سياسة
رحلة «إف-14» بين الحروب الباردة والمهام الحديثة.. إرث لم يندثر بعد 2006
بعد انتهاء الحرب الباردة، كان من المفترض أن ينتهي دور طائرة "إف-14 توم كات" الأمريكية، لكن واشنطن نجحت في الحفاظ على أهميتها.
الطائرة التي جرى تصميمها لتكون مقاتلة اعتراضية لمواجهة الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو لم تستخدم لهذا الهدف فبدلا من ذلك تم نشر الطائرة في أوائل القرن الحادي والعشرين في صحاري وجبال الشرق الأوسط حيث تحولت إلى منصة هجومية متعددة المهام ودعم جوي قريب كما أدت أداءً رائعًا في أدوار لم تُصمم لها قط وذلك وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.
وطائرة "إف-14 توم كات" تم إنتاجها عام 1974 ووصل عدد الطائرات المصنعة إلى 712 طائرة من جميع الطرازات.
وبلغ طول الطائرة 19.1 متر وباع الجناح 19.5 متر بدون انحناء و11.6 متر مع انحناء وأقصى وزن للإقلاع 33720 كيلوغراما.
ولدى الطائرة محركان توربينيان مروحيان من طراز "برات آند ويتني تي إف 30" في الطراز القديم للطائرة أو محركان من طراز "جي إيي إف 110 جي إيي 400" في الطرازات الأحدث.
وتبلغ السرعة القصوى للطائرة 2485 كيلومترا/ساعة بما يعادل 2.34 ماخ ويصل مداها إلى 3000 كم ويصل سقف الخدمة إلى 16150 مترًا تقريبًا.
وتحمل الطائرة مجموعة من الصواريخ مثل "ايه آي إم-54 فونيكس" و"ايه آي إم-7 سبارو" و"ايه آي إم-9 سايدويندر" إضافة إلى ذخائر الهجوم المباشر المشترك وقاذفات القنابل الموجهة وسلسلة "إم كيه-80" وأحيانا مدفع "إم 61 فولكان".
ويضم طاقم الطائرة طيارين إضافة إلى ضابط اعتراض راداري.
كان تحول الطائرة "إف-14 توم كات" قد بدأ في التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتقلص ميزانية الدفاع الأمريكية حيث سعت البحرية الأمريكية في ظل ندرة الموارد وتطور المهام إلى تعزيز تنوع أسطولها الحالي من هذه الطائرات.
وفي حين أن طائرة "إف/إيه-18 هورنت" التي لا تزال جديدة نسبيا قدمت خيارًا خفيف الوزن متعدد المهام ومتعدد الاستخدامات، إلا أن الطائرة النفاثة افتقرت إلى المدى والحمولة وتكوين طاقمين، وهي الصفات التي جعلت إف-14 قيّمة جدًا كطائرة اعتراضية.
وأدركت البحرية القدرات الكامنة لطائرتها الاعتراضية بعيدة المدى، ورأت فيها قاذفة كامنة تحتاج فقط إلى بعض التحديثات.
ومن خلال ترقيات متتالية، بما في ذلك أدوات التحكم الرقمية في الطيران، والتعزيزات الهيكلية، ودمج كبسولة الاستهداف تم تعديل "إف-14" لتصبح طائرة قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة وهجوم ليلي.
وبإضافة ذخائر الهجوم المباشر والذخائر الموجهة بالليزر إلى طائرة تتمتع بالفعل بمدى مذهل وقدرة على التحليق وسعة حمولة هائلة، نجحت البحرية الأمريكية في بناء طائرة هجومية بعيدة المدى تتفوق على طائرة "إف/إيه-18" متعددة المهام في بعض النواحي.
وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2011، خضعت طائرة "إف-14" المعدلة لاختبارات قتالية، ففي أفغانستان انطلقت من حاملات طائرات في شمال بحر العرب واستخدمت التزود بالوقود جوًا للوصول إلى ساحات معارك غير ساحلية على بعد مئات الأميال في الداخل.
وشملت المهام قصفًا دقيقًا، ودعمًا جويًا قريبًا عند الطلب، وأعمال مراقبة جوية أمامية، ومراقبة آنية باستخدام صور الأشعة تحت الحمراء.
كما أتاح طاقم الطائرة المكون من شخصين إمكانية إدارة عبء العمل بسهولة في المهام بعيدة المدى والمعقدة بينما كان ضابط اعتراض الرادار يتولى مهام الفيديو والتنسيق الأرضي والاستهداف.
وأثبتت طائرة "إف-14" قيمتها في المناطق الجبلية بأفغانستان، حيث كانت القوات الأمريكية تعمل غالبًا بأعداد صغيرة في ظل ضعف الرؤية والحاجة إلى الدعم.
كما خدمت طائرة "إف-14" أيضًا في العراق، حيث نفذت مرة أخرى مهام ضربة دقيقة واستطلاع ودعم جوي قريب.
وبتزويدها بأسلحة الهجوم المباشر والذخائر الموجهة بالليزر وأحيانًا أسلحة الانزلاق، ضربت طائرة "إف-14 " مجمعات القيادة ومواقع الرادار والمطارات والتشكيلات المدرعة وهي كلها تطبيقات رائعة لطائرة صممت خصيصًا لاعتراض القاذفات السوفياتية.
ومع ذلك، وعلى الرغم من نجاح طائرة "إف-14" في القرن الحادي والعشرين، كان التقاعد أمرًا لا مفر منه حيث كانت صيانة الطائرة باهظة الثمن فتطلبت أجنحتها المعقدة ذات الهندسة المتغيرة، وهيكلها القديم، وبنيتها التحتية التي تعود إلى حقبة السبعينيات، ساعات صيانة مكثفة بعد كل رحلة.
كما أصبح الحصول على قطع الغيار صعبًا بشكل متزايد في حين أصبح التآكل مشكلة مستمرة وأرادت البحرية توحيد جهودها حول منصة واحدة متعددة المهام هي "إف/إيه/18 إيي/إف سوبر هورنت" وفي النهاية خرجت "إف-14 توم كات" من الخدمة عام 2006.