تأجيل يرهق نتائج الانتخابات العراقية.. قرار قضائي أم سياسي؟
لا تزال نتائج الانتخابات التشريعية المثيرة للجدل تنتظر مصيرها بالمصادقة أو إعادة النظر في دقة أرقامها النهائية المعلنة بعد تأجيل المحكمة الاتحادية في العراق المرافعة في دعوى الطعون لـ10 أيام قادمة.
ويفتح باب إرجاء السلطة القضائية النظر في دعاوى القوى المعترضة على نزاهة الانتخابات، المزيد من الاحتدام والصراع في المشهد السياسي بين الفائزين والخاسرين.
وكانت المحكمة الاتحادية بوصفها أعلى سلطة قضائية في البلاد قررت، في وقت سابق اليوم الإثنين، تأجيل النظر في 3 دعاوى مقدمة من قوى خاسرة إلى الـ23 من الشهر الحالي.
وتتقدم قوى شيعية خاسرة تنبثق من الإطار التنسيقي بطعن قضائي فحواه التشكيك بنزاهة النتائج التي جاءت بها الانتخابات التشريعية المبكرة والتي أجريت في الـ10 من أكتوبر الماضي.
وضمن السياق الدستوري والقانوني من المفترض ان تمضي نتائج الانتخابات النهائية إلى المصادقة من قبل المحكمة الاتحادية، حتى يتسنى الشروع العملي بتشكيل الحكومة التي تنبثق من الجلسة البرلمانية الأولى لمجلس النواب الجديد.
القضاء على خط السياسة
يرى مراقبون للشأن العام، أن القضاء العراقي قد دخل على خط التوازنات السياسية عقب قرار التأجيل بدعوى الطعون، مما قد يعطي الفرصة لبعض القوى الخاسرة باستثمار الوقت عبر التحرك وعقد المزيد من التفاهمات مع الجهات ذات الأرقام النيابية العالية لضمان وجودهم في المشهد المقبل.
وتخشى القوى الشيعية المقربة من إيران والتي ينضوي أغلبها تحت مسمى الإطار التنسيقي، من ذهاب الفائزين نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية يكونوا فيها على هامش المشاركة والشراكة فيها.
ويتصدر التيار الصدري برئاسة الصدر قائمة الفائز الأكبر بـ73 مقعداً بفارق كبير عن أقرب القوى المنافسة من المكون الشيعي والسني وكذلك الكردي.
وجرت خلال الأيام الماضية التي تلت إعلان نتائج الانتخابات الأولية والنهائية، حالة احتدام وتقاطع كبيرين بين تيار الصدر والقوى الإطارية المقربة من إيران، لم يكسر جليد الجمود بينهما لقاء جمعهما في بغداد قبل أسبوعين.
وكانت قوى الإطار التنسيقي أعلنت عن رفضها لنتائج الانتخابات بالطعن في دقة نتائجها متهمة أطرافاً محلية ودولية في التورط بعمليات تزوير وتلاعب بالأرقام الأولية المعلنة.
وتلقت مفوضية الانتخابات أكثر من 1400 طعناً من قبل مرشحين وقوى خاسرة، ردت هيئتها القضائية أغلبها وبتت في شرعية بعضها، والتي انتهت بإعلان النتائج النهائية دون أن يحدث تغير كبير في الأرقام الأولية المعلنة.
وخشية المصادقة على نتائج الانتخابات وإكسابها التثبيت من قبل المحكمة الاتحادية سارع تحالف الفتح في الإطار التنسيقي، إلى تقديم دعوى طعن لاعتراض البوابة الأخيرة لمرورها.
وكانت المحكمة الاتحادية، أعلنت الخميس الماضي، أنها تسلمت ثلاثة طعون فقط بينها دعوى من تحالف الفتح برئاسة هادي العامري.
المحكمة الاتحادية
يقول القيادي في الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي، ان تأجيل البت في الطعن من قبل المحكمة الاتحادية لا ينفك من طبيعة المشهد السياسي المحتدم وحدة الصراع بين طرفي المعادلة الصدر وقوى الإطار التنسيقي.
ويضيف الحلفي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "القضاء العراقي يأخذ بنظر الاعتبار حجم التعقيد وتداعيات الجدل بين فرقاء المشهد وبالتالي علينا أن نتحرك لحماية المحكمة الاتحادية من الضغوط التي قد تمارس عليها من قبل هذا الطرف أو ذاك".
ويستدرك الحلفي بالقول:" المشكلة أن القوى الخاسرة أو ممن تراجعت حظوظها الانتخابية لا تريد التسليم لتلك النتائج وهي لا ترغب في الجلوس عند مقاعد المعارضة النيابية لأنها ترى في ذلك المكان تهميشاً وملاحقة لملفاتها وعناصرها وهنا يأتي حجم التعقيد والمماطلة في قبول مخرجات أكتوبر".
من جانبه يرى الخبير القانوني، علي التميمي، أن "قرار تأجيل المرافعة بتلك الطعون لا يرتبط بدوافع سياسية كون المحكمة الاتحادية جهة قضائية مستقلة ويتعلق ذلك الأمر بأمور شكلية وموضوعية".
ويبين التميمي خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، ان "المحكمة الاتحادية هي أعلى سلطة قضائية وقرارها بات وملزم على الجميع لذا هي تتأنى في البت بهكذا قضية هامة وحساسة باستكمال الأدلة كونها المصد الأخير للمجتمع والبوابة الاخيرة للرقابة الدستورية".
ويلفت التميمي، إلى أن "قضية البت في طعون التشكيك قد تفرض على المحكمة الاتحادية انتداب خبراء فنيين لتقدير الحالة"، متوقعاً أن تنتهي عند واحدة من ثلاثة : المصادقة على النتائج أو تثبيت جزء منها كما حصل في انتخابات 2018، أو تقرير إعادة الفرز والعد اليدوي الشامل لجميع صناديق الاقتراع".
غير أن الاكاديمي القانوني علي الموسوي، يؤكد أنه "لا جود لمصادقة جزئية على نتائج تشريعية في حكم السياق القانون والدستوري".
ويلفت الموسوي، إلى أنه "لا توجد طعون على طاولة المحكمة الاتحادية تقود بالنتيجة إلى الغاء نتائج الانتخابات كون الدعوى المقدمة من قبل الفتح تتحدث عن أرقام أعلنتها المفوضية ليست مكتملة".
ويوضح الموسوي لـ"العين الإخبارية"، أن "الفتح ادعى خلال الطعن القانوني أن النتائج التي أعلنت عنها المفوضية تشمل 79% من المجموع الكلي فيما تزال 21% مفقودة أو غير مكشوفة".
ويختتم بالقول: "المحكمة في ضوء تلك الدعوى أمامها طريقين إما رد الطعن والمصادقة على النتائج أو إصدار قراراً تكميلياً بإلزام مفوضية الانتخابات الكشف عن النتائج المتبقية غير المعلنة".