الإنسان بريء من انقراض فيل الماموث.. "المناخ" هو القاتل
فندت دراسة حديثة الاعتقاد الذي استقر لزمن طويل حول وقوف الإنسان وراء انقراض "فيلة الماموث" قبل 4 آلاف عام.
وأثبت فريق يضم علماء من روسيا والولايات المتحدة وألمانيا والصين أن سبب انقراض فيلة الماموث الذي بدأ منذ 12000 عام يكمن في التغير السريع للمناخ.
وأظهرت الدراسة أن فيلة الماموث انقرضت بسبب نقص الغذاء الناجم عن ذوبان الجليد في القطب الشمالي.
وأوضح الأستاذ في كلية "سانت جون" بجامعة كامبريدج، ومدير مركز علم الوراثة الجيولوجي في القطب الشمالي في جامعة كوبنهاجن، إيسكي فيريلسليف أن سبب نفوق الحيوانات هو التغير السريع للمناخ.
وقال فيريلسليف إن ذوبان الجليد في القطب الشمالي أدى إلى ارتفاع الرطوبة، وتكوين البحيرات والأنهار والمستنقعات والاختفاء شبه الكامل للغطاء النباتي الذي يأكله الماموث.
غذاء للإنسان
يذكر أن فيل "الماموث الصوفي" هو سلف قديم من الفيلة ظهر في سيبيريا المعاصرة منذ 450 ألف عام واختفى من وجه الأرض منذ 4 آلاف عام. وكان لحمه يشكل جزءا من الأغذية التي تناولها الإنسان القديم الذي استخدم هيكل الماموث العظمي وأنيابه لإنشاء المنازل وصنع الأسلحة.
واعتقد العلماء منذ زمن بعيد أن البشر هم الذين تسببوا في انقراض فيل الماموث، لكن الدراسة الجديدة وجدت سببا آخر وهو التغير السريع لمناخ الأرض، حيث لم تستطع الحيوانات الكبيرة التكيف السريع مع نظام غذائي فقير بعد تغير نوعية أطعمتها.
ونشرت مجلة Nature نتائج الدراسة، حيث أشارت إلى أن فريق العلماء الدولي قام بتحليل الحمض النووي البيئي القديم لما يزيد على 1500 نموذج من النباتات والحيوانات يبلغ عمرها ما يقارب 50000 عام واستخرج عينات تربة مأخوذة من الجليد الأزلي والبحيرات القديمة في 535 موقعا مختلفا في منطقة القطب الشمالي.
الرحيل الأخير
بدوره، ساهم فريق من علماء جامعة بطرسبورغ الروسية في الدراسة، من خلال تحليل عينات تم الحصول عليها في أرخبيل سيفيرنايا زيمليا وشبه جزيرة تايمير.
ووضع العلماء بناءً على تلك العينات خارطة انتشار فيلة الماموث وأظهروا ديناميكات تقلص عددها واستطاعوا إثبات أن عددها تقلص إلى حد بعيد بعد العصر الجليدي الأخير الذي انتهى منذ 12 ألف عام.
لكن بعضها استطاع البقاء على قيد الحياة في بعض المناطق حتى حلول العصر الجيولوجي الرباعي (منذ 4000 عام)، ثم انقرض هذا النوع تماما.
استنساخ الماموث
ويحظى فيل الماموث باهتمام واسع من العلماء، بل إن البعض يسعى إلى إعادة "تخليق" هذا الكائن العملاق، استنادا إلى الهندسة الوراثية.
ونقلت صحيفة "جارديان" البريطانية في سبتمبر/ أيلول 2021، عن باحثين عزمهم "استنساخ" حيوان يشبه الماموث إلى حد كبير، وتنصب أنظار العلماء أولا على تخليق هجين بين الفيل والماموث، عن طريق تحضير أجنة معمليا تحمل الحمض النووي للماموث.
وأوضحت الصحيفة أن نقطة بداية المشروع تتضمن استخلاص خلايا جلد الفيل الآسيوي المهدد بالانقراض، ودمجها مع خلايا جذعية للماموث (من جثث مجمدة له) تحمل حمضه النووي، وبالتالي بعض صفاته المميزة مثل الشعر الكثيف وطبقات الدهون السميكة.
ويخطط العلماء لنقل الأجنة المحضرة إلى أم بديلة، أو ربما تنمى في أرحام اصطناعية، وإذا سارت التجارب كما هو مخطط لها يأمل الباحثون في الحصول على أول مجموعة من الصغار في غضون 6 سنوات.
وقال جورج تشيرش أستاذ علم الوراثة وتحرير الجينات في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية للصحيفة: "هدفنا تخليق فيل مقاوم للبرد، لكنه سيبدو ويتصرف مثل الماموث. ليس لأننا نحاول خداع أحد، لكن لأننا نريد شيئا معادلا وظيفيا للماموث. يستمتع بوقته عند درجة حرارة 40 تحت الصفر، ويفعل كل الأشياء التي تفعلها الأفيال والماموث، ولا سيما اقتلاع الأشجار".