أسرار سوق العملات المشفرة.. هل تقود بيتكوين العالم إلى مأساة مالية؟
حدد خبراء في العملات المشفرة احتمالات انهيار العملة الافتراضية الأشهر " بيتكوين" من قمتها التاريخية بعد نجاحها في تقليص خسائر الإثنين.
وقلصت بيتكوين خسائرها بعد أن هبطت 14% إلى 27850 دولار في وقت سابق الإثنين، مواصلة الانخفاض بعد أن سجلت مكاسب لم يسبق لها مثيل مع بداية العام الجديد.
وحسب رويترز، كانت أكثر العملات المشفرة رواجا في العالم قفزت إلى أكثر من 30 ألف دولار للمرة الأولى يوم السبت، ولامست مستوى قياسيا جديدا عند 34800 دولار في اليوم التالي.
ويرى الخبراء، أن وراء قفزات العملة الافتراضية الأولى في العالم، هو مواصلة المستثمرين الرهان على أن العملة الرقمية في طريقها لأن تصبح من الأصول التي تحظى بإقبال كبير.
وبحلول الساعة 17:35 بتوقيت جرينتش، قلصت بتكوين خسائرها إلى 6.5% عند 30941 دولارا.
هل تتكرر مآساة 2017
وحسب موقع سبوتنيك، رفض المشككون الارتفاع الهائل في سعر العملة الرقمية "بيتكوين"، على مدار الشهرين الماضيين، كمثال آخر على التكهنات بأن مثل هذه الموجات الصعودية عادة ما تميل للانتهاء بالبكاء والحسرة.
في هذه المخاوف إشارة إلى الموجة الصعودية في نهاية عام 2017، عندما وصلت العملة إلى مستوى 19.6 ألف دولار، محققة مكاسب خرافية للمستثمرين الأوائل فيها، وحتى أولئك الذين دخلوا إلى السوق قبل أسابيع قليلة عندما كان السعر حول عدة مئات أو بضعة آلاف دولار.
أكثر من 300%
وارتفع سعر"بيتكوين" على مدار عام 2020 بأكثر من 300% مقتربة من 30 ألف دولار، مقارنة بنحو 7 آلاف دولار قبل 12 شهرا، وهو مستوى قياسي مرتفع للعملة الرقمية الأكثر شهرة في العالم.
لكن المكاسب لم تتوقف عند هذا الحد، فقد قفزت العملة المشفرة من حوالي 14 ألف دولار في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى أكثر من 34 ألف دولار يوم الأحد الماضي، مواصلة مكاسبها في العام الجديد، في قفزة هائلة استغرقت شهرين، ما يعيد للأذهان القفزة السريعة لعام 2017.
سيناريو التحطم
هذا التشابه أعاد للأذهان السيناريو الذي وقع قبل 3 سنوات، عندما تحطمت قيمة العملة الرقمية في العام الجديد بعد صحوتها الخاطفة، لتهبط إلى ما دون 7 آلاف دولار من قرابة 20 ألف دولار، خلال الأسابيع التالية.
ثم هبطت إلى ما دون 4 آلاف دولار بعد أشهر، متسببة في خسائر حادة لبعض المستثمرين واضطرابات في الأسواق بحسب بيانات "كوين تليغراف".
الآن، وبعد أن وصلت العملة الرقمية إلى قرابة 34.5 ألف دولار، الأحد الماضي، عادت لتهبط بشكل حاد خلال تعاملات اليوم بأكثر من 17% مقتربة من 28 ألف دولار، أي أنها خسرت أكثر من 6 آلاف دولار من قيمتها خلال لحظات قليلة.
الخسائر مختلفة
على أي حال، لا تبدو (حتى الآن على الأقل) هذه الخسارة المفاجئة مستدامة أو معبرة عن اتجاه السوق خلال الفترة القادمة، حيث قلصت العملة خسائرها بعد ذلك خلال تداولات الإثنين، لتنخفض بنسبة 6.5% فقط عند مستوى 30941 دولارا، وفقا لبيانات منصة "كوين ديسك".
البعض يرى أن جنون "بتكوين" هذه المرة مبررا وله أسبابه الوجيهة، التي سيكون من شأنها تجنيب السوق تحطم قاس مثل الذي أعقب موجة 2017. وتصل قيمة سوق "بيتكوين" الإجمالية الآن إلى قرابة 600 مليار دولار مقارنة بنحو 320 مليار دولار في أواخر 2017.
مؤسسات عملاقة
هذه المرة، توجد مؤسسات استثمارية عملاقة ورئيسية مثل مصرف "جيه بي مورغان" و"جوجنهايم" وتوم لي من "فاند سترات" وأسطورة صناديق التحوط "بول تودور" وعملاق التأمين "ماس موتوال"، راهنوا بمئات الملايين من الدولارات على صعود "بتكوين"، حتى أن بعضهم توقع وصولها إلى 400 ألف دولار.
علاوة على ذلك، فإن المشاركة من شركات المعاملات المالية "سكوير" و"باي بال" و"فيزا"، والتي يُقال إنها "تعمل بنشاط مع أكثر من 25 شركة عملة رقمية على مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات المتعلقة بالبيتكوين"، تدعم السوق بأسباب لاستخدام العملة الرقمية، بحسب تقرير لموقع "أكسيوس" الأمريكي.
ويقول دوغلاس بورثويك، كبير مسؤولي التسويق، ورئيس تطوير الأعمال في منصة تداول العملات المشفرة "إنكس": "الحكومات تعاني من ضائقة.. لا يمكنهم جمع الأموال لدفع ثمن الأشياء عن طريق زيادة الضرائب، لذا يتعين عليهم بدلا من ذلك طباعة أموال جديدة".
وتابع:" يضع ذلك المزيد من العبء على عاتق البنوك المركزية لتحفيز اقتصاداتها، الأمر الذي أدى تاريخيا إلى انخفاض قيمة العملات الورقية".
وسيلة للتحوط
ويشير بورثويك، أن الكثيرين يعتبرون بيتكوين، التي لا يتم تقييمها مقابل العملات الأخرى ولكن مقابل العدد المحدود المتاح منها، وسيلة للمراهنة على انهيار قيمة العملة التقليدية على مستوى العالم، ، مما يجعلها " وسيلة للتحوط (للتأمين) من التضخم من قبل الجميع في العالمية".
مع اعتقاد المستثمرين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) والبنوك المركزية الرئيسية الأخرى سوف تدعم الأسواق بتريليونات من السيولة في حالة ارتفاع عوائد السندات أو انخفاض أسعار الأسهم، فإن المؤسسات تتشجع على المراهنة على الأصول الخطرة مثل "بيتكوين" مع القليل من الخوف.
في حالة حدوث تراجع آخر في الأسواق المالية، لن تؤدي طباعة النقود الفيدرالية إلى هدوء سوق السندات ودفع أسعار أسهم الشركات فحسب، بل ستعمل أيضا على زيادة قيمة الأصول ذات المعروض المحدود مثل "بيتكوين".
محدودية المعروض
يمكن لشبكة "بيتكوين" إنتاج وإصدار نحو 21 مليون وحدة فقط من العملة الرقمية، وأشارت تقارير إلى أنه محدودية المعروض منها سيجعل السعر يرتفع بشكل جنوني عند مرحلة ما.
والمعروض المتاح منها تجاوز بالفعل 18.5 مليون وحدة، والممكن إنتاجه بات قليلا.
لا ينبغي أن يُنظر إلى تلك الثقة من المستثمرين المؤسسين على أنها اعتقاد بأن التصحيح الكبير والتقلبات الكبيرة لن تكون وشيكة.
ويُتوقع التقلب إلى حد كبير.. في حالة حدوث تصحيح كبير (انخفاض حاد في الأسواق المالية)، تتوقع المؤسسات أن تكون محمية من الكثير من التداعيات.
وقال محللو "جيه بي مورغان" في مذكرة حديثة أنه إذا خصصت صناديق التقاعد وشركات التأمين في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة واليابان 1% من الأصول للاستثمار في "بيتكوين"، فسيؤدي ذلك إلى زيادة قدرها 600 مليار دولار من الطلب.