فاطمة الخراط.. صماء تونسية تقهر الإعاقة بـ"التمثيل"
أن تكون ممثلا محترفا أو حتى هاويا متميزا، هذا يعني أن تملك أدواتك: وجها معبرا، صوتا سليما قادرا على التنغيم، إجادة فنون الإلقاء..
لكن ماذا لو اخترت أن تصبح ممثلا وأنت أصم؟.. لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق، فاحتراف التمثيل والتفاعل مع الجماهير ليس بالأمر الهين.
حلم طفولة
في بيئة بسيطة وفي قلب تونس الخضراء ولدت الطفلة فاطمة الخراط، لأبوين يؤمنان بأبنائهما، حتى وإن جاءت الابنة الكبرى مصابة بالصمم، وتبعتها الوسطى فاطمة بنفس الإعاقة، ثم جاء الأخ الأصغر فاقدا السمع أيضا، على هذا كله قررت الأسرة أن تربي أبناءها تربية صحيحة فعمدت إلى إلحاقهم بمدارس عادية للاندماج السريع مع ذويهم من الأطفال.
في المدرسة بدا شغف "فاطمة" بالفنون واضحاً، ولهذا التحقت بمسرح المدرسة تحاول أن تتعلم فنون التمثيل بالإشارة ولو بمناهج بدائية في سبيل تحقيق حلمها والعمل بالتمثيل عند الكبر، لهذا ظلت الطالبة منخرطة في تعلم الفنون منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية.
احتراف
توقفت مسيرة الخراط التعليمية بعد انتهاء المرحلة الثانوية، وكانت قد اكتسبت معرفة لا بأس بها عن فن التمثيل الذي تهواه، فقررت الاتجاه بعد ذلك لاحتراف هوايتها وداومت الذهاب إلى المسرح لتعلم فنونه على أرض الواقع، ونجحت بالفعل بالمشاركة في تمثيل أكثر من مسرحية بلغة الإشارة لاقت استحسان الجماهير.
تقول الخراط في حديثها لـ"العين الإخبارية": "في عام 1998 دخلت عالم الفن كمحترفة، حيث اعتبرته عملاً أسترزق منه، وباتت العروض التي أقدمها تلقى حضورا جماهيريا كبيرا، فالتمثيل بلغة الإشارة له جمهوره في جميع دول العالم".
تفتخر الخرط بأن لها أعمالا مسرحية رائدة، أخرجها مخرجون معروفون في تونس مثل أحمد إدريس وبشير الغرياني، والمخرجة نجوى بن علي التي قدمت معهم عددا غير قليل من المسرحيات في الفترة بين 1998 حتى عام 2013.
زواج.. هجرة.. وهدنة
الفن لم يهد فاطمة شغفا ونجاحا فقط، لكنه أهداها الحب أيضا، فتزوجت من زميل لها جمعهما الفن والحب، وأنجبا ثمرة هذا الزواج، "فرح"، التي ولدت معافاة من أي علة، وهي تعمل الآن في تصنيع النظارات الطبية بفرنسا.
في عام 2016 دفعت الظروف فاطمة الخراط إلى مغادرة تونس والانتقال إلى باريس للعمل بأحد المتاجر، غير مفارقة على الإطلاق موهبتها الأساسية "التمثيل" التي تحلم يوماً ما بالعودة إليه من الباب الكبير.