دينها، إلا إن ذلك لم يٌطمئن الأسواق المالية التي تترقب لمعرفة إن كانت بكين ستهب لنجدة هذه المجموعة الخاصة.
وتوصلت شركة التطوير العقاري صباح الأربعاء إلى اتفاق مع حاملي سندات على جزء صغير من دينها.
ففي بيان موجه إلى بورصة شنجن في جنوب الصين أوضحت الشركة أن أحد فروعها "هنيغدا ريل إستايت" أجرى مفاوضات بشأن خطة تسديد للفوائد على سندات تستحق في 2025.
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء المالية أن إيفرجراند ستسدد 232 مليون يوان (30.5 مليون يورو) من الديون تستحق الخميس على هذه السندات بنسبة 5.8% تقتصر على سوق السندات الداخلية.
وأوضح البيان أن حاملي السندات "الذين اشتروها" قبل يوم الأربعاء "يستحقون الحصول على فوائد".
هل تضحي الصين بـ"إيفرجراند"؟
يرى بعض الخبراء أن جبل الديون الذي جنحت "إيفرجراند" بداخله يعيد إلى الأذهان ما حصل مع مصرف "ليمان براذرز" الذي تسبب إفلاسه بالأزمة المالية في 2008 في الولايات المتحدة، أدت إلى تراجع كبير في البورصات العالمية في الأيام الأخيرة.
الأمر الذي دفع البعض إلى ترجيح أن الحكومة الصينية قد تلجأ إلى سيناريو تفجير الشركة العملاقة قبل انتظار انهيارها وتصدير أزمة مالية عالمية إلى العالم.
وحاولت حكومة بكين السيطرة على الأزمة من خلال ضخ 14 مليار دولار في النظام البنكي لتوفير السيولة، كما رهنت شركة إيفرجراند بعض ممتلكاتها ومعداتها لتأمين سداد جزء من القروض التي بلغ متوسط سعر فائدتها 9.02%.
لكن السلطات الصينية لم توضح ما إذا كانت ستساعد في تحسين وضع الشركة المالي التي لا يزال 1.4 مليون من مساكنها غير منجز ما أثار استياء الكثير من الذين اشتروا هذه العقارات.
وقال المحلل مايكل هوسون من شركة "سي أم سي ماركيتس" إن "المستثمرين يتساءلون عما إذا كانت السلطات الصينية قادرة على التعامل مع التبعات بعد انقضاء الاستحقاقات المالية".
ورأى أن تخلف إيفرجراند عن التسديد بات أمرا مفروغا منه على ما يبدو وهو "مسألة وقت" فيما "السؤال الفعلي هو طريقة إدارة" هذه الأزمة.
وعود ومسكنات
وأكد رئيس المجموعة لموظفيها أن إيفرجراند "ستخرج قريبا من أكثر المراحل قتامة" على ما نقلت عنه وسيلة إعلامية رسمية.
وقال شو جيايين الذي كان في فترة من الفترات أغنى أغنياء الصين، إن كل ورش البناء ستستأنف عملها وإن المجموعة ستوفر "ردا للشراة والمستثمرين والشركات والمؤسسات المالية" من دون أن يعطي أي تفاصيل إضافية.
لكن الاعلان عن تسديد فوائد لم يكف لطمأنة الأسواق فبورصتا شنجن وشنجهاي تسجلان تراجعا صباح الأربعاء بعد توقف أربعة أيام بسبب عطلة رسمية.
اما بورصة هونج كونج فمغلقة بدورها الأربعاء.
الثقة.. وإعادة الهيكلة
إلا ان ذلك لا يحل مشكلة شركة التطوير العقاري العملاقة ومقرها في شنجن، بسبب إجمالي دينها الهائل.
وثمة سندات أخرى في السوق العالمية تستحق الخميس لكن المجموعة لم توضح كيف ستقوم بتسديدها.
ورأى غاري دوغان من شركة "غلوبال سي أي او" الاستشارية في سنغافورة أن الإعلان عن التسديد الجزئي "سيساعد، ويؤمل أنه سيخفض بعض الشيء تقلبات الأسواق وتراجعها".
وقال لوكالة بلومبرج "لكن لكي تعود الثقة فعلا يجب على السوق أن ترى احتمالات إعادة هيكلة إيفرغراند".
لكن السلطات الصينية لم توضح ما إذا كانت ستساعد في تحسين وضع الشركة المالي التي لا يزال 1.4 مليون من مساكنها غير منجز ما أثار استياء الكثير من الذين اشتروا هذه العقارات.
واحتج العشرات منهم الأسبوع الماضي أمام مقر المجموعة وفي مناطق أخرى من البلاد. ويطالب الدائنون والأجراء والمزودون، الشركة بتسديد مستحقاتهم. وكانت هذه الشركة العملاقة اكثرت من الاستثمارات إلى أن شددت بكين العام الماضي قواعد الاقتراض.