استخراج المعادن النادرة من قاع البحار.. البيئة تخشى ضربة "في العمق"
أينما وجدت الثروات الطبيعية، سيبذل البشر كل ما في وسعهم لاستخراجها إن آجلا أو عاجلا، حتى وإن كانت تلك الثروة في أعماق بحار سحيقة.
وفقا لهذه الفرضية، يخشى ناشطون في مجال البيئة من "ضربة" جديدة للنظام البيئي إذا ما انخرطت الشركات الدولية في سباق لاستخراج المعادن النادرة التي تزخر بها أعماق البحار.
ويثير قاع البحر الذي يراوح عمقه بين 4 آلاف و6 آلاف متر، شهية متعاظمة لأن بعض أجزائه يحتوي على معادن بأشكال عديدة، بما في ذلك العقيدات متعددة المعادن.
- أسعار الليثيوم "المجنونة" تهدد بطاريات العالم.. من الهواتف للسيارات
- برلين تخشى من دهاء بوتين.. مخاوف من وقف الغاز وانفجار الأسعار
هذه الحصى الصغيرة غنية بشكل خاص بالمنجنيز أو الكوبالت أو النيكل، وهي معادن يزداد الطلب عليها لأنها تُستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية.
فرضية "مخيفة"
أينما حدث التعدين، فإنه معروف بشكل خاص بتكلفته البيئية، وفق ما تقول سيلفيا إيرل المديرة العلمية السابقة للوكالة الأمريكية للطقس والمحيطات (نوا).
ولا تعرف إيرل حتى الآن بالضبط "الأضرار الناجمة عن التعدين في قاع البحار"، لكنها واثقة من التكاليف تفوق الفوائد قصيرة المدى.
والتعدين في أعالي البحار لا يزال غير موجود، إلا أن معاهد بحوث أو شركات خاصة حاصلة على رعاية دولة أو أكثر، بدأت عمليات استكشاف، تحت رعاية السلطة الدولية لقاع البحار، في 6 مناطق مختلفة من المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي والمحيط الهندي.
ولا يزال قاع البحار العميقة، أكبر نظام بيئي على هذا الكوكب، مجهولا إلى حد كبير، لكنّ العلماء يتفقون على هشاشته الكبيرة.
حملة مبكرة
وفي جبهة جديدة في الكفاح لحفظ المحيطات، أطلقت بلدان جزرية في المحيط الهادئ وبرلمانيون من نحو ثلاثين دولة، معركة تبدو صعبة ضد التعدين في أعماق البحار.
فقد أطلقت حكومات جزر بالاو وفيجي وساموا، بدعم من مئة برلماني من 37 دولة، نداء لوقف استخراج المعادن من قاع البحر، مستفيدةً من عقد الأمم المتحدة مؤتمرا خصصته للمحيطات هذا الأسبوع في لشبونة.
لذلك دعا الناشطون البيئيون المدافعون عن هذا النظام البيئي إلى التعبئة على أمل حظر استغلاله موقتًا قبل الموعد النهائي في تموز/يوليو 2023.
عندها يمكن للسلطة الدولية لقاع البحار اعتماد قانون تعدين يمهد لهذا القطاع الجديد.
وحذر ائتلاف البرلمانيين من أنه "لم يتبق سوى عام واحد لوضع حد لهذا السباق غير العقلاني وحماية المحيط قبل فوات الأوان".
وقال البرلمانيون في لشبونة "لا يمكننا السماح لشركاتنا بالذهاب وتدمير قاع البحر في الأماكن الأخرى وجني جميع الأرباح المتأتية من ذلك".
كما سافر رئيس بالاو سورانجيل ويبس جونيور إلى العاصمة البرتغالية للدفاع عن إصدار قرار بتجميد التعدين في قاع البحر، قائلا إن هذا النشاط "يقوض سلامة موائل محيطنا ويجب لجمه بشدة".
وقد حظيت هذه الخطوة بدعم تشيلي على وجه الخصوص، بينما تُبدي بلدان أخرى مخاوف بشأن المخاطر المحتملة للتعدين، لكن من دون الذهاب إلى حد الدفاع عن حظره الموقت.
الموقف الأمريكي
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، أشار المبعوث الأمريكي لشؤون المناخ جون كيري إلى أن بلاده "لم تتخذ موقفا رسميا" بشأن هذا الموضوع. وقال على هامش مؤتمر لشبونة "لكننا عبرنا عن مخاوف عميقة بشأن التقييم المناسب لتأثيرات أي عملية تعدين في قاع البحار، ولم نوافق على أي منها".
كما أن الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته إيفان دوكي الذي حضر اجتماع الأمم المتحدة، يقترح من جانبه أن تتخذ كل دولة خيارها، موضحا في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنه "بالنسبة للدول التي لديها إمكان الحصول على دخل من هذا النشاط، فسنُضطر في حال حظره إلى إيجاد تعويض لها".
وقال الأمين العام للسلطة الدولية لقاع البحار مايكل لودج خلال جلسة خُصصت لهذا الموضوع إن "الرواسب الغنية بالمعادن الموجودة في قاع البحر والتنوع البيولوجي المرتبط بها توفر فرصا هائلة للتنمية المستدامة".
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يؤيد "إطارا قانونيا يمنع التعدين في أعالي البحار"، أي خارج المياه الخاضعة لسلطة الدول.
لكنه اعتبر أنه من الضروري مواصلة "الترويج للمهمات العلمية البحتة" .
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، قال ماكرون إن استكشاف أعماق البحار كان بمثابة "رافعة غير عادية لفهم الكائنات الحية" ولكن أيضا "للوصول إلى بعض المعادن النادرة".
وقبل ذلك بشهر، دافع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة مع ذلك عن فرض حظر على التعدين في قاع البحار، حتى "إجراء تقييمات دقيقة وشفافة للآثار" و "ضمان الحماية الفعالة للبيئة البحرية".
aXA6IDMuMTQ1LjExNS4xMzkg جزيرة ام اند امز