"الطوارئ الاقتصادية".. استنفار سوداني لكبح جماح الغلاء
خبراء اقتصاد يؤكدون لـ"العين الإخبارية" أن ضبط الذهب والدولار تقود إلى استقرار اقتصاد السودان في المدى القريب
أكد خبراء اقتصاد سودانيين، لـ"العين الإخبارية"، أن خطوات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية بوضع ضوابط جديدة لشراء وتصدير الذهب، والحرب على تجار الدولار في السوق السوداء، ستقود إلى استقرار اقتصادي خلال المدى القريب إذا أحكم تنفيذها.
وتقود السلطة الانتقالية في السودان تحركات قوية للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية التي تواجه تراجعا مضطردا، تخللتها تدابير إسعافية لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وكبح جماح الأسعار.
وتمضي حكومة السودان خطواتها الإصلاحية عبر لجنة عليا للطوارئ الاقتصادية برئاسة الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وينوبه رئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الرمادي، أن المساعي التي تقودها الحكومة الانتقالية لإصلاح الاقتصاد، جيدة تتطلب الترحيب والدعم والمساندة.
ورغم تصاعد معدل التضخم في البلاد إلى 114% خلال شهر مايو/ أيار الماضي حسب إحصائية رسمية صادرة هذا الأسبوع، إلا أن سعر الجنيه السوداني يرتفع أمام العملات الأجنبية فى تعاملات السوق السوداء، غداة إعلان حزمة إجراءات من قبل لجنة الطوارئ الاقتصادية.
وأكد الرمادي خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" أنه في حال تمكنت اللجنة من وقف تهريب الذهب فسيوفر ذلك حصيلة 8 مليارات دولار في العام فقط من قطاع التعدين التقليدي دون الشركات.
وأضاف، يجب العمل أيضا على جذب مدخرات المغتربين التي تقدر بـ4 مليارات في العام، هذا بالإضافة إلى صادرات أخرى تقدر بـ4 مليارات دولار سنويا، فهذه المبالغ تغطي الواردات السنوية للبلاد والبالغة 9 مليارات بالإضافة إلى نحو 7 مليار دولار.
ووضعت اللجنة ضوابط جديدة لشراء وتصدير الذهب تضمن عدم تهريب هذا المعدن النفيس والذي بات يشكل موردا رئيسيا للسودان من النقد الأجنبي عقب انفصال جنوب السودان وفقدان مورد البترول، بجانب إنشاء محفظة استثمارية لتمويل شراء السلع الاستراتيجية.
ونصح الرمادي بإعادة النظر في بعض السياسات التي اتخذتها وزارة المالية في وقت سابق، وبينها زيادة الرواتب 5 أضعاف، والتوسع في الوقود التجاري في خطوة لرفع الدعم عن الوقود، والتي أسهمت في زيادة معدلات التضخم.
وقال، إن الاقتصاد السوداني عليل ولا يمكن علاج كل تشوهاته في وقت واحد، فقرار زيادة المرتبات صائب ولكن كان ينبغي إنفاذه بالتدرج حتى نصل للزيادة المطلوبة، وكذا رفع الدعم عن الوقود.
وجاءت إجراءات ضبط شراء وتصدير الذهب، مصحوبة بما يشبه الحرب على تجار النقد الأجنبي وسماسرته في السوق السوداء، إذ أقسم رئيس اللجنة الاقتصادية الفريق أول محمد حمدان حميدتي، بأنه لن يترك شخصا يتاجر بالعملات الأجنبية "الدولار" مهما كان مركزه.
واعتبر حميدتي، في تصريحات له قبل يومين، أن الدولار الأمريكي بمثابة "عدو لهم" ويستوجب أن يعمل الجميع حتى يتراجع سعره أمام الجنيه السوداني.
ولم يخيب تفاؤل لجنة الطوارئ الاقتصادية بتحقيق استقرار قريب في الأوضاع المعيشية، إذ بدأت تأثيرات قراراتها واضحة في سعر الصرف.
وقال متعاملون في النقد الأجنبي بالخرطوم لـ "العين الإخبارية"، إن قرارات لجنة الطوارئ الاقتصادية الأخيرة أحدث ربكة كبيرة في السوق الموازية للعملات الصعبة، وسادت كثير من المخاوف أدت لارتفاع قيمة الجنيه السوداني.
وشددوا بأن أغلب تجار العملة الأجنبية امتنعوا عن تحديد أسعار لها خشية الوقوع في خسائر مالية فادحة نتيجة قرارات اللجنة الاقتصادية وعزمها التعامل بحسم مع السماسرة والمضاربين في السوق السوداء.
وتوقع الصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية أحمد خليل، أن تقود السياسات التي تبنتها لجنة الطوارئ الحكومية إلى استقرار اقتصادي خلال المدى القريب إذا أحكم تنفيذها.
وقال خليل في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن هذه قرارات جيدة، فهي ستمكن من وقف تهريب الذهب من خلال الأسعار والضوابط التشجيعية التي صاحبتها، كما أن المحفظة الاستثمارية ستمكن من توفير السلع الاستراتيجية وبالتالي تنتفي حالة النقص والندرة".
وأضاف، تأتي هذه الإجراءات أكلها في القريب العاجل، ويجب أن تمضي الحكومة في علاج الأزمة الاقتصادية عن طريق السياسات، ولا تلجأ لفرض الحلول الأمنية والعقابية لأنها تفاقم المشكلة.