هل تدفع موجات الحرارة بفرنسا إلى تسريع الانتقال البيئي؟

بعد أشهر من التراجع في السياسات البيئية وتنامي الهجمات على الفاعلين في مجال المناخ، عادت القضايا البيئية لصدارة النقاش في فرنسا.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن الصيف الحالي كان بمثابة ناقوس خطر مزدوج لفرنسا: موجات حر خانقة اجتاحت البلاد وحرائق مهولة امتدت عبر أوروبا، ما جعل التغير المناخي مادة رئيسية في الإعلام والسياسة.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن "الأحداث الأخيرة كانت لافتة: نجاح العريضة المطالبة بإلغاء قانون دوبلومب التي جمعت حتى الآن أكثر من 2,1 مليون توقيع، ثم قرار المجلس الدستوري في 7 أغسطس القاضي بمنع إعادة إدخال مادة الأسيتاميبريد، وهو مبيد من عائلة النيونيكوتينويدات المحظورة".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذان التطوران سبقا مباشرة موجة الحرائق والكوارث الطبيعية التي وضعت المسؤولين أمام واقع من الصعب تجاهله.
وبحسب مكتب وزيرة الانتقال البيئي، أنياس بانييه-روناشيه: "الراهن يعيد القضايا البيئية إلى الواجهة. لكن، مع الوضع السياسي الحالي، من الصعب التنبؤ بالمزاج العام مع بداية الدورة البرلمانية. هل ستوفر هذه الأزمة زخمًا حقيقيًا يدفع إلى التقدم، أم أنها مجرد شعلة سرعان ما ستنطفئ مع حلول الخريف؟".
ضغط شعبي متزايد
وما يميز صيف 2025 ليس فقط حجم الكوارث المناخية، بل أيضًا رد الفعل الشعبي غير المسبوق، فالعريضة ضد قانون دوبلومب التي تخطت حاجز مليوني توقيع، تعد من أوسع التعبيرات الرقمية عن الرفض البيئي في فرنسا منذ سنوات.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن هذا الزخم يعكس إدراكًا متزايدًا لدى الفرنسيين أن القرارات التشريعية لا يمكن أن تتجاهل المخاطر المناخية. وفي المقابل، يضع هذا الضغط المجتمع المدني في موقع قوة للتأثير في النقاشات البرلمانية المقبلة.
التحدي الاقتصادي والسياسي
ورغم عودة البيئة إلى صدارة الأخبار، تواجه الحكومة الفرنسية معضلة حقيقية: كيفية الموازنة بين متطلبات الانتقال البيئي والأولويات الاقتصادية والاجتماعية. فخطة موازنة 2026 تتطلب إجراءات تقشفية، بينما يطالب خبراء المناخ باستثمارات ضخمة في الطاقات المتجددة، النقل المستدام، والزراعة البيئية. وهنا قد يتحول البرلمان إلى ساحة مواجهة بين المدافعين عن الاقتصاد التقليدي والضاغطين من أجل سياسات بيئية أكثر جرأة.
أوروبا والالتزامات الدولية
وأشارت "لوموند" إلى أن الملف لا يقتصر على الساحة الداخلية، ففرنسا مرتبطة بالتزاماتها ضمن الاتحاد الأوروبي واتفاق باريس للمناخ. مع تصاعد الحرائق في إسبانيا واليونان وإيطاليا هذا الصيف، أصبحت الحاجة إلى استراتيجية أوروبية موحدة للتكيف مع الكوارث أكثر إلحاحًا.
ووفقاً للصحيفة الفرنسية أن أي تقاعس فرنسي قد يُنظر إليه على أنه تراجع عن القيادة الأوروبية في المجال البيئي، وهو ما قد ينعكس على صورة باريس في المحافل الدولية، خصوصًا قبيل مؤتمرات المناخ المقبلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز