"ضيافة الداخلية".. أحكام نهائية رادعة في قضية فساد كبرى بالكويت
بأحكام نهائية رادعة، أسدلت محكمة التمييز الكويتية الستار على قضية "ضيافة الداخلية"، التي تعد إحدى قضايا الفساد الكبرى بالبلاد.
وبتلك الأحكام التي تراوحت بين السجن المؤبد والحبس سنتين وغرامات مليونية يتم طي صفحة هذه القضية الشهيرة بعد أن مر عليها ما يقارب 1633 يوماً أمام المحاكم، منذ بدء أول جلساتها أمام محكمة الجنايات في فبراير/ شباط 2019.
أحكام نهائية
وقضت محكمة التمييز، التي تعد أحكامها نهائية، في حكمها الصادر اليوم الأحد بتشديد العقوبة بحق المتهم الرئيسي في القضية عادل الحشاش (المدير الأسبق لإدارة العلاقات العامة الإعلام والمتحدث الرسمي لوزارة الداخلية الكويتية ) بالحبس المؤبد بدلاً من الحكم السابق الصادر من محكمة الاستئناف بسجنه 15 سنة، مع تغريمه 113 مليون دينار، بحسب صحيفة "القبس" المحلية.
كما قضت المحكمة بتأييد الحبس سنتين مع وقف النفاذ بحق متهمين آخرين وتغريمهم 20 ألف دينار، أحدهم شيخ من الأسرة الحاكمة، وهو أحمد الخليفة وهو ضابط رفيع متقاعد، تقلد وظائف بارزة في وزارة الداخلية، من بينها منصب الوكيل المساعد للشؤون المالية والإدارية.
أيضا قضت المحكمة بتأييد الحبس سنتين مع وقف النفاذ بحق أقبل الخلفان ووليد الصانع وتغريم كل منهم 20 ألف دينار، وقضت بحبس محمد الكاظمي وسيدة الأعمال غصون الخالد 7 سنوات مع الشغل والنفاذ.
كما قضت المحكمة بحبس ماهر وعبير معرفي سنتين مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة سنتين، وبحبس عبدالله الحمادي لمدة 15 سنة.
أحكام رادعة تنهي فصول إحدى أكثر قضايا الفساد إثارة للجدل في تاريخ الكويت.
تفاصيل القضية
تعود تفاصيل قضية "ضيافة الداخلية" إلى عام 2016، عندما كان الحشاش مديراً لإدارة العلاقات العامة الإعلام والمتحدث الرسمي لوزارة الداخلية الكويتية، حيث استغل وظيفته في اختلاس أموال الداخلية مع آخرين، بحجة الصرف على مؤتمرات وضيافة وفود أمنية.
وتبين من خلال التحقيقات، أن الحشاش، استغل وظيفته، التي تقتضي استقبال ودعوة الوفود وتنظيم فعاليات الوزارة، لإيجاد شركاء وشبكة من المتورطين الذين عملوا معه لسنوات، على خلق وفود وفعاليات وهمية.
تضمنت الشبكة حجوزات سفر وفنادق وتوزيع هدايا وهمية، بهدف تقديم فواتير واستلام مبالغ ضخمة من الوزارة مقابلها.
وتم الكشف عن القضية، عندما قامت لجنة الميزانيات في مجلس الأمة بفتح ملف بند الضيافة في وزارة الداخلية، ليتكشف لها أثناء الجرد، الذي أجرته الإدارة العامة للإمداد والتموين آنذاك، صرف مبالغ من الميزانية على أنها فواتير لوقود ووجبات غذائية وحجز فنادق وشراء ورود وهدايا، وتبين أن جميعها مزورة.
وفتحت النيابة العامة الكويتية تحقيقا في القضية في سبتمبر/ أيلول من عام 2018، وتم توجيه اتهامات إلى 24 شخصا في هذه القضية، بينهم مسؤولون بوزارتي الداخلية والمالية ورجال أعمال، بالتزوير والإهمال الجسيم، والاستيلاء على المال العام، وغسل الأموال.
واتهمت النيابة المتهمين أنهم استحلوا حرمة المال العام، حيث سجلوا ضيوفاً وهميين لم يزوروا الكويت وأصدروا 50 شيكاً في يوم واحد ولشركة واحدة، في مسلك يستهدف نهب المال العام وغسل الأموال.
المتهمون أمام القضاء
تمت إحالة القضية إلى محكمة الجنايات التي بدأت أولى جلساتها في 3 فبراير/ شباط 2019 .
وبعد نحو عام، أصدرت محكمة الجنايات في 16 أغسطس / آب 2020 حكمها في القضية ضد 24 متهمًا، بعد أن وجهت إليهم تهما تتعلق بالتزوير والإهمال الجسيم والاستيلاء على المال العام وغسيل الأموال.
وتفاوتت الأحكام الصادرة بشأن المتهمين بين البراءة والسجن وبين ثلاثين عاما للمتهم الرئيسي عادل الحشاش وعامين، وعزل متهمين من الوظائف العامة، فضلا عن إلزامهم برد المبالغ المختلسة التي تبلغ المئات من الملايين، وتغريمهم ضعفها.
وألزمت المحكمة عادل الحشاش وآخرين برد 120 مليون دينار، كما أمرت محكمة الجنايات بمصادرة الأموال والعمولات التي تحصل عليها عادل الحشاش وعزله، كما قضت بعزل كل من أقبل الخلفان ووليد الصانع من الوظيفة العامة.
وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2022، قضت محكمة الاستئناف بأحكام مختلفة بالحبس والغرامات بحق المتهمين، حيث قضت بحبس المتهم الأول عادل الحشاش لمدة 15 سنة بدلاً من 30 سنة مع تغريمه 113 مليون دينار، كما قضت بإلغاء حكم الحبس لمدة 10 سنوات بحق متهمين آخرين؛ وقضت لهم بالحبس سنتين مع وقف النفاذ.
وأيدت حبس الوكيل السابق للشؤون المالية بالوزارة الشيخ أحمد الخليفة لمدة عامين مع كفالة 20 ألف دينار لوقف النفاذ في قضية الإهمال. وقضت بأحكام مختلفة بحق باقي المتهمين.
لا أحد فوق القانون
وكان الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت قد أكد في تصريحات سابقة إنه لا أحد فوق القانون بمن فيهم أبناء الأسرة الحاكمة، وشدد على "أن محاربة الفساد ليست خيارا بل هي واجب شرعي واستحقاق دستوري ومسئولية أخلاقية ومشروعي وطني يشترك الجميع في تحمل مسؤوليته".
وبين أنه " ولكل من يثير التساؤل حول محاسبة أبناء الأسرة الحاكمة نؤكد أنهم جزء من أبناء الشعب الكويتي وتسري عليهم ذات القوانين ومن يخطئ يتحمل مسؤولية خطئه فليس هناك من هو فوق القانون ".
كما أعرب عن اعتززه بالمؤسسات الأمنية ورجالها ونسائها المخلصين مشيرا إلى أنه "لن يضيرها ولن ينتقص من قدرها شذوذ البعض".
ودعا الحكومة ومجلس الأمة إلى اعتماد التدابير الفاعلة والتشريعات الكفيلة بردع الفاسدين والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه بكل أشكاله.
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز