اكتشاف غير مسبوق.. العثور على عوالم غارقة في أعماق الأرض
تمكن العلماء من تحديد أجزاء قديمة من قشرة الأرض، تعرف بـ "العوالم الغارقة"، في أعماق الوشاح الأرضي باستخدام تقنية جديدة لرسم خرائط باطن كوكبنا.
ومع ذلك، فإن هذه الكتل الغامضة تم العثور عليها في مواقع غير متوقعة، مما أدى إلى حالة من الحيرة بين العلماء حول كيفية وصولها إلى تلك الأعماق.
ولتقريب هذا الاكتشاف، تخيل أن الأرض هي كعكة متعددة الطبقات، حيث تمثل القشرة الأرضية الطبقة الخارجية والوشاح هو الطبقة الوسطى، وعلى مر الزمن، تتفتت قطع من القشرة وتغوص داخل الوشاح مثل قطع صغيرة من الكعكة التي تسقط وتدفن في طبقات أعمق.
ويشبه الاكتشاف الجديد العثور على هذه القطع القديمة في مكان لم نتوقعه داخل الكعكة، مما يجعلنا نتساءل كيف وصلت إلى هناك ولماذا لا تزال موجودة بعد كل هذه المدة.
ولعدة عقود، اعتمد العلماء على تحليل الزلازل باستخدام أجهزة قياس الزلازل لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد للأرض، وقد ساعد هذا النهج في الكشف عن أجزاء من القشرة الأرضية القديمة التي انزلقت إلى الوشاح الأرضي عبر مناطق تسمى "مناطق الانغماس"، حيث تصطدم الصفائح التكتونية ببعضها البعض.
على سبيل المثال، أعلن الباحثون في أكتوبر 2024 عن اكتشاف جزء من قاع المحيط تحت جزيرة إيستر والذي انزلقت إلى الوشاح منذ ملايين السنين.
اكتشاف غامض وغير متوقع
وفي الدراسة الجديدة التي نُشرت في دورية "ساينتفيك ريبورتيز"، أشار الباحثون إلى اكتشاف عدة كتل جديدة يُعتقد أنها أجزاء من القشرة الأرضية القديمة، وقد تم اكتشاف هذه الكتل باستخدام تقنية تصوير زلزالي جديدة تُعرف باسم "انعكاس الموجات الكاملة".
ومع ذلك، فإن الغريب في الأمر هو أن بعض هذه الكتل تم العثور عليها في أماكن لا يُعرف عنها أي نشاط تكتوني سابق، مثل أسفل غرب المحيط الهادئ، ما يجعل العلماء يتساءلون عن كيفية وصولها إلى هناك.
ويقول توماس شوتين، طالب دكتوراه في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا: "هذا هو التحدي الذي نواجهه، باستخدام النموذج عالي الدقة الجديد، يمكننا الآن رؤية مثل هذه الشذوذات في كل مكان داخل الوشاح، لكننا لا نعرف ما هي بالضبط".
تفسيرات محتملة للكتل
يعتقد العلماء أن هذه الكتل قد تكون بقايا من القشرة القديمة التي تشكلت خلال المراحل الأولى من تكوين الأرض منذ حوالي 4 مليارات عام، أو قد تكون مواد كثيفة تشكلت على مدى ملايين السنين داخل الوشاح. ولكن حتى الآن، لا تزال هذه الفرضيات بحاجة إلى مزيد من البحث لفهم طبيعتها.
والتقنية الجديدة المستخدمة في هذه الدراسة، والمعروفة باسم "انعكاس الموجات الكاملة"، تعتمد على نماذج حاسوبية لدمج المعلومات الناتجة عن الزلازل في صورة واحدة شاملة وواضحة، وقد استخدم الباحثون حاسوب "Piz Daint"، الذي كان من أقوى الحواسيب في أوروبا، لإجراء هذه الحسابات المعقدة.
وقدم أندرياس فيشتنر، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة وعالم الزلازل في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا ، مثالًا توضيحيًا للمقارنة، حيث قال: "تخيل أن طبيبا كان يدرس الجهاز الدوري في جسم الإنسان لسنوات طويلة، ثم فجأة يحصل على أداة طبية متقدمة جديدة تُمكنه من رؤية شريان إضافي في مكان غير متوقع، هذه هي مشاعرنا تماما تجاه هذه النتائج الجديدة."
ما القادم؟
وبينما تستمر الأبحاث حول هذه الكتل الغامضة، يركز الباحثون الآن على دراسة خصائص المواد التي يمكن أن تفسر السرعة التي تنتقل بها الموجات الزلزالية عبر هذه الكتل. كما أضاف شوتين: "نحتاج إلى فهم أعمق لخصائص المواد التي تشكل هذه الكتل لتحديد أصلها الحقيقي".
aXA6IDMuMTMzLjEzMS45NSA=
جزيرة ام اند امز