3 أقاليم فيدرالية.. لماذا يطالب ليبيون بـ"العودة للملكية"؟
قادت الإحباطات المتتالية في التوافق على مسار دستوري موحد في ليبيا إلى إعادة المطالبة بـ"تفعيل الملكية" المنتهية منذ 53 عاما.
فمنذ أكثر من عامين تتحاور أطراف النزاع الليبي في جنيف وتونس ومؤخرا في القاهرة للتوافق حول إجراء انتخابات في البلاد، وهو الأمر الذي فشل في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
كما أن الدعوات لإطلاق الاستحقاق الانتخابي، قبل نهاية 2022، معرضة هي الأخرى للفشل بسبب السير البطيء لذلك التوافق بين مجلسي النواب والدولة على قاعدة دستورية تبنى عليها عملية التصويت.
وقبل كل ذلك، أخفقت ليبيا أيضا في إجراء استفتاء على مشروع الدستور المنجز منذ 2017، وسط رفض الكثير من فئات الليبيين لما جاء في ذلك المشروع.
كل تلك العوامل مجتمعة جعلت من أنصار النظام الملكي ينشطون من جديد بعد أن همشت مطالبهم عام 2013 و2016 والتي تتبنى في الأساس "الجانب الفيدرالي" فيه.
ماذا يعني النظام الملكي؟
وفي حين لم يكن لأنصار ذلك النظام في ذلك الوقت ما يدعم مطالباتهم قدمت إخفاقات الساسة الليبيين اليوم حجة للفيدراليين على طبق من ذهب.
ويتبنى الفيدراليون مبدأ أنه "ما دام لم يتم التوافق على مشروع الدستور منذ عام 2017 أي على مدار خمس سنوات، وما دام لم تفلح أطراف النزاع في التوافق حول قاعدة دستورية للانتخابات فإن الحل في تفعيل دستور ليبيا عام 1951".
ويعد النظام الاتحادي أحد أوجه الفترة الملكية في ليبيا، حين كانت البلاد مقسمة إلى ثلاثة أقاليم هي برقة (شرق) وطرابلس (غرب) وفزان (جنوب)، في حين انتهت الملكية بعد انقلاب قاده زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي عام 1969.
تلك الدعوات وشبيهاتها تكررت بكثرة هذه الفترة من عمر الأزمة الليبية؛ حيث كان آخرها طلب تقدم به رؤساء وممثلو 16 حزباً ليبيا لرئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح باعتماد النظام الاتحادي في مسودة الدستور القادمة.
مطالبة رؤساء وممثلي تلك الأحزاب التي جاءت في مقابلة لهم مع المستشار صالح بمكتبه في مدينة القبة تمثل - من وجهة نظرهم - حلا ضامنا للمحافظة على وحدة ليبيا من خلال تحقيق العدالة والمساواة بين كافة الليبيين في الأقاليم التاريخية الثلاثة لليبيا.
وفي حين أن المطالب السابقة لعودة الملكية في ليبيا والنظام الفيدرالي كانت تنطلق من شرق ليبيا إلا أن هذه الدعوات أصبحت الآن تنطلق من غرب البلاد أيضا رغم أن دافع أهالي الشرق أقوى، كون المركزية التي فرضت على البلاد بعد انتهاء الحكم الملكي فيها أدت لتهميش المنطقة الشرقية التي كانت مدينتها الرئيسية بنغازي إحدى عواصم البلاد في العهد الملكي صحبة طرابلس.
ومؤخرا برز جسم سياسي داعٍ للملكية يسمى "المؤتمر الوطني لتفعيل دستور وعودة الملكيّة الدستورية لليبيا" وهو ملتقى عقد جلسات في عدد من المدن الليبية كان آخرها المنعقدة في مدينة طرابلس غرب البلاد قبل أقل من شهر فيما عقد آخر قبل ذلك بأيام في مصراتة.
ويطالب الداعون للملكية والنظام الاتحادي بتولي "محمد الحسن السنوسي لزمام الملك في البلاد كونه الوريث الوحيد لملك ليبيا السابق إدريس السنوسي"، لكن هذه النقطة رأى مراقبون للشأن الليبي ثغرة قوية كونه بعيدا تماما عن أزمات هذا البلد الحقيقية.
دستور الفيدرالية
ولعل المطالب نفسها ترددت داخل العاصمة المصرية، حين طالب بعض المشاركين في المسار الدستوري بالقاهرة بإحالة دستور الاستقلال 1951 إلى مجلسي النواب والدولة "كأقصر الخيارات لحل الأزمة"، على حد قولهم حينها.
هؤلاء طالبوا في رسالة موجهة للمستشارة الأممية ستيفاني وليامز بأن يعرض مجلسا النواب والدولة دستور 1951 مع الوثيقة الدستورية التي سيتوافقون عليها كخيار مصاحب، بحسب بيان لهم، حمل توقيع 13 عضوا من اللجنة المشتركة من المجلسين.
واقترحوا بحسب بيانهم أن "يعرض مشروع دستور 1951 غير المعدل مع مشروع الدستور المعدل من لجنة المسار الدستوري للاستفتاء"، مؤكدين أن "مقترح الرجوع لدستور 1951 غير المعدل هو أفضل وأقصر الخيارات عوضًا عن إرهاق واستنزاف الجهد والوقت ونحن في وضع صعب ومصير محير".
عقبات عودة الملكية
ورغم كل تلك المطالبات والجهود والمؤتمرات على الصعيدين الشعبي والرسمي أيضا إلا أن أمر عودة الملكية في ليبيا واقعا هو أمر بعيد المنال إذا ما قورن بالمعطيات الموجودة.
وما يجعل الأمر كذلك هو عدم تحصل النظام الملكي لدعم أي من المؤثرين على الأرض، خاصة ممن يملكون القوة الفعلية كالقيادة العامة للجيش الليبي مثلا التي تمثل أكثر من ٨٠% من الأراضي الليبية.
كما أن باقي المسيطرين على الأرض كالمليشيات والتنظيمات المؤدلجة جميعها لا ترى في الملكية أمرا يغريها لتطالب بها.
وما بين هذا وذاك، لم يقدم المطالبون بالملكية مشروعا واضحا لذلك كونهم يعتمدون فقط على حالة الاستقرار التي كانت تشهدها البلاد فترة الحكم الملكي ويضربون بذلك مثلا مقابل افتقارهم لمشروع حقيقي يثبت أن الملكية ستنجح في 2022 كما نجحت في 1951 مع اختلاف الظروف جوهريا بين الفترتين.
ليس هذا فحسب بل إن الملك المنتظر الأمير محمد الرضا بن الحسن الرضا بن محمد الرضا السنوسي (مواليد 1962) وهو ابن ولي عهد ليبيا السابق حسن الرضا السنوسي هو نفسه لا يعلم عن ليبيا شيئا، وفقا لمراقبين أيضا.
فالسنوسي الحفيد والوريث يقيم خارج ليبيا في شمال العاصمة البريطانية لندن، ولا تربطه أي علاقات مع بلاده سوى تلك البيانات التي يصدرها كل عام بالتزامن مع ذكرى استقلالها عام 1951.
غير ذلك فإن السنوسي الحفيد لم يعاصر النظام الملكي لعائلته أصلا كونه كان طفلا ذا سبع سنوات فقط عندما أطيح بالنظام الملكي في ليبيا عام 1969.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xMTUg جزيرة ام اند امز