يجمع المراقبون للمشهد الإيراني على أن خليفة سليماني على رأس المليشيا الإرهابية لن يستطيع ملء الفراغ التعبوي والعقائدي
يصف الكثيرون مقتل قاسم سليماني زعيم ميلشيا القدس الإرهابية السابق على يد الجيش الأمريكي بأمر مباشر من الرئيس ترامب بأنها رصاصةٌ أصابت مشروع الملالي التوسعي في المنطقة، وأن ما قبل مقتل سليماني لن يكون كما بعده، أقله على مستوى المليشيات التي كانت تعتبره أباً روحياً لها.
وأخيراً.. فإن اليمن مقبلٌ على تحولات نوعية بعد مقتل سليماني، ربما تسهم بإجبار جماعة الحوثي الانقلابية على مراجعة حساباتها الداخلية والخارجية، والتراجع نحو طاولة المفاوضات بعد انحسار الدعم الإيراني للمليشيا في ظل الفوضى الكبيرة التي أحدثتها عملية الاغتيال المفاجئة قرب مطار بغداد
ويجمع المراقبون للمشهد الإيراني على أن خليفة سليماني على رأس المليشيا الإرهابية لن يستطيع ملء الفراغ التعبوي والعقائدي الذي عمل عليه الأخير لسنوات طوال، على الرغم من مسارعة خامنئي لتعيين البديل خلال ساعات تلت حادثة مصرع سليماني.
ويعكس تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني موقع سليماني في نظام الحكم الإيراني وضوحاً شديداً حينما قال: كان سليماني صانع قرار سياسي وليس شخصية عسكرية فقط، بل كان - بحسب واشنطن - الرجل الأقوى في طهران، وربما أنيطت به مهمة الإشراف على انتقال منصب المرشد في النظام بعد موت خامنئي لنجله مجتبى الذي يرفض توليه مقاليد الحكم بعض أركان النظام الديكتاتوري.
لكن مليشيات الإرهاب الإيرانية - إذا صح التعبير - في العراق وسوريا ولبنان واليمن هي صاحبة الخسارة الكبرى من مقتل سليماني، وبنية العمل المليشيوي التي صاغها سليماني آيلة للسقوط، وتتخبط الآن بشكل جليٍ يصرف الأنظار نحو القدرة على تمويلها أو حتى بقائها في المستقبل القريب.
ففي لبنان على سبيل المثال، كان سليماني يزور بيروت سراً بشكل دوري، وعايش تأسيس مليشيا حزب الله منذ البداية، وربطته بزعيمها حسن نصر الله صلةٌ وثيقة أجبرت ابنة سليماني على وصف نصر الله بالعم، وطالبته بالثأر السريع لمقتل أبيه، لكنه خيب وسيخيب أملها لأنه يدرك أن الخط الإسرائيلي الأحمر المرتبط باستهدافه بات في مهب الريح، والحراك الشعبي وإن خفت وتيرته مؤخراً فرض معادلة سياسية جديدة في البلد.
وأما في العراق، فبدون شك شكل مقتل أبومهدي المهندس مع سليماني ضربة كبيرة لعناصر مليشيات الحشد الشعبي وقادتهم، فالمهندس كان عراب الحشد دون منازع، وصاحب الكلمة الفصل في وضع أولويات إرهاب الحشد داخل العراق وخارجه، ورجل المهمات الإيرانية الخاصة المشبوهة بتوجيه من سليماني على الدوام.
وبالانتقال لسوريا التي زار عاصمتها دمشق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عجل لأول مرة بعد اندلاع الحرب السورية قبل سنوات، فالمعطيات الميدانية للزيارة أكثر دلالة من رموز السياسة الروسية المشفرة، وحرص موسكو على قطف ثمار مقتل سليماني في الساحة واضح، لأن المليشيات الإيرانية هناك لطالما شكلت خطراً على استراتيجية الكرملين، بحسب الصحافة الروسية نفسها.
وأخيراً.. فإن اليمن مقبلٌ على تحولات نوعية بعد مقتل سليماني، ربما تسهم بإجبار جماعة الحوثي الانقلابية على مراجعة حساباتها الداخلية والخارجية، والتراجع نحو طاولة المفاوضات بعد انحسار الدعم الإيراني للمليشيا في ظل الفوضى الكبيرة التي أحدثتها عملية الاغتيال المفاجئة قرب مطار بغداد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة