كورسك بميزان الحرب والقوة.. «نجاح قصير» لن يقلب الموازين
يتكشف غبار عاصفة التوغل الأوكراني في كورسك، ويوضع في سياق الحرب المستمرة منذ 2022، ليرسم واقعا "قصير الأمد لن يقلب الموازين".
في تحليلات حديثة طرحت مجلتا فورين بولسي وفورين آفيرز الأمريكيتان عدة تساؤلات، أبرزها هل يشكل الهجوم المضاد المفاجئ الذي شنته أوكرانيا على روسيا نقطة تحول حاسمة في الحرب، أم أنه خطأ استراتيجي من جانب كييف؟ وهل يحمل آثارا أوسع على السياسة الغربية تجاه روسيا بشكل عام والحرب في أوكرانيا بشكل خاص؟
فورين بوليسي قالت إن هجوم أوكرانيا على منطقة كورسك رفع معنويات البلاد وقضى على المخاوف من أن كييف عالقة في حرب استنزاف ضد عدو أكبر لا يمكنها هزيمته أو التفوق عليه.
كما أعاد هذا التوغل الحرب إلى الصفحات الأولى وعزز الأصوات التي تدعو إلى زيادة الدعم الغربي. كما كشف عن قصور خطير في الاستخبارات الروسية والاستعداد، وربما أحرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من عدم وجود أي علامة على أن التوغل قد قلل من عزيمته أو أبطأ التقدم الروسي في دونباس الأوكرانية، وفق "فورين بوليسي".
ويتوقع أن تمنح النجاحات التي حققتها أوكرانيا في ساحة المعركة دفعة لكييف، لكنها من غير المرجح أن تؤثر هذه العملية على نتيجة الحرب، حسب قول المجلة.
المجلة قالت أيضا "لكن من المؤسف أن هذه الأحداث لا تشي سوى بالقليل عن قدرة أوكرانيا على التغلب على الدفاعات الروسية المجهزة تجهيزاً جيداً والجنود المدربين الذين تمكنوا من إحباط هجوم أوكرانيا قبل عام".
وعلاوة على ذلك، قد تنطوي عملية كورسك على خسائر أوكرانية أكبر من الخسائر الروسية، وهي نسبة لا يمكن لأوكرانيا تحملها.
خطأ فادح؟
هنا، استنتجت المجلة "سيكون من الخطأ الفادح أن نستنتج أن النجاحات الأخيرة على جبهة كورسك تعني أن المساعدات الغربية الإضافية ستمكن أوكرانيا من استعادة دونباس أو شبه جزيرة القرم".
ووفقا لـ"فورين بولسي" استخدمت قوى الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، أكثر من 710 آلاف طائرة لإسقاط أكثر من مليوني طن من القنابل على ألمانيا على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة، ومع ذلك ارتفع إنتاج الأسلحة الألمانية بين يناير/كانون الثاني 1942 ويوليو/تموز 1944.
ولم تنجح هذه الحملة الهائلة في إضعاف القوات البرية الألمانية إلا في الأشهر الأخيرة من الحرب، بعد تدمير القوات الجوية الألمانية إلى حد كبير.
وحتى مع الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فإن أي نقل معقول للأسلحة الغربية اليوم لن يمكن أوكرانيا من تنفيذ حملة مماثلة من حيث النطاق، وإذا حدث ذلك بطريقة أو بأخرى فإن روسيا لديها القدرة على الوصول إلى الأسلحة والمعدات الأجنبية، بفضل دول مثل كوريا الشمالية والصين، التي ستظل بعيدة عن متناول الضربات الأوكرانية.
ووفقاً للتقارير المنشورة استولت أوكرانيا الآن على نحو 400 ميل مربع من الأراضي الروسية وأجبرت نحو 200 ألف روسي على إخلاء هذه المناطق.
وتعادل هذه الأرقام 0.0064% من إجمالي مساحة الأراضي الروسية و0.138% من سكانها.
في المقابل، تسيطر روسيا الآن على نحو 20% من أوكرانيا، ويتردد أن الحرب أجبرت ما يقرب من 35% من سكان البلاد على الفرار من ديارهم.
ولكن حتى لو تمكنت كييف من التمسك بالأراضي التي استولت عليها مؤخرا، فلن توفر ورقة مساومة كبيرة، ومن ثم فإن مصير أوكرانيا سوف يتحدد في المقام الأول بما يحدث في أراضيها، وليس عملية كورسك.
في هذا الإطار، ستكون العوامل الرئيسية المحددة للصراع هي استعداد كل جانب وقدرته على الاستمرار في التضحية في ساحة المعركة، ومستوى الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا من الآخرين، وما إذا كان من الممكن التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق يترك الأجزاء غير المحتلة من أوكرانيا سليمة وآمنة.