عقدان على الغزو الأمريكي.. عراقيون يروون لحظات ما قبل سقوط بغداد
عند فجر اليوم الإثنين، يكمل العراق عقدين منذ بداية الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام الرئيس الراحل صدام حسين بعد نحو 25 عاماً من الحكم.
في تلك الليلة، كانت سماء بغداد على موعد مع حدث كبير حين دوت أصوات غارات الطائرات الأمريكية وهي تطلق الصواريخ المستهدفة للمنشآت الحيوية.
وكانت الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا شنتا الحرب على العراق بذريعة وجود أسلحة دمار شامل لدى نظام صدام حسين، ليتبين بعد ذلك كذب الرواية.
وبعد 20 عاما، يستذكر العراقيون تلك الأحداث ويحللون ما جرى بعد أن دفعوا ثمن ذلك التغيير باهظا، ما أسفر تراجعا كبيرا على مستويات عدة من بينها الاستقرار السياسي والبناء الاقتصادي والخدمات.
وفي هذا الإطار، يقول حميد راهي هو ضابط متقاعد برتبة عميد، عمل في صفوف الجيش ضمن الدفاع الجوي، إن "ما حدث هو خداع للرأي العام مارسته الماكينة الإعلامية الغربية عبر إيهام الشعب العراقي أن الخلاص والأمل يكمن في إسقاط نظام صدام حسين، وانطلت تلك الكذبة الكبيرة على الغالبية".
كان حينها راهي يشغل مهمة آمر سرية عند أطراف بغداد الغربية، والتي كانت مهمتها ملاحقة طيران الغزاة بمدافع مضادة لا يتجاوز مداها بضع كيلومترات.
ويستذكر راهي تلك الأيام قائلاً: "كانت المعركة غير متكافئة ونحن نعلم أن الهزيمة لا محال من وقوعها ولكن لم نتوقع أن تكون في غضون أيام وبعدها ينتهي كل شيء".
في بادئ الأمر، كانت تصل إلينا تعليمات مشددة بضرورة تحصين الجبهات والاستعداد الجيد للمواجهة ولكن بعد أيام باتت القيادات مقطعة الأوصال وبات العمل العسكري اجتهاداً وفقاً لما يراه مسؤولو الوحدات العسكرية، كما يقول العميد المتقاعد.
ويستدرك بالقول: "كانت الضربات موجعة في ظل عجز عسكري كبير عن مجاراة التقنية التسليحية لدى الجانب الأمريكي وقوات التحالف الدولي مما شجع أغلب المراتب من جنود وضباط على الانسحاب والعودة إلى المنازل".
الولايات المتحدة والقوى العسكرية التي رافقتها في ذلك الغزو الذي أطلق عليه "الحرية من أجل العراق"، نجحت في أن تحقق أهدافها الرئيسة بإسقاط نظام صدام حسين خلال 19 يوماً، بعد أن واجهت جيوباً من المقاومة هنا وهناك تركز أغلبها عند محيط مطار بغداد وجنوباً عند أطراف محافظة البصرة الحدودية.
ويتحدث العميد العسكري عن آخر لحظات السقوط، قائلا "كان ذلك في السابع من أبريل/نيسان عندما بدأت أصوات الآليات والدبابات الأمريكية تسمع قرب العاصمة بغداد، حينها أدركت أن كل شيء انتهى".
ومضى قائلا "خلعت البِزَّة العسكرية وارتيدت ثياباً مدنية وأسلمت بندقية كانت بعهدتي إلى إحدى البيوت القريبة من وحدتي العسكرية وغادرت المكان".
عبدالله عبدالسيد، رجل خمسيني، بقي وحيداً في داره التي تقع في منطقة قريبة من مطار بغداد بعد أن غادرت عائلته وقت الغزو باتجاه محافظة ديالى خشية أن تتحول بغداد إلى مدينة نار وحديد إذا ما أرادت الولايات المتحدة دخولها.
ويستذكر عبدالسيد هذه الأيام، ويقول "كانت الشوارع شبه خالية من المارة فيما تجوب عجلات مدنية بعضها ذات دفع رباعي وهي تحمل أكثر من ثلاث أشخاص في العادة وغالباً ما كانت وجوههم غير مكشوفة".
ويتابع "فيما بعد تبين أن هؤلاء كانوا مما يعرف بفدائيي صدام وأنهم كما كان يشاع حينها، ينفذون عمليات خاصة تستهدف قتل الأمريكيين أو إيقاعهم في الأسر حين بدأت واشنطن الإنزال الجوي قرب مطار بغداد".
الأوضاع حينها بدأت تسوء شيئاً فشيئا، وفق عبد السيد، الذي تابع أن "الطاقة قطعت بالكامل عن أغلب المدن وباتت حركة التنقل بين المدن أو المناطق المجاورة مجازفة كبيرة".
ويتابع بالقول: "كانت الآمال كبيرة بأن يتنفس العراقيون الحرية والديمقراطية التي تحدثت عنها الولايات المتحدة ولكن كل ذلك تبدد ولم نبصر سوى الفوضى والدم والمستقبل المجهول".