أمريكا والصين.. «مناطيد التوتر» تحلق نحو 2024
«مناطيد التوتر» الصيني الأمريكي تحلق نحو 2024 رغم الانفراجة الحذرة التي انتهت إليها العلاقات بين القوتين النوويتين العام الماضي.
فبعد عام أثار المخاوف بشأن مناطيد التجسس والصراع على أشباه الموصلات، والتنافس العسكري، تنهي بكين وواشنطن 2023 بانفراجة مشوبة بالحذر.
ويأتي ذلك في أعقاب اجتماع عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، حيث أشار الرجلان إلى الرغبة في وقف تدهور العلاقات الثنائية.
لكن غالبية المحللين يعتقدون أن عام 2024 سيشهد المزيد من الاضطرابات، بسبب مجموعة من الأحداث الهامة مثل الانتخابات الرئاسية في كل من تايوان والولايات المتحدة الأمريكية إلى المعارك التجارية المستعرة بين الجانبين، وفق وكالة رويترز.
الجهة الأخرى من المضيق
وستجري تايوان انتخاباتها الرئاسية والتشريعية في 13 يناير/كانون الثاني المقبل، وسيحدد رد فعل الصين تجاه هذا الاقتراع ما إذا كانت العلاقة بين أضخم اقتصادات العالم ستشهد مزيدا من التوتر والشكوك المتبادلة.
ويتقدم نائب الرئيس التايواني لاي تشينغ تي ونائبه هسياو بي خيم من الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم في استطلاعات الرأي. وتصف الصين لاي وهسياو بأنهما "عميلان مزدوجان يسعيان للاستقلال" ورفضت كل العروض لإجراء محادثات.
والانتخابات في الجزيرة، التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، أدت في السابق إلى تصاعد التوترات بين البلدين، ولا سيما عام 1996 عندما دفعت التدريبات العسكرية الصينية واختبارات الصواريخ قبل الانتخابات الأمريكية إلى إرسال حاملة طائرات للمنطقة.
وهذه المرة، كثفت بكين مجددا ضغوطها العسكرية والسياسية، وصورت الانتخابات على أنها خيار بين "السلام والحرب"، واصفة الحزب الحاكم بـ"الانفصالي الخطر"، وحثت التايوانيين على اتخاذ "الاختيار الصحيح".
ويعتقد بعض المحللين أن شي، الذي يأمل في تجنب الصراع، سيخفف من الرد العسكري الصيني إذا فاز لاي. لكن تايوان ستظل في حالة تأهب قصوى تحسبا للأنشطة الصينية، العسكرية والسياسية، قبل الانتخابات.
ترامب 2024
قد تكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 ساحة أخرى لتجدد الصراع بين بكين وواشنطن. وباستثناء مفاجآت اللحظة الأخيرة، فمن المرجح أن تكون الانتخابات بمثابة مباراة العودة بين الرئيس الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب.
وستكون عودة ترامب للحكم بمثابة "أسوأ كابوس" للصينيين، بحسب وصف يون صن، مدير مركز "ستيمسون" في واشنطن.
ورغم التأكيدات على أن المنافسة ستتضمن خطابا ملتهبا حول الصين، فإن شي سيركز بشكل أكبر على سؤال واحد: هل سيعود ترامب إلى منصبه؟
وقال يون سون، مدير مركز ستيمسون في واشنطن: "عندما يفكر الصينيون في الانتخابات العام المقبل، فإن عودة ترامب ستكون أسوأ كابوس لهم".
وكانت العلاقات بين البلدين متوترة بالأساس منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وتطورت إلى حرب تجارية واسعة في عهد ترامب.
وامتد الأمر لاتهامات حول نشأة فيروس كورونا المستجد، وتوترات بشأن تايوان.
وعلى الجانب الآخر، قد تشكل عودة ترامب للحكم فائدة للصين من الناحية الجيوسياسية. فخلال فترة ولايته، حافظ بايدن على التعريفات الجمركية المفروضة منذ عهد ترامب على بكين، إلى جانب تقييد الصادرات، وتعزيز التحالفات الأمريكية.
وقد يكون الأمر في مصلحة الصين إذا قرر ترامب تقليص تلك التحالفات، مدفوعًا بميوله الانعزالية.
لكن سون يرى أن الصين رغم عدم رضاها عن بايدن، إلا أنهم يفضلونه على ترامب إذ يرون فيه زعيما يتبع قواعد الاشتباك وأن خطواته يمكن التنبؤ بها على عكس سلفه.
من ناحية أخرى، يحافظ بايدن على قواعد العلاقات الفعّالة بين الولايات المتحدة والصين، ويقول صن إنه خلال عهد ترامب، لم تجر البلدان أي محادثات ذات قيمة، على عكس بايدن، وبدلاً من ذلك، كان هناك تصعيد لا يمكن وقفه للتوتر.
صراع الرقائق
ويتوقع أن تعزز واشنطن ضوابط التصدير التي تهدف إلى إبقاء أشباه الموصلات الأكثر تقدما بعيدا عن أيدي الصين في العام المقبل.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت الولايات المتحدة قد فرضت بالفعل قيودًا على صادرات الرقائق الإلكترونية، وأوقفت شحن المزيد من الرقائق المتطورة وأغلقت الثغرات.
وبحسب تصريحات وزيرة التجارة، جينا ريموندو، فإن هذه القيود ستخضع لتحديث سنوي.
وعلى الرغم الجدل حول مدى نجاح ضوابط التصدير في منع هذه التكنولوجيا من الوصول إلى الصين، سعت بكين بقوة لمواجهة هذه القيود.
وردًا على الخطوة الأمريكية، قيدت الصين هي الأخرى صادراتها من المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، حيث تعد بكين واحدة من أكبر الدول المورّدة لتلك المعادن، مثل الجرمانيوم والغاليوم، نظرًا لتمتعها باحتياطي أرضي كبير.
ومن المرجح أن يزداد التوتر أيضًا بعد التحقيق الذي فتحته واشنطن بشأن حصول الصين على تكنولوجيا أمريكية حساسة بشكل غير قانوني.
وقال مساعد وزير التجارة لإنفاذ الصادرات ماثيو إس. أكسلرود، في بيان لرويترز، إن التحقيقات في الانتهاكات الواضحة المتعلقة بصادرات التكنولوجيا إلى الصين جارية و"نتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى إجراءات كبيرة لإنفاذ الصادرات في عام 2024".
aXA6IDMuMTYuNzAuOTkg جزيرة ام اند امز