صدمات إنسانية على جدران "صالون الشباب"

أعمال فنية جديرة بالتأمل والاحتفاء يشهدها "صالون الشباب" بدار الأوبرا المصرية
البحث عن ما يشبع الروح ويغريها.. البحث عن النفس والطفولة والذكريات الأولى.. هذه هي السمات الأساسية لعمل يارا حاتم، الفنانة التشكيلية المشاركة في "صالون الشباب" المقام حالياً في قصر الفنون في دار الأوبرا المصرية.
يارا حاتم، المعيدة في كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، أطلقت على مشروعها اسم "خلسة" في فرع "تجهيز في الفراغ" إحدى فروع الصالون الفنية، وهي اليوم هنا بين 171 فنان تشكيلي يشاركون في دورة العام 2016.
تقول حاتم إنها "قررت البحث عن ثقب في جدار، أو شرعة صغيرة في شباك، في زقاق من أزقة بريئة لم تعهد إلا للنظر إلى الجمال والبراءة والبهجة، لأمتع عيني وأشبع روحي من تلك المشاهد".
بطلة عمل يارا تذكر العالم بطفولتها عبر طائراتها الورقية الملونة المحلقة فوق كل مشاهد الهلع والذعر وانعدام الإنسانية التي يعج بها العالم من حولها، جعلت يارا هذه الطفلة بطلة لعملها الفني وناطقة بلسان "إحباط جيلها وخوفهم من المستقبل" على حد وصفها للمشروع.
إلى جانب فرع "التجهيز في الفراغ" الذي تشارك فيه حاتم، تتنوع مشاركات العارضين بين الرسم والتصوير والنحت والجرافيك، وهي الفنون التي تعبر في مجملها عن مشاهد متعددة منها البيئة المصرية والطبيعة والإنسان، مستخدمة أنماط واتجاهات مدارس الفن التشكيلي الحديثة.
عمل حاتم يأتي ضمن 189 عملاً فنياً قدمها الصالون. وكان وزير الثقافة المصري حلمي النمنم قد افتتح الفعالية مؤكداً على أنها "تحمل إبداعات جديدة تعبر عن أفكار ثقافية وفنية وسياسية وضم جيلاً منفتحاً على الحياة مليء بالمواهب والقدرات والطاقات".
سرطان
من فتاة يارا حاتم المشبعة بالصدمة من العالم إلى صدمة أخرى غمر بها الفنان عمر جبر رواد الصالون، صدمة أفردها بألوان "الأكريليك" مجسدا شاب أسمر نحيل يستقبل عالمه بمزيج من الألم والسخرية، يستقبله كراوي حكيم … يقول "كنت عند السرطان.. يقال إنه خبيث .. ولكن كانت زيارة لطيفة إلى حد كبير".
ويكمل الفنان "أعلم أنه مظلم، شرير و أخذ مني الكثير.. ولكن في وسط هذا الظلام هو ساذج، أخذت منه أكثر مما أخذ مني. دائماً كنت أتيح لنفسي فرصة الاستمتاع معه، حتى ونحن جالسين سوياً لاحتساء الكيماوي .. كان مزاحه قاسي و مريع، ولكن واجب على الضيف أن يتناول ما قدم له..بعد ان انتهيت من شرابه اكتشفت أنه ليس سيء وأن الحياة بها ما هو أسوأ منه".
كلمات عمر التي دوّنها على هيئة قصة قصيرة حزينة، تماهت مع لوحته وتوجت مرادها المليء بالتحدي.
جاءت مشاركات فرع "الكمبيوتر جرافيك" هذا العام صاخبة ولافتة جدا، فاز في هذا الفرع محمود خالد، فنان شاب، جعل من نفسه "موديل" مشروعه، ربما لمزيد من ضغط التكاليف أو لمزيد من فرض تلقائيته وعفويته على المتلقى، تقرأ في مشروعه كثيراً من الانفصام والاستسلام وقبلهما الغضب الذي لم تفلح عينيه المغمضتين ولا ألوانه الزاهية في إنكاره.
بتهوفن
"صراع - السمفونية رقم 5" هو عنوان العمل الفائز مناصفة في فرع النحت لصاحبه أحمد مجدي الذي يحكي عن فلسفة مشروعه بالقول "دائما ما كنت أشعر بهذا الصراع في سيمفونية بتهوفن الخامسة بين ما هو قوي وضعيف، بين ما هو صاحب سلطة وبين ما لا يملكها ومن هنا كانت الفكرة في مخيلتي لتحويل هذا الصراع إلى عمل حتى بصياغة معاصرة للفورم الذي يعبر عني وعما أفكر به".
الصالون، المخصص للشباب، يضم طلاباً من المدارس والجامعات، من كافة أنحاء مصر من النوبة والصعيد والإسكندرية.. ويضم مشاركات خاصة للطلاب وبالأخص من كليات الفنون التطبيقية والفنون الجميلة والتربية الفنية وبعض الهواة من الكليات الأخرى والخريجين.
وهذا العام تم استحداث عدد من المسابقات مثل مسابقة الورش الفنية ومسابقة العمل الجماعي مع تخصيص جوائز خاصة بكل منهما، وكذلك جائزة العرض الخارجي وهو اختيار عدد من الأعمال الفنية يتم طباعتها وعرضها في أماكن عامة طوال فترة الصالون بهدف وصول الفن إلى الشارع والخروج به ليتجاوز قاعات العرض.
وتم خلال هذه الدورة منح 24 جائزة لأكثر من فنان شاب وهي جوائز في مجالات "التصوير" و"النحت" و"الرسم" و"الجرافيك" و"التصوير الضوئي" و"تجهيز الفراغ" والفيديو آرت"، والـ"كمبيوتر جرافيك"، و"العمل الجماعى" و"التشجعية " و"جائزة الشهيد زياد بكير"، وجائزة "الورش" و"جائزة عرض الأعمال الفنية"، وتم حجب جائزة الـ "بيرفورمانس".
وكان من بين الحاصلين على جوائز الصالون أيضا فريق عمل حصل على جائزة العمل الخاص باسم "الإنسانية"، وهو "تجهيز في الفراغ" يحاكي حجرة صغيرة ذات فوهة من الأعلى، من يدخل رأسه بها يجد رأس إنسان دون جسد ومدون على الحائط العديد من الكلمات التي تحاكي تخيلات الإنسان ومشاكله.
يستمر الصالون حتى 30 ديسمبر/كانون الأول 2016 بقصر الفنون بدار الأوبرا المصرية.