تصدر الملابس إلى أوروبا.. بنين نموذج صناعي جديد في غرب أفريقيا

في خطوة استراتيجية تعكس تحوّل بنين إلى نموذج صناعي جديد في غرب أفريقيا، أطلقت البلاد أول صادراتها من الملابس الجاهزة نحو أوروبا لصالح العلامة الفرنسية GEMO.
خطوة تبرز تقدم بنين على دول كبرى مجاورة مثل نيجيريا ومالي والنيجر، وسط إشادة واسعة من خبراء الاقتصاد والصناعة في القارة.
وبينما تواجه اقتصادات غرب أفريقيا تحديات تصديرية وتنموية متزايدة، اختارت بنين طريقًا مختلفًا: استثمار في البنية الصناعية، شراكات دولية، واهتمام بمعايير الاستدامة الاجتماعية والبيئية. وها هي تجني أولى الثمار، معلنة انطلاق أول شحنة من منتجاتها النسيجية نحو الأسواق الأوروبية، لتعلن ولادة قطب صناعي جديد في قلب القارة.
بنين تتقدم في غرب أفريقيا.. الصناعة قبل النفط والذهب
وحققت منطقة غلو-جيغبي الصناعية (GDIZ) في بنين إنجازًا جديدًا عبر تصدير أول دفعة من الملابس لصالح العلامة الفرنسية الشهيرة GEMO، التابعة لمجموعة "إرام"، حيث تجاوزت الشحنة الأولى 50 ألف قطعة، في إطار شراكة استراتيجية تستهدف تصدير مليون قطعة مع نهاية 2025، وثلاثة ملايين بحلول 2026.
وأوضح برِيس بيرار، مدير المشتريات في GEMO، أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة تنويع سلاسل الإمداد وتقريب الإنتاج من السوق الأوروبية. كما شدد على أهمية اعتماد القطن المحلي وممارسات إنتاج مسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، ما يجعل من المشروع تجربة مستدامة ومربحة للطرفين، بحسب صحيفة "لا نوفل تريبين" الفرنسية.
- الإمارات وصربيا.. شراكة شاملة وتكامل مستدام
- «العين الإخبارية» تواكب الإنجاز.. مليون زائر لجناح الإمارات في إكسبو أوساكا
منطقة صناعية جذابة للمستثمرين الدوليين
ويرى ليتونجي بيهتون، المدير العام لشركة SIPI-Bénin S.A.، أن دخول GEMO إلى السوق البنيني يعزز المكانة المتنامية للمنطقة الصناعية، قائلًا: "بعد انضمام علامات مثل KIABI وUS POLO ASSN وThe Children’s Place، أصبحت GDIZ قطبًا صناعيًا لا غنى عنه في غرب أفريقيا".
وأضاف أن المنطقة توفر بيئة مثالية للإنتاج، تجمع بين بنى تحتية حديثة، سلاسل إنتاج متكاملة، وقرب جغرافي من أوروبا، إضافة إلى توفر القطن المحلي المعتمد. الأمر الذي يسهم في خلق وظائف عالية التأهيل وتنمية الصناعات التحويلية في بلد يعتمد تاريخيًا على الزراعة والخدمات.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الفرنسي جون-فيليب ديسباريه، الباحث في مركز الدراسات التنموية بباريس، لـ"العين الإخبارية" إن ما تقوم به بنين يمثل نموذجًا جديدًا للتنمية في أفريقيا، يعتمد على الصناعة الخفيفة وسلاسل القيمة الإقليمية.
وأضاف: "بينما تتخبط دول نفطية وغنية بالمعادن في أزمات تصديرية وتقلبات سياسية، تبني بنين اقتصادًا متينًا حول نواة إنتاجية حقيقية، قابلة للتوسع، وتراعي المعايير البيئية والعمالية المطلوبة في الأسواق الأوروبية".
ويؤكد أن استراتيجية بنين في الاعتماد على استثمارات موجهة للتصدير، مقرونة بشراكات ذكية، قد تجعل منها في العقد المقبل مركزًا صناعياً تنافسيًا قادرًا على جذب مزيد من العلامات الدولية الباحثة عن إنتاج قريب ومستدام.
المستقبل.. هل تحذو دول الجوار حذو بنين؟
في الوقت الذي تعاني فيه نيجيريا ومالي والنيجر من اضطرابات سياسية وأمنية تعرقل تطورها الصناعي، تثبت بنين أن الاستقرار، والتخطيط طويل الأمد، والانفتاح على الشراكات الدولية يمكن أن تخلق قصة نجاح أفريقية في قلب التحديات.