هل تهجر أوروبا الـ"فوديكا" الروسية؟.. موسكو إلى عزلة دولية
مع تداخل العالم الحديث أصبحت كل دولة مرتبطة بسلاسل علاقات معقدة مع النظام العالمي تجعل هناك صعوبة في أن تتحرك أي دولة بشكل منفرد.
ولعل الشق الاقتصادي هو الجانب الأبرز تأثرا في حال تعقد تلك العلاقات، وهو ما ظهر جليا في الأزمة الأوكرانية حينما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها عقوبات ضد روسيا تركزت بشكل أساسي على الاقتصاد وإن كانت طالت بعض المجالات الأخرى.
روسيا معزولة
ففي غضون أقل من أسبوع وجدت روسيا، نفسها معزولة فجأة عن العالم الأكبر على جبهات متعددة، ووجد رئيسها نفسه مع عدد أقل وأقل من الأصدقاء الأجانب.
وتمثلت مظاهر العزل في مجالات عدة فقد تم تقليص قدرة روسيا على التعامل المصرفي دوليًا، كما أن مشاركتها في الرياضات الدولية الكبرى تنهار، حتى طائراتها أصبحت مقيدة بشكل كبير فوق أوروبا، بل أن الفودكا الخاصة بها لم تكن موضع ترحيب في العديد من الولايات الأمريكية. حتى سويسرا ، التي تحب أن تبدو محايدة في الصراعات الدولية، تدير ظهرها الأن لروسيا.
تلك العقوبات جعلت بعض الخبراء يصفونها بأنها أشبه بموجة من عمليات إطلاق نار سريع والتي فاقت معًا من نواحٍ عديدة على بعض حزم العقوبات الأخيرة في العالم ، بما في ذلك تلك المفروضة على إيران وكوريا الشمالية.
وقد أغلقت الدول الأوروبية بشكل موحد على نحو كبير بشأن هذه القضية، مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية.
كما قام نظام SWIFT المالي الدولي، الذي يتيح معاملات بمليارات الدولارات لأكثر من 11000 بنك ومؤسسات أخرى حول العالم ، بتقييد البنوك الروسية الرئيسية من شبكتها خلال عطلة نهاية الأسبوع.
الاتحادات الدولية
كما أوقفت اتحادات عالمية وأوروبية ، الإثنين ، مشاركة المنتخبات الروسية في جميع مباريات كرة القدم الدولية ، بما في ذلك مباريات التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022.
جاء ذلك بعد أن دعت اللجنة الأولمبية الدولية المنظمات الرياضية لاستبعاد الرياضيين والمسؤولين الروس من الأحداث الدولية، فيما أعلن الاتحاد الدولي لهوكي الجليد والرابطة الوطنية للهوكي عن إجراءاتهما الخاصة ضد روسيا.
حتى إن سويسرا، وهي دولة تشتهر بخدماتها المصرفية الآمنة ، "تتخذ موقفًا أكثر صرامة فيما يتعلق بروسيا".
أما الولايات الأمريكية فقد قامت باتخاذ إجراءت وإن كانت أقل تأثيرًا بشكل مباشر على روسيا ولكنها كانت حازمة، فولاية بنسلفانيا ونورث كارولينا وفيرمونت وغيرهم من الولايات سعوا لتطهير منافذ بيع المشروبات الكحولية من الفودكا الروسية وغيرها من منتجات روسية. كما اتخذت بعض الولايات ، مثل ولاية بنسلفانيا ، خطوات أمس الاثنين نحو سحب أي ممتلكات متعلقة بروسيا.
وفي هذا الإطار قال ويليام ماك، أستاذ العلوم السياسية في كلية نورث سنترال في إلينوي والمتخصص في الأمن الدولي، "قد تبدو (تلك الإجراءات) تافهة من تلقاء نفسها، لكن مجملها قد يؤدي لتارجح النظام ".
تقديم الشكر
في حين قدم بعضهم الشركة للرئيس بوتين باعتباره أحد أعظم الكيانات الموحدة لحلف شمال الأطلسي في التاريخ الحديث.
وهو ما جعل الناطقة الرسمية للبيات الأبيض جين بساكي تقول: "أعتقد أن هذا شيء يمكننا أن نشكره عليه، وأضافت:"أعتقد أن ما رأيناه خلال الأيام القليلة الماضية هو التزام بالبقاء متحدين (تعني الولايات المتحدة مع حلفائها)، وإرسال رسالة قوية إلى الرئيس بوتين مفادها أن هذا الإجراء (التدخل في أوكرانيا) غير مقبول وأن العالم يبني جدارًا ضده".
باستثناء الصين
ورغم هذا التسابق الغربي في عزل روسيا فأن الصين تبتعد عن القيام بأي إجراءات ضد روسيا وهو ما يعتبره الخبراء بأنه ليس مفاجئًا، نظرا لان الصين تصر منذ فترة طويلة على أن يتم إحتران سيداة الدول الأخرى قبل أي شيء آخر.
ورغم إن الإجراءات العالمية السريعة تم اتخاذها خلال أسبوع مفعمة بالحيوية والأحدث ، لكن سيظل هناك تساؤلا حول مدى جدوى تلك الإجراءات وخاصة إذا تضاربت مصالح الدول المشاركة فيها في حال استمرارها لفترة الأطول أو في حال أن واجهت تلك الدول ضغوط داخلية للتراجع عن تلك الإجراءات مثلما الأمر في حال ارتفاع فاتورة الطاقة في العديد من الدول الأوروبية.
ويعتبر العديد أن الأزمة الأوكرانية بمثابة اختبار لما يكمن أن يقوم به العالم الحديث في حال وقوع إعتداءات مماثلة على دول حليفة لها.
وستجيب تلك الأزمة على سؤال مهم وهو هل تنجح العقوبات في عالم تسوده العولمة؟ خاصة في حال إذا كانت تلك العقوبات ضد دولة بحجم روسيا.