شبكة المال الخفي.. كيف يمول إخوان الأردن مخططاتهم الإرهابية؟

قبل خمس سنوات باتت جماعة الإخوان في الأردن، منحلة بقرار من أعلى سلطة قضائية في البلاد.
لكن جناحها السياسي ممثلا في «جبهة العمل الإسلامي» استمر بالنشاط، في معادلة تدفع لاكتشاف العلاقة بين الطرفين، خصوصا فيما يتعلق بالجانب المالي.
انفصال شكلي بين التنظيم والحزب يخفي وراءه شبكة معقدة من العلاقات المالية والتنظيمية التي تكشف عن هرم سلطة غير معلن، تُدار عبر قنوات تمويل خفية، وتوجهها صراعات داخلية يغذيها الفساد وتضارب المصالح.
فالتركيز على الجماعة وجناحها غالبا ما يتم من الناحية الأيديولوجية أو السياسية، مع أن الجانب المالي يمنح الأدوات اللازمة لكشف خفايا التنظيم وهرمه الحقيقي، ويفضح الصراعات الناجمة، في معظمها، عن الفساد الداخلي وتضارب المصالح.
إحباط المخطط الإرهابي
وأمس الثلاثاء، أعلنت السلطات الأردنية، توقيف 16 شخصا مرتبطين بجماعة الإخوان، قالت إنهم تلقوا تدريبا وتمويلا في الخارج، وخططوا لشن هجمات على أهداف داخل المملكة باستخدام صواريخ وطائرات مُسيرة.
ووفق ما كشفت عنه دائرة المخابرات الأردنية، في بيان لها، فإن صاروخا على الأقل كان جاهزا للإطلاق في إطار عملية كانت تحت مراقبة قوات الأمن منذ عام 2021.
وأكد البيان أن المخططات "كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة".
أسرار تمويل إخوان الأردن
تأسس فرع إخوان الأردن عام 1946، متفرعا من التنظيم الأم في مصر.
ولاحقا، جرى تأسيس «جبهة العمل الإسلامي»، عام 1992، الحزب الذي اتخذته الجماعة ذراعها السياسي وتسللت عبره إلى الحياة السياسية والبرلمان بالأردن.
برقية سرية كتبها قبل سنوات، السفير الأمريكي الأسبق لدى عمان، ستيفن بيكروفت، أوضحت بشكل دقيق العلاقة بين الكيانين، مشيرة إلى أن الجماعة شكّلت منظمة جامعة تشرف وتسيطر على الأنشطة السياسية والخيرية والروحية للحركة الإسلامية في الأردن.
أما «جبهة العمل الإسلامي»، فهي الجناح السياسي للجماعة، وتسيطر عليها الأخيرة مباشرة من خلال هياكل الحوكمة والعلاقات المالية، وفق الوثيقة التي اطلعت عليها «العين الإخبارية».
الوثيقة ذكرت أنه "على الصعيد المالي، تستخدم جماعة الإخوان التدفق المستمر من مستحقات العضوية لتمويل أنشطة جبهة العمل الإسلامي مباشرة، وفي حين أن جبهة العمل الإسلامي تفتقر إلى الاستقلالية المالية عن جماعة الإخوان، فإن حجب التحويلات المالية غالبا ما يستخدم وسيلة للحد من طموحات الحزب السياسية".
ويفصّل السفير الأمريكي في البرقية العمل التنظيمي والأيديولوجي للإخوان و«جبهة العمل»، لافتا إلى أن «الإخوان هي قلب العمل التنظيمي والأيديولوجي للحركة الإسلامية في الأردن، حيث يوجه أعضاؤها ومجلسها التنفيذي (المعروف باسم مجلس الشورى) المسار الروحي والسياسي والخيري للحركة".
وبحسب الوثيقة، توجد تحت مظلة الإخوان منظمتان تشبهان الشركات التابعة للشركة الكبرى بالكامل، وهما جبهة العمل الإسلامي، وهي بمثابة الجناح السياسي للمنظمة، وتسعى لانتخاب أعضائها من خلال هيكل حزبي معترف به قانونًا".
وتابع: "وحتى عام 2006، كانت جمعية المركز الإسلامي بمثابة الجناح الخيري للمنظمة، قبل السيطرة عليها من قبل الحكومة، ما تسبب في تجميد هيمنة الإخوان عليها بشكل فعال».
كم أعضاء جماعة الإخوان بالأردن؟
وبخصوص تقديرات أعضاء الجماعة وجناحهم السياسي بالمملكة، أشار السفير الأمريكي إلى أن "معظم الإسلاميين الذين على صلة بالسفارة الأمريكية يقدرون أعضاء جماعة الإخوان بنحو 10 آلاف، مقابل نحو 4 آلاف عضو بجبهة العمل الإسلامي".
وأضاف "مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي يتألف بشكل حصري من أعضاء الإخوان الذين لا يتواجدون عادةً في مجلس شورى الإخوان".
وأوضح "يتم اختيار الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي من قبل قائمة المرشحين المقدمة إلى الحزب من مجلس شورى الإخوان، ويتمتع مجلس شورى الإخوان بالسلطة الفعلية لفصل رئيس جبهة العمل الإسلامي، رغم أنه من غير الواضح ما إن كان ذلك في اللوائح الرسمية للمنظمة أم لا".
واعتبر السفير الأمريكي أن "قوة جبهة العمل الإسلامي أضعفت بسبب الاعتماد المالي على جماعة الإخوان، الأمر الذي زاد من انخفاض النفوذ السياسي للحزب وتوتر علاقته مع الحكومة".
التأديب و حرب الأيديولوجيا
الوثيقة نفسها اعتبرت أن "أعضاء الإخوان وجبهة العمل الإسلامي يخضعون جميعا لإجراءات تأديبية من قبل مجلس المراجعة الداخلية، في حال خروجهم عن الخط في بياناتهم العامة أو السعي إلى أعمال ضارة للحركة".
والمجلس تأسس مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد أن تسبب الخلاف بين المعتدلين والمتشددين في خلق تناقضات في المواقف العامة للحركة.
وبالنسبة للسفير الأسبق، «يتكون المجلس من أعضاء مجلس شورى الإخوان ممن يتابعون بنشاط القضايا المرفوعة على الإسلاميين الضالين من فروع الحركة العديدة».
وتشير البرقية السرية إلى أن "جماعة الإخوان تتلقى تدفق دخل منتظم من رسوم العضوية التي يتم تحصيلها بنسبة 5 % من دخل العضو، بالإضافة إلى الزكاة والتبرعات الخيرية المطلوبة من جميع المسلمين".
كما "تحظى الجماعة أيضًا بدعم مالي من عدة جهات من التكتلات التجارية الكبيرة ذات التوجه الإسلامي".
و"بالإضافة إلى المصادر الدعم المالية المحلية»، يتابع السفير "ورد أن جماعة الإخوان تتلقى الأموال من أنصار تنظيم الدولي للإخوان".
وبالتوازي مع ما تقدم، تتلقى "جبهة العمل الإسلامي»، أحيانا، أموالا من متبرعين أفراد، «لكن يظل ذلك استثناء وليس قاعدة »، بحسب الوثيقة.
aXA6IDE4LjExNi4yMzAuNDAg جزيرة ام اند امز