في أعقاب تعديل سعر الصرف.. مشاورات ليبية مع صندوق النقد الدولي

أطلق مصرف ليبيا المركزي الإثنين جولة جديدة من مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولي.
وذلك بمشاركة فرق فنية متخصصة من عدد من المؤسسات السيادية والوزارات ذات الصلة، في خطوة تهدف إلى تقييم الأداء الاقتصادي للبلاد ودعم جهود الإصلاح المالي والنقدي.
يتوقع مراقبون أن المشاورات الحالية مع صندوق النقد قد تمهد الطريق أمام حزمة إصلاحات أوسع تشمل إعادة هيكلة الدعم وتوحيد سعر الصرف وتحسين كفاءة الإنفاق العام، إلا أن نجاح هذه الخطط يبقى مرهوناً بإرادة سياسية موحدة، وتعاون حقيقي بين المؤسسات المالية والرقابية في الدولة المنقسمة.
شارك في الجلسة ممثلون عن وزارات المالية، الاقتصاد والتجارة، التخطيط، العمل والتأهيل، العدل، التعليم، والصحة، إلى جانب ديوان المحاسبة، وهيئة الرقابة الإدارية، والمؤسسة الوطنية للنفط، ومصلحة الإحصاء والتعداد.
وتأتي هذه المشاورات في توقيت حرج، عقب إعلان مصرف ليبيا المركزي، في السادس من أبريل/نيسان الجاري، تخفيض قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية بنسبة 13.3%، ليرتفع سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 5.5677 دينار، بدلاً من 4.48 دينار، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية، ودفع مجلس النواب إلى الدعوة لجلسة مساءلة عاجلة لمحافظ المصرف المركزي.
ضغوط إنفاق
وأرجع المصرف قراره إلى ارتفاع الإنفاق الحكومي الذي بلغ 224 مليار دينار ليبي (40.4 مليار دولار) في عام 2024، ما تسبب في تسجيل عجز مالي غير مسبوق قُدّر بنحو 136 مليار دينار (24.5 مليار دولار) وقال خبراء أن هذا التحرك يهدف إلى تقليص الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازية، وتحسين موارد الدولة من النقد الأجنبي.
- ليبيا تطرح 22 موقعا نفطيا جديدا بعد توقف 17 عاما
- بعد توقف 7 سنوات.. إعادة تشغيل مصنع الميثانول الثاني في ليبيا
تحذيرات دولية
وكان صندوق النقد الدولي قد اختتم في مايو/أيار 2024 بعثة مشاورات المادة الرابعة السابقة، محذراً من استمرار اعتماد ليبيا شبه الكامل على قطاعي النفط والغاز، وداعياً إلى تبني رؤية اقتصادية وطنية شاملة على المدى القصير والمتوسط.
وشدد الصندوق على ضرورة معالجة العوامل الهيكلية التي تضغط على سعر الصرف، وتجنب السياسات المالية المسايرة للدورة الاقتصادية، والتي تؤدي إلى تقلبات اقتصادية حادة.
نمو مرتفع.. وتحديات
رغم التحديات الهيكلية، توقّع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد الليبي نمواً بنسبة 13.7% خلال عام 2025، ليكون الأسرع نمواً في العالم العربي والسادس على مستوى العالم، مدفوعاً بزيادة إنتاج النفط واستقرار نسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية.
فيما حذر خبراء اقتصاديون من أن هذا النمو لا يعكس تحسناً فعلياً في مستوى معيشة المواطنين، في ظل استمرار التضخم وغياب العدالة في توزيع العائدات، ما يجعل الاقتصاد الليبي مهدداً بالتضخم إذا لم تُتخذ إصلاحات هيكلية جذرية.