«إف-22 الأمريكية» و«جيه-16 الصينية»... من يربح المعركة؟

في تطوّر جديد يعكس احتدام التنافس بين القوى الكبرى، كشفت وسائل الإعلام الصينية وتقارير لطيّارين في سلاح الجو التابع لجيش التحرير
الشعبي اعتراض طائرات جيه-16 لمقاتلات من الجيل الخامس قرب السواحل الصينية.
تُعد الحادثة هي الأحدث ضمن سلسلة من المواجهات بين القوات الجوية الأمريكية والصينية، وهما من بين الأكثر تقدماً في العالم، وفقا لمجلة "مليتري ووتش".
ورغم أن التقارير الصينية لم تُحدّد نوع الطائرة المعادية، لكن الاحتمالات تنحصر بين مقاتلتي إف-22 وإف-35 الأمريكيتين، وهما الوحيدتان من الجيل الخامس في شرق آسيا.
إلا أن تأكيد الجانب الصيني أن الطائرة "لم تظهر مجدداً قرب السواحل الصينية منذ ذلك الحين"، على عكس إف-35 التي شوهدت مراراً في المنطقة، يشير بقوة إلى أن المقصودة هي إف-22 رابتور.
تفوق تقني متباين
تحليل القدرات التقنية لكل من جيه-16 وإف-22 يوضح ملامح السباق التكنولوجي في عالم الطيران القتالي الحديث، ففي الوقت الذي تُعد فيه جيه-16 من أكثر مقاتلات الجيل الرابع تطوراً على الإطلاق، تعتبر إف-22 ــ رغم مكانتها الرمزية ــ الأقدم والأقل تقدماً بين مقاتلات الجيل الخامس العاملة حالياً.
وفي حال نشوب قتال قريب المدى (دوغ فايت)، تبرز إف-22 بتفوقها في المناورة بفضل محركاتها المزودة بتقنية توجيه الدفع، التي تمنحها قدرة فريدة على أداء مناورات حادة لا تستطيع أي طائرة غربية أخرى مجاراتها.
وتتميّز كذلك بقدرتها على تجاوز حد الرفع الحرج والدخول في مرحلة ما بعد الانهيار الهوائي مع الحفاظ على السيطرة، وهي ميزة تمنحها تفوقاً حركياً استثنائياً في المعارك القريبة.
في المقابل، لا تملك جيه-16 محركات بتوجيه دفع، لكنها تعد واحدة من أكثر الطائرات رشاقة في فئتها. فتصميمها مستمد من المقاتلة السوفيتية الشهيرة سوخوي-27، لكنها تتفوّق عليها بفضل هيكل حديث مصنوع من مواد مركبة، ومحركات أقوى، وأنظمة تحكم طيران رقمية أكثر تقدماً، ما يمنحها قدرة عالية على المناورة رغم غياب توجيه الدفع.
القتال القريب
ورغم أن إف-22 تحتفظ بأفضلية نسبية في المناورات القصيرة المدى، لكنها تعاني من عيب قاتل في القتال البصري القريب. فمع أنها تحمل صاروخين من طراز إيه آي إم-9 إكس الموجهين بالأشعة تحت الحمراء والقادرين على استهداف الأهداف خارج محور الرؤية، فإنها تظل الطائرة الوحيدة من الجيل الخامس التي لا تمتلك نظام التصويب عبر الخوذة، وهو ما يُجبر طياريها على توجيه مقدمة الطائرة نحو الهدف لإطلاق الصاروخ.
في المقابل، تتمتع جيه-16 بتفوق واضح في هذا الجانب؛ فهي مزوّدة بصواريخ بي إل-10 الصينية الصنع، التي تتفوّق في الأداء على نظيرتها الأمريكية، وتعمل بتناغم مع نظام التصويب عبر الخوذة.
كما أن وجود ضابط أنظمة الأسلحة في المقعد الخلفي يمنح الطائرة ميزة إضافية، إذ يمكنه تولّي عملية الاستهداف أثناء انشغال الطيار بالمناورة أو عند التعرّض لقوى تسارع عالية، وهو ما يصعب على الطائرات ذات المقعد الواحد مثل إف-22.
دروس من الحرب الباردة
تؤكد التجارب العسكرية أن القدرة على استهداف الأهداف خارج محور الرؤية تمنح تفوقاً ساحقاً في القتال القريب. وقد تجلّى ذلك خلال اختبارات حلف الناتو على مقاتلات ميغ-29 الألمانية الشرقية بعد توحيد ألمانيا، إذ أثبتت هذه الطائرات السوفياتية القديمة تفوقها الواضح على نظيراتها الغربية بفضل تلك التقنية.
وبناءً على ذلك، يُرجَّح أن تميل كفّة المواجهة لصالح جيه-16 في حال حدوث قتال قريب، رغم تفوق إف-22 في القدرة على المناورة. كما أن تفوق الطيارين الصينيين في معدل ساعات التدريب السنوية ــ مقارنةً بنظرائهم الأمريكيين ــ قد يمنحهم ميزة إضافية في ساحة القتال.
ورغم أن مستقبل إف-22 رابتور يبدو غامضاً مع مرور الزمن وتقدّم التقنيات المنافسة، فإن إدخال نظام تصويب عبر الخوذة مستقبلاً قد يعيد التوازن، ويمنح الطائرة الأمريكية فرصة أكبر لاستعادة تفوقها في المعارك الجوية القريبة.