انتخابات "الوطني الاتحادي".. محطات مضيئة بمسيرة التمكين السياسي في الإمارات
تعكس نجاحات الدورات الانتخابية الأربع السابقة في دولة الإمارات، التي بدأت في عام 2006، رؤى وتوجهات القيادة الرشيدة في تعزيز مشاركة أبناء الوطن في عملية صنع القرار الوطني، لتعزيز التنمية الشاملة وتحقيق الازدهار والرخاء لأفراد المجتمع.
وتعد التجربة البرلمانية لدولة الإمارات تجربة وطنية متميزة في تطوير العمل البرلماني، حيث تبرز التعاون المتناغم بين الحكومة والمجلس الوطني الاتحادي لتحقيق طموحات وآمال شعب الاتحاد وتحقيق مصلحة الوطن والمواطن.
وتسعى دولة الإمارات من خلال انتخابات المجلس الوطني الاتحادي إلى تعزيز الدور الرائد للمجلس في دعم خطط التنمية المستدامة التي تسير عليها دولة الإمارات بخطى ثابتة لتكون من أفضل دول العالم في مختلف القطاعات وكافة المجالات.
وتمثل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في دوراتها الأربع الماضية في أعوام 2006 و2011 و2015 و2019، واحدة من أهم مخرجات برنامج التمكين السياسي، الذي وضع أسسه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في خطابه بمناسبة عيد الاتحاد الرابع والثلاثين في عام 2005م، والذي يهدف إلى تهيئة الظروف اللازمة لإعداد مواطن أكثر مشاركة وأكبر إسهاماً، وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للحكومة، وأن يكون مجلساً أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين.
وتبرز النجاحات والإنجازات التي تم تحقيقها في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي السابقة، نضج العمل البرلماني في دولة الإمارات، ومستوى وعي المواطن بالأهمية الكبيرة للمجلس والدور الذي يقوم به أعضاؤه للمساهمة الفاعلة في الارتقاء بأداء جميع القطاعات الحيوية في دولة الإمارات.
وقد تميزت الدورات الانتخابية في الإمارات بزيادة عدد أعضاء الهيئات الانتخابية، بداية من انتخابات عام 2006 حتى انتخابات 2023، واتسمت الدورات السابقة بحضور ومشاركة فاعلة في التصويت خصوصاً من كبار المواطنين والشباب والنساء، علاوة على سهولة الإجراءات والتيسير على الناخبين والمرشحين، لضمان توفير أفضل سبل الراحة لهم، كما اتسمت كل دورة بمجموعة من الخصائص على رأسها تطوير نظام التصويت وإدخال أحدث نظم التكنولوجيا الحديثة والأفكار المبدعة والمبتكرة في العملية الانتخابية.
وتأتي الدورة الخامسة من انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023، استكمالاً لمسيرة التمكين وتفعيل المشاركة السياسية والنهضة الشاملة التي تشهدها دولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حيث تشهد هذه الدورة تعديلات وإضافات جديدة في التعليمات التنفيذية لتطوير العملية الانتخابية والارتقاء بها وفق أرقى المعايير.
التنمية السياسية
وتعد الدورة الانتخابية الأولى التي جرت في عام 2006 محطة مهمة في مسيرة التطور والتنمية السياسية في دولة الإمارات، حيث شهدت هذه الدورة انتخاب نصف عدد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي عن طريق هيئات انتخابية شكلت في كل إمارة، وذلك تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم (4) لسنة 2006 بشأن تحديد طريقة اختيار ممثلي الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي، وما تبعه من صدور قرار المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رقم (3) لسنة 2006 في شأن تحديد طريقة اختيار ممثلي الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي، الذي حدد الحد الأدنى لعدد أعضاء الهيئة الانتخابية في كل إمارة بما يعادل (مائة) مضاعف عدد ممثلي الإمارة في المجلس الوطني الاتحادي كحد أدنى (8 أعضاء لكل من أبوظبي ودبي، و6 أعضاء لكل من الشارقة ورأس الخيمة، و4 أعضاء لكل من الفجيرة وعجمان وأم القيوين)، على أن يتم تعيين النصف الآخر من قبل حكام الإمارات.
وقد ركزت الحملات الانتخابية للمرشحين على مناقشة القضايا المجتمعية التي تهم مواطني دولة الإمارات، مثل: الهوية الوطنية، وفرص العمل والتوطين، والتعليم، والصحة، وحقوق المرأة والطفل، والإسكان؛ مما أظهر ارتباط المرشحين بواقع دولة الإمارات والتصاقهم بقضايا الوطن ومصالح المواطن.
وقد اعتمدت اللجنة الوطنية للانتخابات في الدورة الانتخابية الأولى نظام التصويت الإلكتروني بدلاً من نظام الاقتراع التقليدي، من خلال استخدام تقنيات الحاسب الآلي لتسجيل وتخزين بيانات المرشحين والناخبين، والتحقق من هوية الناخبين لممارسة التصويت إلكترونياً، ثم فرز وعد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح، وهي عملية تميزت بمنتهى الدقة والسرعة.
وتعزيزاً لبرنامج التمكين شهد عام 2009 إجراء تعديل دستوري، والذي تضمن إطالة مدة عضوية المجلس الوطني الاتحادي من سنتين إلى أربع سنوات، وأيضاً إطالة مدة دور الانعقاد من ستة أشهر إلى مدة لا تقل عن سبعة أشهر، كما تم منح المجلس استقلالية أكبر في وضع لائحته الداخلية، كذلك تم توسيع اختصاصات المجلس فيما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرمها الحكومة.
توسيع المشاركة الشعبية
ودخلت دولة الإمارات مرحلة جديدة في مسيرة العمل الوطني، عبر توسيع قاعدة المشاركة في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي أجريت في 24 سبتمبر/أيلول 2011 لاختيار نصف عدد أعضاء المجلس، حيث شهدت نقلة كبيرة في زيادة عدد أعضاء الهيئات الانتخابية ليصبح 300 مضاعف عدد المقاعد المخصصة لكل إمارة في المجلس كحد أدنى، بعد أن كان هذا العدد 100 مضاعف في أول دورة انتخابية عام 2006م.
وانتهج المرشحون في الدورة الانتخابية الثانية طرق ووسائل الدعاية الانتخابية الإلكترونية الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي، وقد أتاحت بعض هذه المواقع لقاءات ومناقشات بين المرشحين وناخبيهم فيما يتعلق بخططهم وبرامجهم والأهداف التي يسعون لتحقيقها من وراء الترشح والفوز بعضوية المجلس الوطني الاتحادي.
وقد اعتمدت اللجنة الوطنية للانتخابات في الدورة الانتخابية الثانية نظام التصويت الإلكتروني في (13) مركزاً انتخابياً على مستوى الدولة، حيث أدلى أعضاء الهيئات الانتخابية بأصواتهم مباشرة بعد التحقق من شخصيتهم عن طريق بطاقة الهوية.
مبادرات مبتكرة
ومثلت انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في عام 2015، والتي أجريت في يوم السبت الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2015 على مستوى إمارات الدولة، المرحلة الرابعة من برنامج تمكين المجلس الوطني الاتحادي، والتي تخللها تطبيق مبادرات مبتكرة مما كان له الأثر الإيجابي في زيادة المشاركة في هذه الدورة الانتخابية من 35 ألفاً إلى أكثر من 79 ألف ناخب وناخبة، ما أسهم في تعزيز التجربة الانتخابية في دولة الإمارات وتحقيق الهدف الأعلى لقيادة الدولة، وهو تعزيز وتعميق مشاركة المواطنين في الشأن العام.
وقد اتخذت اللجنة الوطنية للانتخابات العديد من الإجراءات التي تضمن مشاركة أبناء الوطن جميعاً سواء داخل الدولة أو خارجها، بدءاً باستحداث "التصويت من خارج الدولة" والذي جرى في 94 مركزاً في مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية للدولة، إضافة إلى استحداث أنظمة تقنية حديثة تتيح للمواطنين من أعضاء الهيئات الانتخابية على مستوى الدولة التصويت من أي إمارة، كنوع من التشجيع على المشاركة في الانتخابات وتسهيل الأمر على الناخبين، وذلك من خلال الاعتماد على بيانات بطاقة الهوية الخاصة بالمواطن المسجل في الهيئات الانتخابية على مستوى الدولة، فضلاً عن اعتماد آلية التصويت المبكر للمرة الأولى، وذلك بهدف إتاحة الفرصة أمام أعضاء الهيئات الانتخابية للإدلاء بأصواتهم خاصة لمن لديهم ظروف تحول دون أدائهم واجبهم الانتخابي في يوم الانتخاب الرئيسي.
وتمت الرقابة على انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015 محلياً عن طريق ممثلي بعض الجمعيات ذات النفع العام في الدولة، انطلاقاً من أهمية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تدعيم مسيرة التنمية الشاملة والتطوير التي تنتهجها دولة الإمارات.
إقبال كبير
وشهدت الدورة الانتخابية الرابعة في عام 2019 إقبالاً كبيراً، حيث شهدت زيادة 48.5% في عدد المصوتين مقارنة مع الدورة الثالثة في عام 2015، وهو ما يبرز حرص المواطن على المساهمة بفاعلية في عملية صنع القرار الوطني والارتقاء بالعمل البرلماني في دولة الإمارات، حيث أدلى في الدورة الانتخابية الرابعة 117592 ناخباً وناخبة بأصواتهم، وبنسبة تصويت وصلت إلى 34.81%، وذلك من إجمالي عدد أعضاء الهيئات الانتخابية الذي ضم 337738 عضواً، في حين شهدت انتخابات 2015 مشاركة 79157 ناخباً وناخبة من إجمالي عدد أعضاء الهيئات الانتخابية الذي وصل إلى 224281 ناخباً وناخبة.
ولعل المحطة الأبرز في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2019، هي قرار المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برفع نسبة تمثيل المرأة الإماراتية في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%، والتي تأتي انطلاقاً من سعي دولة الإمارات المستمر لتمكين المرأة الإماراتية، والتي تعد محطة تاريخية مهمة تتعزز عبرها مكانة دولة الإمارات الريادية عالمياً في مجال تمكين المرأة في جميع المجالات، ولا سيما في مجال العمل البرلماني والذي كان لها بصمات واضحة فيه من خلال مناقشة القضايا التي تهم المجتمع والمواطن الإماراتي.
وضمن سعي اللجنة الوطنية للانتخابات المستمر لتطوير العملية الانتخابية والارتقاء بها وتوفير أرقى المعايير، حرصت اللجنة على اعتماد مجموعة من الإجراءات التي أسهمت في تسهيل عملية التصويت أمام الناخبين، فقد اعتمدت اللجنة -وللمرة الثانية- التصويت من خارج الدولة، وذلك لتمكين أعضاء الهيئات الانتخابية الموجودين خارج الدولة لأي سبب من الأسباب من المشاركة في عمليات التصويت لمرشحيهم وممارسة حقهم الانتخابي، وذلك من خلال 118 مركزاً انتخابياً تم توزيعها على السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية لدولة الإمارات والمنتشرة في مختلف دول العالم، وقد صوت 1842 ناخباً وناخبة خلال فترة التصويت خارج الدولة، والتي امتدت على مدار يومي 22 و23 سبتمبر 2019م.
وقد تواصلت مسيرة التميز في انتخابات 2019، والتي تم خلالها اعتماد التعليمات التنفيذية للانتخابات، والتي اشتملت على (69) مادة مقسمة على 9 فصول، وشكلت الإطار المنظم للعملية الانتخابية في جميع مراحلها وإجراءاتها، مما ضمن تنفيذ عملية انتخابية وفق أعلى معايير الدقة والشفافية والنزاهة.
ويعد نجاح انتخابات 2019 امتداداً للنجاحات والإنجازات التي تحققت في الدورات الانتخابية الثلاث السابقة للانتخابات في أعوام 2006 و2011 و2015، وهو نتيجة للدعم اللامحدود والتوجيهات المستمرة للقيادة الرشيدة، التي تؤكد دائماً على ضرورة العمل وفق أرقى الممارسات العالمية للارتقاء بالعمل البرلماني في دولة الإمارات.
تعديلات وإضافات جديدة
وتمثل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023، إحدى مراحل تمكين المجلس الوطني الاتحادي تأسيساً على برنامج التمكين السياسي.
وشهدت انتخابات 2023 تعديلات وإضافات جديدة، أهمها نظام التصويت عن بُعد، وهو نظام تصويت ذكي يتيح للناخب الإدلاء بصوته من أي مكان يوجد فيه سواء داخل الدولة أو خارجها بواسطة التطبيقات الرقمية التي قررتها اللجنة الوطنية للانتخابات، كما تم استحداث نظام التصويت الهجين، وهو نظام تصويت مختلط يجمع بين نظام التصويت عن بُعد، ونظام التصويت الإلكتروني في مراكز الانتخاب التي حددتها اللجنة الوطنية للانتخابات على مستوى دولة لإمارات.
ويُعد نظام التصويت الهجين الأحدث والأكثر كفاءة، حيث يساهم في ترسيخ مستويات الدقة والشفافية في عملية الانتخاب، ومن ثم عمليات الفرز الإلكتروني واحتساب الأصوات، الأمر الذي يعكس الحرص على الارتقاء بالتجربة الانتخابية وتحقيق أفضل مشاركة فيها، من خلال تسهيل وتسريع وتبسيط العملية الانتخابية في كافة مراحلها وجميع إجراءاتها.
وشملت التعديلات أيضاً تنظيم عملية ترشح أصحاب الهمم، حيث يحق للناخبين من أصحاب الهمم، الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية المطلوبة، الترشح لعضوية المجلس، شريطة تقديم تقرير طبي معتمد من اللجنة الطبية العليا في وزارة الصحة ووقاية المجتمع مبيناً فيه ماهية الإعاقة ودرجتها ومدى تأثيرها على قيام طالب الترشح بأداء المهام المنوطة بعضو المجلس الوطني الاتحادي.
كما تضمنت التعديلات زيادة سقف الإنفاق على الحملات الانتخابية ليصبح (3) ملايين درهم، بالإضافة إلى زيادة الحد الأقصى لقيمة الغرامة المالية المقررة للمخالفات الانتخابية إلى (10) آلاف درهم.
وضمت قوائم الهيئات الانتخابية لجميع إمارات البلاد لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023،398879 عضواً بزيادة بنسبة تصل إلى 18.1%، مقارنة مع قوائم الهيئات الانتخابية لانتخابات عام 2019، والتي بلغ عدد أعضائها 337738 عضواً.
aXA6IDMuMTQyLjE3MS4xMDAg جزيرة ام اند امز