قبل هجوم إيران الصاروخي.. مصادر عراقية حذرت البيت الأبيض
مسؤولون أمريكيون يقولون إن الضربة الصاروخية الإيرانية خطوة مدروسة تستهدف إيقاع خسائر محدودة، وحفظ ماء وجه النظام في طهران
كشفت صحيفتان أمريكيتان تفاصيل الساعات التي سبقت الرد الإيراني على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مشيرة إلى أن التحذيرات من هجوم وشيك انهالت على البيت الأبيض، في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، من مصادر عراقية.
- تليجراف: مقتل سليماني رسالة لإيران باستحالة الإفلات من العقاب
- اجتماع على ضفاف دجلة يكتب نهاية قاسم سليماني
وأوضحت الصحيفتان أن توالي التحذيرات دفع البيت الأبيض لاتخاذ إجراءات استثنائية ووضع القوات الأمريكية بأماكن آمنة ومحصنة بالقواعد، وغادرت قوات القواعد قبل الهجوم بقليل.
وبحسب مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، فإن الضربة الصاروخية الإيرانية على المنشآت الأمريكية في العراق خطوة مدروسة تستهدف إيقاع خسائر محدودة، وحفظ ماء وجه النظام في طهران.
أما صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فأوضحت أن مسؤولي البيت الأبيض كانوا يستعدون في وقت مبكر من الثلاثاء، لرد إيراني على استهداف الولايات المتحدة لقاسم سليماني قائد فيلق القدس.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم علموا بحلول ظهر الثلاثاء، أن الإيرانيين ينوون ضرب أهداف أمريكية في العراق، ولكن لم يتضح أيها سيقع عليه الاختيار.
وأضاف المسؤولون أن التحذيرات المبكرة جاءت من مصادر استخباراتية ومن العراق الذي نقل نوايا طهران لشن ضربة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأوضح مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية، طلب عدم الكشف عن هويته: "علمنا، والعراقيون أخبرونا، أن هذا سيحدث، قبلها بعدة ساعات"، مشيرًا إلى أنهم حصلوا على معلومات استخباراتية تفيد بأن الإيرانيين يسعون لضرب القواعد.
لكن قلل آخرون من المزاعم التي تتحدث حول أن العراقيين كان لهم مثل هذا الدور، وقال مسؤول بارز بوزارة الدفاع الأمريكية، طلب عدم كشف هويته، إنه إذا كان العراقيون بعثوا بتحذير، بالتأكيد لم تكن قبلها بساعات.
وفي البنتاجون، اجتمعت القيادات العسكرية الرفيعة داخل إحدى الحجرات ترقبًا للصواريخ الإيرانية، وسرعان ما علموا أنها قادمة من إيران.
واجتمع مارك إسبر وزير الدفاع الأمريكي مع الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، وقادة بارزين في وزارة الدفاع، لكن تم إخراج إسبر من الاجتماع عندما تلقى القادة العسكريون إشعارات بأن الهجمات جارية.
وساعد التحذير المسبق في منح القيادات العسكرية مساحة وقت لوضع القوات الأمريكية بأماكن آمنة ومحصنة بالقواعد، وطبقًا لمسؤولين عسكريين، صدرت أوامر للقوات بقواعدهم في العراق للاحتماء داخل الملاجئ، وارتداء الألبسة الواقية و"الاحتماء في المكان".
وظلت القوات في أماكنها الحصينة لساعات بعد الهجوم، وقال مسؤول إن البعض على الأقل غادروا قاعدة عين الأسد غربي العراق قبل الهجوم، وكانت هذه القاعدة تعرضت لاستهداف بجانب منشأة في أربيل شمالي العراق.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مصدرين على الأقل للمعلومات الاستخباراتية منحت الولايات المتحدة مساحة الوقت للاستعداد؛ فقد كانت هناك مؤشرات قبل البدء بأن إيران تستعد لضرب أهداف في العراق، طبقًا لمسؤولين.
ولم يتضح ما إن كانت تلك المعلومات قد وصلت من شخص أو من خلال وسائل تقنية، مثل اعتراض الاتصالات.
وقال مسؤول بالبنتاجون إن الجيش الأمريكي كانت لديه "مؤشرات واضحة" لضربة قبل الانطلاق من معلومات داخلية للحكومة الأمريكية؛ حيث قدر مسؤولون عسكريون أن إيران ستحاول القيام بنوع من أنواع الأعمال الانتقامية بعد انتهاء الحداد على سليماني.
أما المصدر الثاني للتحذير فجاء مما وصفه مسؤول بأساليب تقنية؛ إذ إن لدى الجيش الأمريكي أقمارًا صناعية يمكنها رصد الصواريخ بعد فترة قصيرة من انطلاقها، وطبقًا لمسؤول غربي، حذر مسؤولون أمريكيون الحلفاء من عمليات الإطلاق بعد فترة قصيرة من حدوثها.
التحذيرات من الهجمات
وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تفاصيل السباق لحماية القوات الأمريكية من الضربات الإيرانية، مشيرة إلى أن المعلومات الاستخباراتية التي ألمحت إلى هجوم طهران تسببت في حالة توتر وارتباك داخل غرفة عمليات البيت الأبيض.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحذير جاء للبيت الأبيض بعد فترة وجيزة من الساعة الثانية من ظهر الثلاثاء، رسالة تحذيرية من وكالات التجسس الأمريكية، وحذرت من هجمات إيرانية أكيدة على القوات خلال الساعات المقبلة.
ولفتت الصحيفة إلى عاصفة من التهديدات المحتملة استمرت طوال اليوم؛ من هجمات بقذائف وصواريخ، ضربات إرهابية ضد الأمريكيين بمناطق أخرى في الشرق الأوسط، وحتى تحذير من أن المليشيات الموالية لإيران ستحاول شن هجوم على قاعدة الأسد.
لكن آخر التحذيرات التي جاءت فترة ظهيرة، دفعت نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس وروبرت أوبراين مستشار الأمن القومي، للاتجاه إلى الطابق السفلي من الجناح الغربي، حيث كان المستشارون مجتمعون بغرفة العمليات، وقد انضم ترامب بعد فترة وجيزة إليهم.
وبعد 3 ساعات لاحقًا، انطلقت مجموعة صواريخ باليستية من إيران واستهدفت قاعدتين في العراق، من بينهما الأسد، المتمركز بها نحو 1000 جندي أمريكي.
وقبل ساعات من وصول مسؤولي البيت الأبيض والبنتاجون إلى مكاتبهم، الثلاثاء، كانت القوات الأمريكية تستعد لانتقام طهران ردًّا على مقتل سليماني.
وكانت الأقمار الصناعية للاستخبارات رصدت تحركات ترسانة إيران الخاصة بقاذفات الصواريخ واتصالات بين القادة العسكريين اعترضتها وكالة الأمن القومي، وأشارت إلى أن الرد على مقتل قائد فيلق القدس ربما سيأتي اليوم.