"آلية حمدوك" لإنقاذ الاقتصاد.. خبراء يضعون 5 شروط للنجاح
"آلية حمدوك" شكلتها السلطة الانتقالية في السودان برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لكبح جماح الضائقة المعيشية التي تشهدها البلاد
طالب عدد من خبراء الاقتصاد بالسودان المسؤولين في "آلية حمدوك" بعدة إجراءات لتخفيف الأزمة المعيشية وحل أزمة نقص الخبز والوقود.
وتسعى آلية شكلتها السلطة الانتقالية في السودان برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى كبح جماح الضائقة المعيشية التي تشهدها البلاد، وذلك بموارد شحيحة، وإمكانيات متواضعة بفضل سياسات نظام الإخوان البائد.
وعدد الخبراء 5 مطالب لنجاح الآلية وهي السيطرة على الذهب وإنشاء بورصة محلية له وتفكيك الاقتصاد الموازي لنظام الإخوان البائد، ووقف إجراءات تعويم الجنيه السوداني ورفع الدعم.
وجرى تكوين الآلية بواسطة مجلسي السيادة والوزراء، بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد وارتفاع معاناة السودانيين في الحصول على الخبز والمنتجات البترولية التي تواجه نقصا حادا منذ أشهر بسبب شح النقد الأجنبي الخاص باستيرادها.
وتسعى الآلية إلى وضع حلول عاجلة لأزمات الخبز والوقود التي تفاقمت بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، بجانب السيطرة على الارتفاع المضطرد في أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق، نتيجة تراجع قيمة الجنيه وتصاعد معدلات التضخم.
وتبدو مهمة الآلية التي يرأسها حمدوك عصية للغاية وفق خبراء اقتصاد، نظراً لحجم الأزمة التي تواجهها البلاد والفجوة والاختلال في الاقتصاد السوداني، في ظل موارد شحيحة من النقد الأجنبي لتغطية العجز في الميزان التجاري.
ورغم هذه المصاعب يتفاءل البعض بنجاح الآلية في إيجاد حلول قصيرة الأجل للضائقة المعيشية، إذا ما تمكنت من إحكام السيطرة على موارد الذهب واسترداد الأموال المنهوبة من نظام الإخوان البائد.
ووفقا للخبراء فإن الآلية ستصطدم بأزمة معقدة تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة، خاصة وسط الشباب والنساء، ما أسهم في ارتفاع معدل الفقر في البلاد إلى 65% خلال عام 2019.
ويرى الخبراء أن الأزمة تجلت في ارتفاع معدل التضخم إلى 54% العام الماضي، ما انعكس سلبا على قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية.
وأضافوا أنه تجب ملاحظة الاختلال الهيكلي الناجم عن زيادة الدين الداخلي والخارجي، بغرض تغطية عجز الموازنة الذي ارتفع إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبرزت أزمة الاقتصاد السوداني أيضا في شح السيولة النقدية والدقيق والمواد البترولية، رﻏﻢ الدعم الحكومي الهائل لهذه السلع الاستراتيجية، وفق تقرير حديث صادر عن وزارة المالية في البلاد.
وأبدى الخبير الاقتصادي كمال كرار عدم تفاؤله بنجاح الآلية الحالية في السيطرة على انفلات الوضع المعيشي في البلاد، لأنها تمضي في طريق الحلول الأمنية والإدارية للأزمة من خلال عملها في اليومين الماضيين، وهذه سياسة فاشلة من واقع التجربة السابقة.
وقال كرار عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، لـ"العين الإخبارية"، إن أزمة الاقتصاد تُعالج بسياسات اقتصادية فاعلة، أساسها إيجاد موارد حقيقية للنقد الأجنبي، بما يقود إلى بناء احتياطيات ترفع قيمة العملة الوطنية، وتمكن البلاد من مواجهة متطلبات استيراد السلع الاستراتيجية.
حلول الذهب
ونصح كرار مسؤولي الآلية الاقتصادية بضرورة وضع سياسات بإحكام السيطرة على مورد الذهب، من خلال تعديل العقود مع شركات التعدين، بما يتيح حصول البنك المركزي على 1+50% من الإنتاج، بجانب إنشاء بورصة محلية للذهب.
كما طالبهم بإحكام سيطرة الحكومة التنفيذية على الاقتصاد الكلي، بما في ذلك إخضاع الشركات التابعة للمنظومة الأمنية القديمة لولاية وزارة المالية.
وشدد على تفكيك ما وصفه بالاقتصاد الموازي لنظام الإخوان البائد، والذي يمضي بصورة بطيئة حتى الآن، ووقف إجراءات تعويم الجنيه السوداني وعدم رفع الدعم الموجه للقمح والدواء والمحروقات لحين قيام المؤتمر الاقتصادي.
ويرى كرار أن الآلية الاقتصادية إذا طبقت هذه النصائح يمكنها تحقيق قدر من الاستقرار لحين قيام المؤتمر الاقتصادي المقرر له نهاية شهر مارس/آذار الجاري.
واعتبر أن التدابير التي اتخذتها وزارة المالية خلال الشهرين الماضيين بمعزل عن اتفاقها مع قوى الحرية والتغيير، أسهمت في تراجع قيمة الجنيه بصورة غير مسبوقة، ورفعت معدل التضخم لمستوى قياسي، ما أدى بدوره إلى نقص في المواد البترولية ودقيق الخبز.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصبحت الطوابير أمام محطات خدمة الوقود ومخابز الرغيف العلامة الأبرز في المدن السودانية، بما فيها العاصمة الخرطوم، ما ألقت بظلال سلبية على مجمع الأوضاع الحياتية للسودانية.
وتقول المالية في السودان، إنها تواجه صعوبات بالغة في الحصول على النقد الأجنبي لاستيراد القمح والوقود والدواء، حيث تحتاج إلى 302 مليون دولار شهريا لمواجهة متطلبات استيراد السلع الثلاث، في ظل شح الصادرات وهي فجوة تمويلية في العملات الصعبة ورثتها من نظام الإخوان البائد.
وكانت وزارة المالية السودانية تنوي خفض الدعم الموجه للسلع الاستراتيجية في ميزانية العام المالي 2020، لكن تذمرا حدث في الشارع حال دون تطبيق هذه السياسة وتم إرجاؤها للحسم في المؤتمر الاقتصادي، والذي يسبقه حوار مجتمعي شامل بهذا الخصوص.
استرداد أموال الإخوان
وشدد أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة المغتربين السودانية الدكتور محمد الناير على ضرورة أن ينحصر واجب الآلية في إيجاد حلول قصيرة للأزمات الآنية التي يعانيها السودان، على أن تترك المعالجات الكلية طويلة الأجل للمؤسسات المعنية في البلاد.
ودعا الناير المسؤولين، في تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، إلى تفعيل قانون الثراء الحرام "من أين لك هذا؟"، والذي سيمكن من استرداد الأموال من عناصر النظام السابق.
كما طالب بإنشاء بورصة للذهب وجذب مدخرات المغتربين بحوافز تشجيعية، وإقرار مبدأ المحاسبة والمساءلة للمقصرين من أعضاء الجهاز التنفيذي.
كما دعا إلى زيادة أوعية التخزين لتأمين احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية، مشدداً على أن هذه التدابير يمكن أن تحدث الاستقرار الاقتصادي خلال المدى القصير.
ويرى الناير أن الآلية يمكن أن تلجأ إلى استبدال العملة من أجل استعادة النقد إلى الجهاز المصرفي، حيث إن 96% من الكتلة النقدية بأيدي المواطنين السودانيين، وهو الأمر الذي يدعم المضاربات في سوق النقد الأجنبي.
ويعول السودان على مؤتمر للمانحين مقرر عقده يونيو/حزيران المقبل لجمع تبرعات دولية لدعم الحكومة وعملية الانتقال السياسي والإصلاح الاقتصادي في البلاد.
ويسبق لقاء المانحين مؤتمر اقتصادي سوداني نهاية مارس/آذار الجاري لتحديد هوية اقتصاد البلاد، وحسم مسألة الدعم الحكومي للسلع الاستراتيجية "القمح، الوقود، الدواء" من حيث الإبقاء عليه أو رفعه، وفق اتفاق بين السلطة الانتقالية وتحالف قوى الحرية والتغيير.
aXA6IDMuMTQyLjQwLjE5NSA= جزيرة ام اند امز