"ذكرى الثورة" بليبيا.. كيف سرق الإخوان السلطة على ظهر المليشيات؟
في 17 من فبراير/شباط 2011، ثار الليبيون لتغيير نظام العقيد معمر القذافي، لكن الأمر لم يسر كما تمنوا، وسرقت تنظيمات متطرفة، المسار.
وكان الليبيون يريدون الإطاحة بالنظام الذي حكم البلاد لأكثر من 4 عقود عانت البلاد خلالها حروبا خارجية، وعقوبات دولية وأزمات متتالية، والتطلع لمستقبل أفضل، بيد أن تنظيم الإخوان الإرهابي وحلفاءه من التنظيمات الإرهابية، كان لهم رأي آخر.
وكعادتها، سعت التنظيمات المتطرفة لسرقة حلم الليبيين في الثورة والتغيير، واستفادوا من الحشد الشعبي والنفسي، وصعدوا لسدة الحكم، ولم يهبطوا مجددا.
وتحاول "العين الإخبارية" في هذا التقرير رصد حركة تنظيم الإخوان وكيف سرق الثورة من الليبيين؟
كيف صعد الإخوان إلى السلطة؟
صعد تنظيم الإخوان على كتف الثورة الليبية مستفيدا من عودته إلى المشهد إبان المصالحة مع النظام قبل 2011، فيما عرف بمشروع "ليبيا الغد"، إضافة إلى خبرته السياسية الممتدة لسنوات، في وقت كان فيه المجتمع الليبي حديث عهد بالكيانات السياسية المنظمة، وفقا للخبير السياسي الليبي، أيوب الأوجلي.
الأوجلي قال -في حديث لـ"العين الإخبارية"-، إن "الإخوان ارتقوا على أكتاف الثورة وأقنعوا الليبيين أنهم من قادوها وتمكنوا من زرع رجالهم في مفاصل الدولة وأجهزتها الحكومية".
وتابع "بخطاب ديني يتماشى مع الحالة الشعبوية للثورة، استطاع الإخوان أن يصلوا إلى انتخابات المؤتمر الوطني وأسسوا تكتلا كبيرا انطلقت منه سيطرتهم على مفاصل الدولة".
ويرى الخبير السياسي الليبي أن بقاء الإخوان مشردين في دول أجنبية لعدة سنوات قبل المصالحة مع نظام العقيد معمر القذافي، مكنهم من الحصول على دعم خارجي في خطواتهم بعد الثورة.
ومضى قائلا إنه "مع صعود موجات الإرهاب والاغتيالات للشخصيات الوطنية المعارضة للتنظيم الذي يتخذ من الدين ستارا له، في ليبيا، تزايد وعي الشعب الليبي بخطورة الإخوان وخسرت الجماعة انتخابات مجلس النواب الحالي".
على ظهر المليشيات
ويؤكد الخبير الليبي أن التنظيم الإرهابي لم يستسلم لإرادة الليبيين، وأراد البقاء في السلطة على ظهر المليشيات الإرهابية المسلحة، التي قادت ما يعرف بانقلاب "فجر ليبيا" على الانتخابات النيابية التي خسرها التنظيم.
ومن ذلك الوقت، فرض تنظيم الإخوان نفسه على الليبيين عنوة، وشارك في الحوار السياسي في الصخيرات المغربية الذي اعترف بمجلسهم المددة فترته ضد القانون، كمجلس استشاري لمجلس النواب، وأصبح اسمه "مجلس الدولة".
بل إن تنظيم الإخوان بات متحكما في الحكومة التي تقع في نطاق نشاط مليشيات التنظيم بالعاصمة طرابلس، بعد منع مجلس النواب من الانعقاد في العاصمة، وفق الخبير الليبي.
ويرى الأوجلي أن هذا الاتفاق جعل الإخوان، وتحت غطاء المجلس الاستشاري، شريك الأمر الواقع في المشهد السياسي وسمح بتوغل التنظيم أكثر في السلطة، مستفيدا من وجوده بالعاصمة وفي مراكز صنع القرار التي لا يستطيع الوصول إليها الأطراف الوطنية الداعمة للاستقرار.
رحلة الإرهاب
بدوره، يرى الخبير السياسي الليبي سالم سويري أن التنظيمات الإسلاموية المتطرفة بمختلف تسمياتها وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، حاولوا وما زالوا سرقة الثورة الليبية وأهدافها.
وتابع -في حديث لـ"العين الإخبارية"- أن الليبيين خرجوا في 17 فبراير/شباط 2011، بسبب الظلم الذي عانوه طوال 42 عاما وعدم التوزيع العادل للثروة ووجود مئات الآلاف تحت خط الفقر، وهي ذاتها الأوضاع التي يعيشها الليبيون الآن في ظل حكم الإخوان وسيطرتهم على مفاصل الدولة.
وأضاف أن الليبيين كانوا يريدون أن تصبح بلدهم دولة حرة مستقلة ذات سيادة، إلا أن التنظيم جعلها تحت وصاية عدة دول خارجية واستجلب القواعد والمرتزقة والقوات الأجنبية لضمان بقائه في السلطة، وكان ذلك أحد المقومات التي ساعدته في سرقة حلم الليبيين بالثورة.
ومضى قائلا "تمكن الإخوان من تحويل مجلسهم المنتهي إلى شريك بالقوة في العمل السياسي، ما مكنهم من إفساد أي مساع للاستقرار بفرض أنفسهم في الحوار واختيار السلطة التنفيذية والمناصب السيادية والقوانين الانتخابية والقاعدة الدستورية للانتخابات".
وشدد على أن تنظيم الإخوان استخدم المليشيات التي غذاها بالمليارات من خزينة الدولة، في إسقاط وإفشال أي تجربة انتخابية وتهديد واغتيال أي شخص أو كيان يدعو للوطنية والاستقرار، وكان لهم دور مهم في فشل الاستحقاق الانتخابي في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021".
الخبير السياسي الليبي قال أيضا إن التنظيم كان يريد لليبيا أن تكون معقلا له عقب سقوطه في الدول العربية، فاستضاف مئات من الإرهابيين من دول الجوار والهاربين من كل دول العالم وحاول إنشاء ما يُعرف بالجيش الإسلامي الحر في درنة وبنغازي وعديد من المناطق الأخرى، إلا أن الجيش الوطني الليبي مدعوما بمجلس النواب وقف سدا منيعا أمام هذه المخططات.