لعنة الدينار العراقي تطيح بمحافظ البنك المركزي.. استقالة أم إقالة؟
ضمن إجراءات وصفت بأنها ردة فعل على تدهور قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، قرر رئيس الوزراء إعفاء محافظ البنك المركزي من منصبه.
وعقب القرار، قال رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في تصريحات اليوم الإثنين "اتخذنا قرارات بحق من يحاول المضاربة والتأثير على السوق، الإدارات المكلفة في البنك المركزي والمصرف العراقي للتجارة ستعمل على تقليل ارتفاع أسعار الصرف".
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قرر، اليوم، إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه.
وقال مصدر حكومي إن "رئيس الوزراء كلَّف علي محسن العلَّاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة".
كما قرر السوداني إحالة مدير المصرف العراقي للتجارة سالم جواد الجلبي إلى التقاعد، وكلف بلال الحمداني لإدارة المصرف إضافة إلى مهامه.
وأكد مصدر حكومي مطلع لـ"العين الإخبارية" أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قرر إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه، بناء على طلبه وتكليف علي محسن العلاق بديلا عنه بالوكالة".
- العراق يستخدم القوة للسيطرة على الدولار.. حملة على المضاربين
- الدينار العراقي ينهار أمام "جنون" الدولار.. صدمة كبيرة بالأسواق
وتابع المصدر: "تعكس تصريحات رئيس الوزراء العراقي أن الإعفاء كان حفاظا على استقرار سوق الصرف.. وحفاظا على ماء الوجه للمحافظ الذي فشل في إدارة أزمة سعر الصرف خلال الفترة الماضية".
ويأتي ذلك التحرك بعد ساعات على حزمة قرارات أصدرها السوداني خلال جلسة مع اتحاد الغرف التجارية العراقية لمعالجة أزمة ارتفاع الدولار.
وتضمنت القرارات فتح نافذة جديدة لبيع العملة الأجنبية لصغار التجّار عبر المصرف العراقي للتجارة (TBI) وتمويل البنك المركزي للمصرف العراقي للتجارة (TBI) بمبلغ إضافي قدره 500 مليون دولار أمريكي لغرض فتح الاعتمادات المستندية لصغار التجار، والاكتفاء بالفاتورة الأولية ورقم حساب المستفيد الأخير من الاعتماد.
وأواخر الأسبوع الماضي داهمت قوة من الأمن الاقتصادي البورصات الرئيسية في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات، انتهت باعتقال بعض تجار العملة من المضاربين والمتلاعبين بأسعار الصرف.
ومنذ نحو 3 شهور يسجل الدولار في العراق ارتفاعاً متصاعداً بلغ ذروته أمس الأحد، حين تجاوز الـ170 ألف دينار لكل 100 دولار أمريكي، يقابلها تحشيد من قبل القوى السياسية للتظاهر الأربعاء المقبل احتجاجاً على انهيار العملة المحلية.
وتسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي قفز بنحو 25% مؤخرا، مقارنة بما كان عليه حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في غلاء الأسعار للبضائع والسلع الغذائية والاستهلاكية، فضلاً عن حالة من الركود وعدم الاستقرار في الأسواق المحلية.
ووفق أسعار صرف الدولار الحالية، يكون المواطن العراقي قد فقد من قيمة الدخل اليومي ما يعادل الـ30% جراء ذلك التصاعد، مما يدفع بزيادة نسب الفقر وارتفاع معدلات التضخم في البلاد.
ويأتي قرار السوداني الأخير بإعفاء محافظ البنك المركزي، بعد محاولات عديدة بذلتها الحكومة لتثبيت سعر صرف الدولار دون أن تسهم في إيقاف التدهور الحالي للعملة المحلية أم الأجنبية.
وبدأت أزمة الدولار بارتفاع سعر الصرف أمام الدينار العراقي عقب قرار الخزانة الأمريكية بإبعاد 4 مصارف من دخول نافذة بيع العملة، بتهمة التورط بعمليات فساد وتهريب وغسل أموال.
وكذلك وضعت الخزانة الأمريكية ضوابط وإجراءات جديدة في عمليات ضخ الدولار للأسواق عبر نافذة البيع، مما دفع بارتفاع الطلب وقلة المعروض في الداخل العراقي.
الخبير والأكاديمي نبيل المرسومي يربط قرار السوداني بإعفاء محافظة البنك المركزي وإحالة مدير مصرف التجارة "TBI" للتقاعد، بالإخفاق الحاصل في وضع المعالجة المطلوبة والسريعة إزاء ما يحدث من انهيار للدينار العراقي أمام الدولار.
وكان مصطفى غالب قد جاء خلفا لمحافظ البنك المركزي السابق علي علاوي، الذي قدم استقالته في أغسطس/آب الماضي بعد أن تم الكشف عن أكبر عملية فساد عرفت بـ"سرقة القرن"، والتي تصل قيمتها لأكثر من 3 مليارات دولار.
المرسومي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أشار إلى أن "الحكومة العراقية برمتها وليس البنك المركزي فحسب عاجزة عن الإتيان بالحلول، وباتت خارج إمكانياتها ما لم تجرِ تفاهماً مع الولايات المتحدة كون واشنطن وضعت ضوابط وشروط الامتثال من الصعب التكيف معها على المدى القصير".
ويستعد السوداني، بحسب مصادر حكومية مطلعة، للمغادرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوعين المقبلين، في أول زيارة يجريها منذ تسلم منصب رئاسة الوزراء.
ومن المتوقع أن يجري السوداني تفاهمات مع الجانب الأمريكي بشأن أزمة الدولار، وإمكانية رفع الضوابط أو تخفيفها بشأن نافذة بيع العملة.
وبشأن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها السوداني، والتي شملت فتح نافذة بيع العملة أمام صغار التجار وتدعيم المصرف التجاري بـ500 مليون دولار، يقول المرسومي إن "هذه الإجراءات تأخذ وقتا على الأقل ما بين 3 إلى 6 أشهر، والأزمة الحالية تتطلب معالجات آنية وليست متوسطة كون سوق الصرف متغيراته قصيرة الأجل".