من يحكم في النزاعات الفضائية "المسلحة" بين الدول؟
الصين اليوم أكثر دول العالم إطلاقاً للصواريخ، 39 في العام الماضي، مقارنة بـ31 أطلقتها أمريكا و20 لروسيا و8 من أوروبا.
أصبحت جمهورية الصين الشعبية، واحدة من قوى العالم في الفضاء، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، فهي أكثر الدول إطلاقاً للصواريخ الفضائية. كل ذلك يطرح عدة تساؤلات في حال وقوع نزاع "مسلح" في الفضاء، تدور بشأن ماهية المؤسسة التي ستفصل في تلك النزاعات الفضائية.
الصعود المتزايد في القوة الفضائية الصينية يثير قلق الخبراء الأمريكيين، خصوصاً مع توتر العلاقات التجارية بين البلدين، إذ تنفق بكين على برامجها الفضائية المدنية والعسكرية أكثر مما تنفقه روسيا واليابان، ففي 2017 قدرت ميزانية الصين الفضائية بنحو 8.4 مليار دولار من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وعلى الرغم من أن الصين أكثر دول العالم إطلاقاً للصواريخ، بواقع 39 صاروخاً في العام الماضي، مقارنة بـ 31 من الولايات المتحدة و20 من روسيا و8 من أوروبا، فإن القانون الأمريكي لعام 2011 يحظر التعاون في مجال الفضاء مع بكين. ولكن مع ذلك، هنأ رئيس ناسا الصين على الهبوط الناجح لمركبتها الفضائية "تشانجي 4" على الجانب المظلم من القمر، الأسبوع الماضي، لتصبح أول دولة تصل إلى تلك البقعة المجهولة.
حسب شبكة أخبار "تسان كاو شياو شي" الصينية، فإن قوانين الحرب تحكم النزاعات على الأرض، ولكن لا يوجد ما يعادله الفضاء، وتكثر الأسئلة التي لم يتم الرد عليها. فمثلاً، إذا اصطدم أحد الأقمار الصناعية بآخر في الفضاء، فهل يشكل ذلك "هجومًا"؟ ماذا سيكون الرد المناسب؟ هل ينبغي حماية الأقمار الصناعية المدنية من الأعمال الانتقامية، وماذا عن نظيرتها ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية المزدوجة؟
التطور الفضائي الصيني يعوّض التأخر لعقود
تؤكد شبكة الأخبار الصينية أن الصين نجحت في التغلب على عقود من التأخر في القطاع الفضائي، ولكنها لحقت بالركب وتفوقت عليه، إذ أطلقت بكين أول قمر صناعي لها في عام 1970، ثم أرسلت أول بعثة فضائية مأهولة في 2003، وفي 2012 نجح أول التحام لمركبة فضائية مأهولة بمعمل مداري في الفضاء، وأطلقت نظام الملاحة الخاص بها عبر الأقمار الصناعية BeiDou.
المحلل فيل سميث، من شركة برايس الاستشارية لأبحاث للفضاء والتكنولوجيا، يقول: "ميزانية الفضاء الصينية أقل بكثير من نظيرتها الأمريكية التي تبلغ نحو 48 مليار دولار، تنفقها الولايات المتحدة على برامجها الفضائية العسكرية والمدنية، إلا أنه أكثر من ضعف ميزانية الفضاء المدنية لروسيا، والتي تم تخفيضها إلى 3 مليارات دولار".
النزاع الصيني الأمريكي الأرضي ربما ينتقل إلى الفضاء
في ستينات وسبعينات القرن الماضي، تفاوضت واشنطن وموسكو على العديد من المعاهدات حول الفضاء، وذلك أساسا لضمان التعاون العلمي وحظر أسلحة الدمار الشامل في الفضاء، إلا أن هذه المعاهدات قد تم تجاوزها من قبل التكنولوجيات العسكرية الجديدة: الليزر المضادة للستالايت، الهجمات الإلكترونية، التشويش الإلكترونية، والصواريخ المضادة للأقمار الصناعية الأرضية - مثل الذي اختبرته الصين في 2007.
يقول جاك بيرد، الأستاذ في برنامج قانون الفضاء بجامعة نبراسكا الأمريكية: "من الصعب التمييز بين الأسلحة في الفضاء، ومن المؤسف أنه من الصعب أيضاً تصور أي نزاع مسلح كبير على الأرض لا يمتد إلى الفضاء".
ويضيف بيرد: "كان الصينيون يستعدون لأي حدث قد يحدث في المستقبل، فكانوا يختبرون أنظمة للتدخل في إشارات المرسلة من أقمارنا الصناعية إلى الطائرات بدون طيار، ولم تواكب الولايات المتحدة التهديدات ضد أنظمتها الفضائية، وهذا ما يجعلها عرضة للهجوم".
وفي الوقت نفسه، فإن الحوار الأمريكي مع بكين يكاد يكون معدوماً، على النقيض من تبادلات واشنطن مع موسكو أثناء الحرب الباردة.
وعلى الرغم من ذلك الفارق بين الميزانيتين للقطاع الفضائي، فإن الصين إذا استمرت على هذا المنوال، فستتفوق على روسيا بسرعة من حيث القدرة التكنولوجية الفضائية، حسب ما نقلته شبكة الأخبار الصينية عن تود هاريسون، الخبير في برامج الفضاء العسكرية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
ويقول هاريسون: "إذا شنت الصين حرباً مع الولايات المتحدة في الفضاء، فليس من الواضح أن جيشنا يعرف بمن يتصل".
من جهة أخرى، هناك مراقبون يأخذون نظرة أكثر تشككًا في تصوير الصين كخصم عدواني للولايات المتحدة، إذ تقول مؤسسة "Secure World Foundation"، وهي مجموعة غير ربحية تشجع الاستكشاف السلمي الفضائي ومقرها واشنطن: إن بعض أنصار وصف الصين كخصم، استخدموا ذلك كحجة للحصول على أموال لمصلحة ناسا من الكونجرس، ويعتقودن أن ذلك الطرح العدواني للصين، سيحفز الولايات المتحدة على الخروج والقيام بالأشياء في الفضاء التي يريدون القيام بها".
aXA6IDMuMTM4LjM2LjE2OCA= جزيرة ام اند امز