الحادث الإرهابي المجرم في الاعتداء على مصلين في مسجدين بنيوزيلندا يثير الحزن والخوف والقلق من تزايد حالة الشحن اليميني المتطرف.
الحادث الإرهابي المجرم في الاعتداء على مصلين في مسجدين بنيوزيلندا يثير الحزن والخوف والقلق من تزايد حالة الشحن اليميني المتطرف الكاره للآخر، والرافض للتعايش، والجاهل تماماً بمفهوم التسامح الإنساني والديني.
لم أتوقف أمام الحادث طويلاً، لأنه رغم بشاعته لا يعكس حالة عامة في المجتمع النيوزيلندي المعروف بتسامحه.
هذا البلد خالٍ في تاريخه من أي تزمت أو تطرف أو إرهاب تكفيري، فهو شعب يتكون من 4٫6 مليون نسمة، 72٪ منهم من أصول أوروبية من المهاجرين، ويبقى 15٪ من السكان «الموري» الأصليين، مساحته نصف مساحة أستراليا، اقتصاده جيد ومنتعش ومستقر، مستوى المعيشة فيه مرتفع، والخدمات العامة من الأفضل في العالم، ومعدل البطالة فيه يبلغ 6٪ وهو معدل شديد الانخفاض عالمياً.
إذن، نحن لسنا أمام مجتمع مأزوم بأي شكل من الأشكال، قد تكون مشكلته هي الإفراط في الحرية في تسهيل بيع السلاح الشخصي للأفراد، وهو أمر شائع في العديد من دول أوروبا وأمريكا بسبب التشريعات اليمينية التي تدافع عن حق الفرد في حماية نفسه، وأيضاً بسبب قوة مصالح لوبي بيع السلاح.
الشيء الوحيد الذي توقفت أمامه طويلاً، والذي أعتقد أن هذا الحادث سوف يكون علامة فارقة ونقطة تحول فيه، هو علاقة الإرهاب والجريمة بمنصات التعامل الإلكتروني على الشبكة العالمية العنكبوتية.
ذلك كله يطرح مدى مسؤولية «فيسبوك» عما يبث، فهو ليس مجرد ناقل سلبي ومحايد للمحتوى الذي يقدمه ولكن كونه أكبر منصة إلكترونية في العالم تؤثر في المليارات من البشر فهو لديه مسؤولية أخلاقية، وإنسانية، وقانونية عما يذاع على منصته
ويدور الآن جدل شديد وقاسٍ وحاد حول دور منصة «فيسبوك» في كونها الوسيلة التي استخدمها المجرم المتهم في 3 أمور:
1- أولاً الترويج لأفكاره بعشرات الوثائق والكتابات لمدة 6 أشهر قبيل إقدامه على الحادث.
2- إذاعة وبث أول عشر دقائق على الهواء مباشرة على «فيسبوك» بصوته وبموسيقى فاشية مصاحبة وهو يقود سيارته لمتجر «كاراديش» مجرم مجازر البوسنة ضد المسلمين.
3- بث في الـ7 دقائق التالية المجزرة المروعة في المسجدين التي أدت لقتل وذبح 54 مصلياً وجرح العشرات.
أي نحن أمام رجل يكتب ويذيع منذ أشهر أفكاراً إرهابية كارهة للآخر، وتحديداً للمسلمين، ثم أقدم على الإعلان عن جريمته لمدة عشر دقائق ثم نفذها في 7 دقائق على الهواء، ولم ينتبه إليها القائمون على أكبر منصة تواصل في العالم.
ذلك كله يطرح مدى مسؤولية «فيسبوك» عما يبث، فهو ليس مجرد ناقل سلبي ومحايد للمحتوى الذي يقدمه ولكن كونه أكبر منصة إلكترونية في العالم تؤثر في المليارات من البشر فهو لديه مسؤولية أخلاقية، وإنسانية، وقانونية عما يذاع على منصته.
ويستخدم «فيسبوك» جهاز مراقبة وتدقيق يستخدم «الذكاء الاصطناعي» لمثل ذلك المحتوى الذي يحض على الكراهية أو العنصرية أو يشجع على الإرهاب والعنف، كما يستخدم وسائل متابعة بشرية، أي من الخبراء الذين يتابعون على مدار الساعة مثل هذه الأمور.
ومن الواضح، ومن خلال هذه التجربة، ضعف كفاءة وفشل نظام الذكاء الاصطناعي والمتابعة البشرية؛ ما يحتاج إلى إعادة النظر في النظام كله.
الأخطر أن هناك شركة مساهمة عامة يديرها أفراد هي التي تتحكم في عقل وفكر وعادات وتقاليد وثقافة وسلوكيات مليارات البشر.
القانون المستخلص: «لم تعد الحكومات هي المؤثرة في الوعي المحلي، ونظام طرح المعلومات، واتجاهات الثقافة الوطنية للشعوب.. إنه «الفيس بوك».
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة