«إف-35» تواجه معركتها الأصعب.. هل يختفي «الشبح»؟

تواجه المقاتلة الأمريكية F-35، اختبارًا غير مسبوق في ظل تحوّلات جذرية في سياسات الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة.
فبعد عقود من هيمنة شركات صناعة الأسلحة الأمريكية على سوق الأسلحة المتطورة عبر مشروعات مثل F-35، بدأت رياح الشك تعصف بثقة الحلفاء، لا سيما مع تصاعد الخطاب الأمريكي المنفرد تحت إدارة ترامب، الذي يضع مصالح واشنطن فوق التزاماتها تجاه حلف الناتو.
وبحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، دفع هذا التحوّل دولًا أوروبية وحلفاء رئيسيين إلى إعادة حساباتهم، للعثور على بدائل قد تعيد تشكيل خريطة الصناعات الدفاعية العالمية.
تلقي هذه المخاوف الضوء على برنامج طائرة إف-35، أكبر برنامج دفاعي في أمريكا وأكبر مصدر دخل فردي لشركة لوكهيد مارتن للدفاع.
فرغم اعتبار طائرة «إف-35» العمود الفقري للقوات الجوية الغربية الحديثة، يخشى البعض مما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة تعطيل أنظمة الأسلحة باستخدام ما يسمى "مفتاح القتل".
وقد أدت تصريحات ترامب الأخيرة إلى إشعال التوترات أكثر، عندما اقترح بيع نسخة مُخفّضة المستوى من طائرة مقاتلة أمريكية متطورة لحلفاء الولايات المتحدة في المستقبل، لأن "ربما لن يكونوا حلفاء لنا في يوم ما".
وكان الرئيس يشير إلى جيل جديد من الطائرات المتقدمة، المعروفة باسم إف-47، التي لن تدخل الخدمة إلا بعد عدة سنوات.
الـF-35.. بين التفوق التكنولوجي ومخاوف التبعية
تُعد F-35، التي دخلت الخدمة عام 2015، إحدى أكثر الطائرات تطورًا في التاريخ العسكري. وتجمع المقاتلة بين تقنيات التخفي المتقدمة، التي تجعلها شبه مخفية عن الرادارات، وأنظمة حرب إلكترونية متكاملة تسمح لها بجمع البيانات من ساحة المعركة ونشرها للحلفاء في الوقت الفعلي.
لكن هذه الميزات لا تخفي التحديات التي تواجهها، فالتكلفة الباهظة للطائرة التي تتجاوز 100 مليون دولار للمقاتلة الواحدة، واعتمادها على سلسلة توريد معقدة تشمل مئات الشركات عبر 19 دولة، جعلتها مشروعًا شديد الحساسية للتوترات السياسية.
القلق الأكبر للحلفاء، مع ذلك، يكمن في "التبعية التكنولوجية" لواشنطن. فوفقًا لوثائق مسربة، تعتمد أنظمة الطائرة على تحديثات برمجية تُرسل من مراكز بيانات أمريكية، مما يمنح واشنطن سيطرة غير مباشرة على أدائها.
ورغم نفي البنتاغون وجود "مفتاح قتل" سري يمكنه تعطيل الطائرة عن بُعد، فإن تصريحات ترامب الأخيرة حول بيع طائرات "محدودة القدرات" لحلفاء قد ينقلبون ضد المصالح الأمريكية، أثارت مخاوف من إمكانية استخدام التكنولوجيا كورقة ضغط جيوسياسية.
الحلفاء يبحثون عن مخرج: البدائل الأوروبية تحت المجهر
في هذا المناخ المتشكك، بدأت دول مثل كندا والبرتغال وبلجيكا تُعيد تقييم التزامها بشراء الـF-35، متجهة نحو خيارات أوروبية رغم فجوة القدرات التقنية.
وتأتي يوروفايتر تايفون، المقاتلة الأوروبية ثنائية المحركات، في صدارة البدائل. رغم افتقارها إلى تقنية التخفي، وتتمتع التايفون بقدرات تفوق جوي ممتازة، وتشارك في تصنيعها شركات من ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، مما يمنح الحكومات الأوروبية سيطرة أكبر على التوريدات والصيانة.
أما رافال الفرنسية فتتميز بمرونتها في تنفيذ مهام متعددة، من الاعتراض الجوي إلى الضربات الأرضية، مع إمكانية تشغيلها من حاملات الطائرات. لكن إنتاجها المحدود -بحد أقصى 11 طائرة سنويًا- يُقلل من جاذبيتها للدول التي تحتاج إلى تعزيز أساطيلها سريعًا.
في المقابل، تقدم جريبن السويدية، ذات المحرك الواحد، حلاً اقتصاديًا نسبيًا، لكنها تفتقر إلى القدرات الهجومية بعيدة المدى، مما يحد من نطاق عملياتها.
المفارقة هنا أن هذه البدائل، رغم جدارتها، لا تُشكل تهديدًا حقيقيًا للهيمنة الأمريكية. فوفقًا لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، لا تزال الـF-35 متفوقة في 55% من القدرات القتالية مقارنة بأقرب منافسيها، خاصة في نطاق الحرب الإلكترونية والتنسيق مع الأنظمة الفضائية.
لوكهيد مارتن.. بين التحديات وفرص التوسع
رغم العاصفة الجيوسياسية، تبدو شركة لوكهيد مارتن واثقة من مستقبل برنامج الـF-35، مستندة إلى أمرين رئيسيين: الاستثمارات الضخمة السابقة للحلفاء في البنية التحتية اللوجستية للطائرة، والافتقارإلى بديل متكافئ. فالدول التي أنفقت مليارات الدولارات على بناء مرافق صيانة وتدريب لـF-35 لن تتخلى عنها بسهولة.
من ناحية أخرى، تعمل الشركة على تعويض أي انسحابات محتملة عبر التوسع في أسواق جديدة. الهند، التي تخطط لاستبدال أسطولها القديم من المقاتلات الروسية، تُعتبر هدفًا رئيسيًا، حيث تتفاوض مع واشنطن على صفقة قد تشمل نقلا تكنولوجيا جزئيا.
تنتج شركة لوكهيد نحو 155 طائرة سنويًا، وكان لديها تراكم في الطلب يبلغ 408 طائرات بنهاية عام 2024. وفي وقت سابق من هذا العام، قدرت الشركة "الفرص المحتملة" للمبيعات المحلية والدولية بما يصل إلى 2300 وحدة. ويتراوح سعر الطائرة، باستثناء تكاليف الصيانة والتشغيل، بين نحو 80 مليون دولار و110 ملايين دولار حسب الطراز.
aXA6IDMuMTQ1LjI2LjM1IA==
جزيرة ام اند امز