تدوير النفايات البلاستيكية.. صناعة إماراتية واعدة لتحقيق الاستدامة
دولة الإمارات تسير في نهجها لتكون في مقدمة دول العالم بمجال الاستدامة من خلال طرح السياسات والبرامج والمبادرات التي تعزز مكانتها.
تتفاوت نظرة الدول وتعاملها مع "النفايات البلاستيكية"، بين من يراها ثقلاً على كاهله، وآخر يؤمن بأنه ينبغي التعامل معها كثروة يمكن الاستفادة منها اقتصادياً وبيئياً، إذ إن صناعة إعادة التدوير بشكل عام والبلاستيك بصورة خاصة، تشكل فرصاً اقتصادية واستثمارية واعدة وعنصراً رئيسياً لتحقيق الاستدامة والمحافظة على البيئة والإنسان.
على هذا النهج، تسير الإمارات بخطى ثابتة لتكون في مقدمة دول العالم بمجال الاستدامة، من خلال طرح السياسات والبرامج والمبادرات التي تعزز مكانتها، إضافة إلى تدشين العديد من مشاريع الإدارة المتكاملة للنفايات بمختلف إمارات الدولة؛ تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة ومستهدفات الأجندة الوطنية لحكومة دولة الإمارات 2021، والتي تهدف إلى الوصول لنسبة 75% في معالجة النفايات البلدية الصلبة بطرق بديلة، من خلال استخدام التقنيات المتطورة والصديقة للبيئة.
"العين الإخبارية" تسلِّط الضوء، في التقرير التالي، على جهود دولة الإمارات في هذه الصناعة المهمة، التي لا يقتصر مردودها على المستويين الاقتصادي والبيئي فحسب، بل على كوكب الأرض بأسره.
معًا لحماية بيئتنا بالاستخدام الأمثل للبلاستيك
مع تزايد الوعي بمخاطر الأكياس البلاستيكية، بدأ الكثير من دول العالم بالتحرك من أجل الحد من هذه المخاطر، من خلال رفع مستوى الوعي المجتمعي، ومن هنا ظهر مفهوم الاستهلاك الرشيد والمستدام للموارد الطبيعية، الذي حاز اهتماما كبيرا في دولة الإمارات، وهو ما اتفقت معه المهندسة عذيبة القايدي الخبير المساعد بإدارة الشؤون البلدية في وزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، إذ أشارت إلى أن الإمارات عملت على تعزيز التوعية بضرورة الاهتمام، وذلك من خلال تقليل استهلاك المواد البلاستيكية بمختلف أنواعها في إطار مفهوم الشراء المستدام.
ولهذا الغرض، نظمت الوزارة العديد من الأنشطة والفعاليات التوعوية، فقد أوضحت "القايدي" لـ"العين الإخبارية" أن الوزارة أطلقت حملة بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، للتوعية بكيفية الاستهلاك الأمثل للبلاستيك، تحت شعار "معاً لحماية بيئتنا بالاستخدام الأمثل للبلاستيك"، والتي استهدفت التعريف بالآليات والسلوكيات الصحيحة الواجب على المؤسسات والأفراد اتباعها، لترشيد وتدوير وإعادة استخدام المنتجات البلاستيكية.
جهود ومبادرات تحد من التلوث البلاستيكي
كما تواصلت جهود وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات في السياق ذاته، من خلال إبرام مذكرة تفاهم مع شركة "بروج" البتروكيماوية الرائدة في توفير الحلول البلاستيكية المبتكرة عالية القيمة، وقد نوهت "القايدي" لـ"العين الإخبارية" إلى أن المذكرة كانت بهدف تعزيز الابتكار في قطاع البلاستيك، وتضافر الجهود المشتركة في سبيل حماية المناخ والبيئة.
من ناحية أخرى، أطلقت الوزارة مبادرة تزامنا مع اليوم العالمي للبيئة، تحت شعار "التغلب على التلوث البلاستيكي"، والتي لفتت "القايدي" إلى أنها استهدفت مؤسسات القطاع الخاص، واستضافت خلالها الوزارة بالتعاون مع سفارة جمهورية الهند في دولة الإمارات، احتفالية خاصة في مقر الوزارة في دبي بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، تعهدت خلالها مجموعة من مؤسسات الأعمال الخاصة الكبرى في الدولة بخفض استهلاك البلاستيك في دورة عملها كاملة في الإمارات.
ويأتي في مقدمة المشاريع الاستثمارية التي تخصصت في مجال تدوير البلاستيك، مشروع معالجة النفايات البلدية الصلبة لإنتاج الوقود البديل في إمارة أم القيوين، وتشير "القايدي" إلى أن هذا المشروع يعد أحد مشروعات التنمية المستدامة، وهو الأول من نوعه في الدولة، ويهدف إلى معالجة النفايات البلدية الصلبة المتولدة في إمارتي عجمان وأم القيوين، واستغلالها في توفير الطاقة لمصانع الأسمنت التي تعتمد على الفحم في عملياتها التشغيلية، وستتم معالجة النفايات البلدية الصلبة لاستخراج الوقود البديل منها، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المحطة في الربع الثاني من عام 2020.
مطار دبي.. نموذج عالمي يُحتذى به
ومن بين المراكز التي عملت على إطلاق المبادرات التي تدعم توجه دولة الإمارات نحو اعتماد منهج أكثر شمولية في مجال الاستدامة، كان "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء"، الذي أوضح رئيس مجلس إدارته سعيد العبار، لـ"العين الإخبارية"، أن طبيعة العمل في المجلس تنصب على الترويج لمفاهيم الأبنية الخضراء وحماية البيئة والاستدامة، من منطلق دراسة الوضع البيئي العام وتشجيع التغيير الإيجابي واتباع أفضل الممارسات التي تمنح زخماً أكبر لخطط التنمية المستدامة.
ويعد إعلان مؤسسة مطارات دبي، مؤخراً، عزمها حظر استخدام المنتجات البلاستيكية المعدة للاستخدام مرة واحدة، خطوة تقدم نموذجاً يحتذى به من قِبل الأفراد والشركات والمؤسسات، هذا ما يراه العبار، وفي هذا الإطار، أكد أنه يتم إعادة تدوير 10% فقط من المنتجات البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة في العالم، ما يعني أن كميات ضخمة منها تنتهي إلى مكبات النفايات أو في مياه البحر، ما يسبب تلوثا بيئيا هائلا، علاوة على الأعباء الاقتصادية الناجمة عنها، لكن مع اتباع نموذج الاقتصاد الدائري في قطاع البلاستيك، عبر إعادة الاستخدام وإعادة التدوير والتصنيع، سينخفض عدد المواد البلاستيكية الضارة بالبيئة، ويتم التوجه نحو نموذج تنموي اقتصادي أكثر كفاءة واستدامة.
الاقتصاد الأخضر رؤية إماراتية واعدة
ولا يقتصر استشراف المستقبل في دولة الإمارات على مساعي تنفيذ خطط الذكاء الاصطناعي والرقمنة فحسب، بل يمتد ليشمل كل ما يتعلق باستدامة المعرفة وتحقيق التوازن البيئي، إذ يأتي التوجه نحو بناء الاقتصاد الأخضر جنبا إلى جنب مع الاهتمام بالاقتصاد المعرفي.
يظهر ذلك في البرامج التي تعمل على تطبيق معايير الاقتصاد الأخضر، ومنها بناء المشروعات العمرانية الصديقة للبيئة، وتنويع مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، واستلهام مختلف الممارسات التي تتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي، وهناك عدد من الأمثلة على ذلك من بينها مشروع "المدينة المستدامة في دبي" و"مشروع مدينة الشارقة المستدامة".