زيارة السيسي لفرنسا.. اختراق الملفات الصعبة وإطار جديد للتعاون
مؤشرات لإطار جديد للعلاقات المصرية الأوروبية عكستها زيارة السيسي لفرنسا، بعيون خبراء سياسيين.
عكست ثالث زيارة يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى باريس، منذ توليه المسؤولية منتصف 2014، مؤشرات لإطار جديد للعلاقات المصرية الأوروبية، تتكئ على تطور العلاقات الحالية بين القاهرة وباريس.
الإطار الجديد للعلاقات يرتكز على عنصرين، الدعم غير المشروط لمصر في حربها على الإرهاب، والاعتماد على الدور المصري في أزمات المنطقة، بحسب خبراء في الشؤون الدولية.
زيارة السيسي لفرنسا بدأت الإثنين الماضي واستغرقت 3 أيام؛ وهي الأولى عقب تولي إيمانويل ماكرون رئاسة فرنسا، واستهدفت بحث العلاقات الثنائية بين البلدين والتشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والأزمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
التقى السيسي خلال زيارته الرئيس الفرنسي، إضافة للقاء عدد من المستثمرين في فرنسا؛ لبحث سبل تعزيز الاستثمارات في مصر، إضافة إلى لقاءات أخرى مع مسؤولين فرنسيين لبحث التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي.
البداية من باريس
وحول الزيارة يرى طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنها تختلف على مستوى الشكل، حيث التقى الرئيس المصري نظيره الفرنسي، في أول لقاء يجمعهما، وهو لقاء يستهدف بناء علاقات مصرية مع أوروبا، ترتكز على الأساس الجديد في العلاقة بين باريس والقاهرة.
وأوضح فهمي في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية أن القاهرة تدرك أن باريس تقود قاطرة الاتحاد الأوروبي مع ألمانيا، وبالتالي كانت هناك رغبة مصرية في الاطمئنان على سير العلاقات المصرية الفرنسية في الإطار المناسب للقاهرة، لا سيما أن ذلك سيحدد طبيعة العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي.
من جانبه، ركز خطار دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية، على ما يسمى بالشراكة الأوروبية مع مصر، حيث يبقى لها دور فعال تدركه الدول المتوافقة مع رؤيتها وكذلك المختلفة معها، لافتاً إلى أن البوابة الفرنسية ستسمح بإمكانية تطوير العلاقات ومزيد من التفاهات مع الجانب الأوروبي في ملفات عدة بالمنطقة.
اختراق الملفات الصعبة
يرى فهمي أن زيارة الرئيس السيسي إلى باريس أحدثت اختراقاً لأهم ملفين وهما حسم ملف الحقوق والحريات لصالح مصر، وملف عملية السلام، متوقعاً أن تبني القوة الغربية على نتائج هذه الزيارة، خاصة أن فرنسا لها دور قيادي في النطاق الأوروبي.
من نفس الزاوية، رأى أيمن سمير، الخبير في الشؤون الدولية ورئيس مجلة السياسة المصرية، أن المدلول الأول للزيارة والأهم، هو حصول مصر على الدعم الفرنسي غير المشروط في حربها على الإرهاب، ما يعني أن فرنسا ستكون على استعداد لتوريد ما تحتاجه القاهرة في هذه الحرب.
أما الملف الثاني بحسب طارق فهمي وهو ملف عملية السلام، الذي من المنتظر أن يحدث فيه تنسيق أمريكي فرنسي داخل مجلس الأمن وخارجه، سيكون فيه الاعتماد على الدور المصري في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مرشحاً بقوة أكثر من أي وقت مضى.
ولفت الخبير السياسي المصري إلى أن رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون سيتعامل بصفة زعيم للمنطقة الأوروبية، وبالتالي في حال تعثر مسار السلام وعدم توافق الإدارة الأمريكية على كيفية إدارة هذا الملف من قبل مصر ستكون المواجهة فرنسية.
الأمر نفسه ذهب إليه خبير الشؤون الدولية أيمن سمير، معتبراً أن أفكار ماكرون تتلاقى مع أفكار السيسي في عملية ملف السلام، وبالتالي فإن الاتكاء سيكون على قدرة مصر على حل تلك الأزمة مستقبلية بوصفها عنصراً فعالاً وطرفاً مقبولاً تدخله لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
من جهته، قال الخبير الدولي خطار دياب إن اللقاء الأول بين السيسي وماكرون عزز اختراق ملفات صعبة لدى الغرب، فحسمها تجاوزها في الوقت نفسه للوصول إلى مرحلة الشراكة الدولية وليس فقط مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري الثناني.
ملفات متقاطعة
جملة من القضايا، اتفق الخبراء السياسيون على أنها ملفات متقاطعة بين باريس والقاهرة، تلامس تقارب وجهات النظر بين الجانبين، في مقدمتها الأوضاع في كل من سوريا وليبيا، وهو ما سيسهم في رسم العلاقات المصرية الأوروبية وفق إطار مقبول به لدى مصر وفرنسا.
طارق فهمي أوضح أن فرنسا بحاجة إلى مصر في نجاح مؤتمر باريس السلام في الشرق الأوسط، كذلك العكس مع فرنسا حيث تعول الأخيرة على حضور القاهرة، الذي وصفه فهمي بأنه قوي وفعال في إدارة ملف عملية السلام.
وتابع فهمي: "كان لدى الجانب الفرنسي قبل زيارة الرئيس السيسي هواجس تتعلق بكيفية التنسيق في باريس 2، وتجاهل الدور الفرنسي، لصالح أية جهود أخرى، وهي الهواجس التي حسمتها المناقشات الثنائية بين الرئيسين بأهمية التواجد الفرنسي".
أبعاد تعاون مستقبلي مختلفة
أبعاد تعاون مستقبلي أخرى بخلاف السياسي والعسكري، ركز عليها الخبراء حيث دلل الخبير الدولي خطار دياب، على ذلك التعاون بالبعثة التجارية التي سوف تصل القاهرة بداية 2018، وهي البعثة الأكبر لعمل نوع من الشراكة في المجال التجاري والاقتصادي.
وفي تصريحه عبر الهاتف من باريس، لفت خطار إلى أن هذه البعثة من شأنها زيادة الاستثمارات الفرنسية المباشرة سواء في مشروعات محور قناة السويس أو النقل، حيث تستفيد القاهرة من الخبرات الفرنسية في مجال النقل.
مستكملاً الفكرة قال طارق فهمي إن التعاون سيكون أيضاً في في مجال الأقمار الصناعية والطاقة المتجددة، وهو ما يوضح لنا طبيعة العلاقات المستقبلية التي ستكون شاملة ولا نستبعد زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين سنوياً وهو 2 مليار يورو حالياً.