قرار تاريخي في إسلام آباد.. "الحب القاتل" يجمع الباكستانيين والبلاستيك
الأكياس البلاستيكية تشكّل جزءا كبيرا من مشكلة باكستان إذ تستخدم البلاد نحو 55 مليارا منها كل سنة وفقا لجمعية مصنعي البلاستيك
من الأنهر الرائعة في هندو كوش إلى مدن الصفيح في إسلام آباد، يخنق البلاستيك باكستان بسبب النقص في توعية الرأي العام والتقصير الحكومي والإدارة السيئة للنفايات.
وتشكّل الأكياس البلاستيكية جزءا كبيرا من المشكلة، إذ تستخدم البلاد نحو 55 مليارا منها كل سنة وفقا لجمعية مصنعي البلاستيك في باكستان.
ودفعت الشواطئ الغارقة بالنفايات البلاستيكية والأضرار الكبيرة اللاحقة بالكائنات البحرية جراء تناول هذه المخلفات نحو 120 دولة إلى فرض ضوابط وأشكال مختلفة من الحظر على المنتجات البلاستيكية المعدة للاستخدام مرة واحدة.
والتحقت باكستان بركب هذه الدول، لكنها تكافح لتطبيق القانون، إذ لا توجد سياسة متماسكة، وغالبا ما تفشل الجهود الإقليمية في النظر إلى أهمية التوعية التعليمية، وهناك كثر من سكان المناطق الريفية يدّعون أنهم غير مدركين للأضرار التي قد تتأتى عن استخدام البلاستيك المعد للاستعمال مرة واحدة.
ويقول البائع محمد طاهر "42 عاما" الذي يضع الخضراوات في أكياس بلاستيكية لبيعها للزبائن: "النضال من أجل البيئة؟! ليس لدينا علم بهذا الأمر".
ينحدر طاهر من منطقة شيترال الجبلية التي حظرت للمرة الأولى استخدام هذه الأكياس قبل عامين، لكن دون تأثير يذكر.
بينما يتبضع من متجر يقول خير العزام: "أحب الأكياس البلاستيكية، بمجرد وصولي إلى المنزل أرميها، أعرف أنها ليست جيدة لكن ليست لدينا حاويات للنفايات في الحي الذي أقيم فيه".
وبدلا من ذلك، ترمى تلك المخلفات على جوانب الطرق والتلال، كما أنها تسد الجداول التي تغذي نهر السند الذي يعد حاليا ثاني أكثر الأنهر تلوثا بالبلاستيك في العالم بعد نهر يانجتسي في الصين، وفقا لدراسة أجراها مركز أبحاث البيئة الألماني هيلمهولتز.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن الأكياس البلاستيكية المعدة للاستخدام لمرة واحدة تتسبب في قتل ما يصل إلى مليون طائر وآلاف الثدييات والسلاحف البحرية والأسماك كل سنة، لكن في باكستان تقول السلطات إن كمية البلاستيك المستخدمة تزيد سنويا بنسبة 15%.
خيارات إعادة التدوير محدودة وكثيرا ما يجري التخلص من النفايات بطرق سيّئة حتى في العاصمة فغالبا ما تحرق القمامة في الشوارع.
ويقول الباحث البيئي حسان سيبرا: "البلاستيك لا يتحلل، فقط يتضاءل حجمه، والحيوانات تأكلها والبشر يأكلونها، ولاحقا تتسبب بأمراض الكبد والسكري والإسهال، لكن نظرا إلى أنها رخيصة ومريحة، فإن الناس لا يرون عواقبها الصحية".
قدّر تقرير جديد صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة أن الشخص العادي يتناول ما يصل إلى 5 جرامات من البلاستيك أسبوعيا، أي ما يعادل تقريبا وزن بطاقة الائتمان.
أصبحت الأكياس البلاستيكية جزءا من "الثقافة" في باكستان كما تقول نزيفة بات الباحثة في الصندوق العالمي للطبيعة، وتوضح: "لا نستخدم كوب الشاي من دون صحنه، فلن يباع أي شيء من دون كيس بلاستيك، فهذا الأمر يعد إهانة".
في شيترال، حاولت السلطات أولا حظر الأكياس البلاستيكية في عام 2017 مع إجراء إضافي أقر في وقت سابق من العام الحالي، ينص على أنه لا يمكن استخدام إلا الأكياس القابلة للتحلل الحيوي، كما دعمت السلطات حملات توعية بيئية جديدة في المدارس، وفقا لمسؤول محلي.
لكن العديد من المتاجر لا تزال تستخدم أكياس البلاستيك التقليدية ولا تزال نسبة تطبيق القوانين ضئيلة.
يقول شابير أحمد رئيس اتحاد التجار في شيترال: "الحكومة المحلية ليست جدية في هذا الموضوع، فهي لا تتحقق من التزام المتاجر بالقانون ولا تغرّم المخالفين".
يقول المسؤول الإداري في مقاطعة شيترال خورشيد عالم محسود: "يمكنني مصادرة كل الأكياس البلاستيكية في ساعة واحدة، لكن ما البديل؟"، مشددا على أن البلاد في حاجة إلى بعض الوقت لحل هذه المشكلة.
وأصدرت حكومتا مقاطعتي السند وخيبر بختونخوا إلى جانب السلطات البلدية في لاهور حظرا مشابها، لكن لم يتغير شيء على أرض الواقع بسبب التراخي في إنفاذ القانون.
ومع ذلك، فإن حكومة رئيس الوزراء عمران خان التي تعهدت منذ فترة طويلة بجعل القضايا البيئية أولوية، تأمل في وقف موجة تدفق البلاستيك كما يقول وزير التغير المناخي مالك أمين أسلم.
بدءا من 14 أغسطس/آب الجاري، ستحظر الأكياس البلاستيكية في العاصمة إسلام آباد مع فرض غرامات كبيرة على المخالفين.
وبدا أن بعض أصحاب المتاجر في إسلام آباد مستعدون لهذه الخطوة، إلا أن آخرين قالوا إنهم لم يكونوا على علم بهذا الإجراء الجديد، كما أثار مصنعو البلاستيك المخاوف إذ يقولون إن ما يصل إلى 400 ألف شخص يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا القطاع.
لكن حكومة خان تقول إن العمل الذي تقوم به ضروري بغض النظر عن التداعيات المحتملة له، ويقول أسلم: "يشكل البلاستيك تهديدا على الصحة والاقتصاد والبيئة. نحن في حاجة إلى التخلص منه".
aXA6IDMuMTMzLjE0NS4xNyA= جزيرة ام اند امز