نظام أردوغان يقر بقصور الحكم الرئاسي لأول مرة
الاعتراف يؤكد مطالب المعارضة بإلغاء هذا النظام والعودة للبرلماني الذي انتهى عقب الانتخابات في 24 يونيو/حزيران 2018.
أقر نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، لأول مرة، بوجود قصور في النظام الرئاسي الذي تم تفعيله بالبلاد قبل عام.
جاء ذلك بحسب تصريحات أدلى بها مؤخرا، متحدث الحكومة التركية عمر جليك، وفق ما نقلته العديد من وسائل الإعلام المحلية.
- زعيم المعارضة التركية يدعو لإلغاء نظام أردوغان الرئاسي
- معارض تركي: لم نجن من نظام أردوغان الرئاسي سوى تراجع مهين
وتعد هذه الخطوة تأكيدا لمطالب المعارضة بإلغاء ذلك النظام والعودة إلى النظام البرلماني الذي انتهى عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 24 يونيو/حزيران 2018.
تصريحات جليك جاءت عقب لقاء استشاري عقده أردوغان مع نواب الحزب الحاكم بالبرلمان، لتقييم الخسارة الأخيرة التي مُني بها العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت على جولتين يومي 31 مارس/آذار و23 يونيو/حزيران الماضيين.
وقال جليك في تصريحاته المذكورة: "خلال الاجتماع أعرب نواب حزبنا عن انتقاداتهم لبعض نقاط الضعف بالنظام الرئاسي، وهذه الأمور ستتم مراجعتها والنظر فيها من جديد".
وتابع المتحدث قائلا: "لقد مضى عام كامل على تفعيل النظام الرئاسي الذي كان أحد الموضوعات التي تم تناولها خلال الاجتماع الاستشاري مع نواب البرلمان الذين كانت لهم مآخذ ومقترحات حول آلية تنفيذه التي يقولون إنها تعيق التواصل بينهم وبين جهاز الرئاسة، ولا تحقق (الآلية) السرعة المرجوة لتقديم الخدمات المطلوبة".
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الأصوات تتعالى منذ فترة، لا سيما بعد خسارة الانتخابات المحلية، من أجل إلغاء النظام الرئاسي والعودة للنظام البرلماني، وهي نفس مطالب المعارضة التي تعتبر ذلك النظام "بمثابة نظام رجل واحد جمع كل السلطات في يده".
وفي هذا السياق، ذكر الكاتب التركي نائب العدالة والتنمية السابق محمد أوجاق، في مقال له صدر مؤخرا، أن "هناك انتقادات كبيرة داخل العدالة والتنمية لنظام أردوغان الرئاسي غير واضح المعالم رغم مرور عام على تفعيله".
وأوضح الكاتب أن "الخسارة الكبيرة التي مُني بها العدالة والتنمية خير شاهد على رفض الناخبين الأتراك النظام الرئاسي بعد أن عاشوا عاما كاملا من الانكسار والتراجع على كل المستويات؛ ليجدوا أن الوعود السابقة التي منّاهم بها أردوغان قبل تفعيل ذلك النظام كانت مجرد كلام للاستهلاك المحلي".
وتابع قائلا: "الرسالة الواضحة التي خرج بها الجميع من الانتخابات الأخيرة هي أن الغالبية العظمى من المؤيدين والمعارضين للحكومة غير راضين عن النظام الرئاسي، والحزب الحاكم نفسه لديه المشاعر نفسها، ويبحث عن مخرج من هذا المأزق".
وشدد الكاتب على أن "النظام الرئاسي يعتبر نظاما ديمقراطيا في العديد من الدول شأنه في ذلك شأن النظام البرلماني، لكن النظام الموجود في تركيا لا علاقة لها بالنظام الرئاسي ولا البرلماني من قريب أو من بعيد، إذ اختلط به الحابل بالنابل ولم يعد من الممكن تطبيق المعايير القانونية العالمية في ظل استمراره".
ولم تكن هذه المرة الأولى أن يوجّه قياديون وأعضاء بالعدالة والتنمية انتقادات إلى الحزب، ورئيسه رجب طيب أردوغان، إذ سبق أن شن كثير من كبار قيادي الحزب انتقادات لاذعة في هذا الصدد، وفي مقدمتهم الرئيس السابق عبدالله جول، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو.
وعلى وقع الممارسات التي يتبعها الرئيس أردوغان وحزبه خلال السنوات الأخيرة، وما تسببت به من أزمات بالبلاد على مختلف الأصعدة، يتعرض العدالة والتنمية لانشقاقات بين الحين والآخر في صفوفه، يدعو لها معارضون لأردوغان داخل الحزب.
وآخر هذه الانشقاقات، استقالة رئيس الوزراء السابق علي باباجان من عضويته بالحزب، بعد 18 عاما قضاها كعضو مؤسس للعدالة والتنمية، حمل عدة حقائب وزارية، ومناصب قيادية داخل الحزب خلالها.
وأتم الرئيس أردوغان، عامه الأول في 24 يونيو/حزيران الماضي، كرئيس للبلاد بعد تحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت يوم 24 من الشهر ذاته عام 2018، في خطوة اعتبرها كثيرون انقلابا على القواعد التي رسمها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك حينما أسس جمهوريته عام 1923.
وبهذه المناسبة سلّطت العديد من وسائل الإعلام التركية، الضوء على ما تحقق وما لم يتحقق من الوعود التي قطعها أردوغان على نفسه، وأكد للناخبين الأتراك آنذاك أنه قادر على تحقيقها في ظل نظام رئاسي قوي، وهو بصدد مداعبة أحلامهم حينئذ؛ لاختياره رئيسا بصلاحيات وسلطات مطلقة، ما دفع البعض لوصف هذا النظام بـ"نظام الرجل الواحد" الذي يمسك في يديه مقاليد كل شيء.
ولفتت العديد من الصحف إلى أن معظم الوعود التي قطعها أردوغان على نفسه، ومنّى بها الأتراك لم تتحقق، ما أدى إلى تراجع تأييد الأتراك للنظام الرئاسي كنتيجة منطقية لفشل الرئيس في تحقيق تلك الوعود، وأبرزها القضاء على البطالة، وتقوية الاقتصاد ورفع الاستثمار، إضافة إلى تنامي الغضب من زيادة القمع.
ومن الجدير بالذكر أن الفوز الكبير الذي حققه مرشح المعارضة التركية لرئاسة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، في اقتراع إعادة الانتخابات المحلية الذي جرى يوم 23 يونيو/حزيران الماضي، وتمكنه من إلحاق هزيمة مدوية بمرشح حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء الأسبق بن علي يلدريم، أعاد فتح النقاش حول النظام الرئاسي الذي دخل حيز التنفيذ عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة في 24 يونيو/حزيران 2018، عقب إقراره في استفتاء على التعديل الدستوري الذي جرى في 17 أبريل/نيسان 2017.
وأثارت خطوة تفعيل العمل بالنظام الرئاسي بدلا من البرلماني الذي ظل آلية الحكم الوحيدة بتركيا منذ تأسيسها على يد مصطفى كمال أتاتورك أول رئيس للبلاد، غضب المعارضة التي رأت فيها مدخلا لحكم شمولي ديكتاتوري، إذ ترى أن أردوغان يستغل هذا الانتقال ليصبح حاكما مطلقا بما يشكل خطرا على الديمقراطية والتعددية في البلاد.
وفي 25 يونيو الماضي، دعا كمال قليجدار أوغلو، زعيم المعارضة التركية، الأحزاب السياسية في بلاده؛ للعمل معا من أجل إلغاء النظام الرئاسي والعودة إلى البرلماني.
وقال قليجدار أوغلو مخاطبا الأحزاب السياسية: "علينا العمل معا لإلغاء نظام الرجل الواحد، الذي يكفل للرئيس رجب طيب أردوغان، الاستئثار بكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، كي نؤسس نظاما ديمقراطيا قويا".
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA= جزيرة ام اند امز