الحرائق تلتهم مساحات شاسعة في لبنان.. و"الشوف" الأكثر تضررا
الحريق أتى على آلاف الأمتار وعدد من الأبنية وجامعة رفيق الحريري، وساهمت الرياح الشديدة في امتداد النيران وفقدان السيطرة عليها
لليوم الثاني تستمر الحرائق في التهام مساحات شاسعة في لبنان بلا رادع، وسط غياب للإمكانيات اللازمة، في موجة هي الأعنف منذ سنوات في حجم النيران والخسائر.
وساعد الطقس الحار وسرعة الرياح على انتشار الحرائق بقوة، ما أدى إلى محاصرة المنازل واحتراق أعداد كبيرة من السيارات، فضلا عن تعليق الدراسة في مدارس وجامعات منطقة الشوف الأكثر تضررا.
وقال ريمون خطار، مدير عام الدفاع المدني اللبناني، إن نحو 104 حرائق اندلعت في لبنان خلال الـ 24 ساعة الأخيرة دون وقوع ضحايا، واصفا الأمر بـ"الكارثة" إذ لم يشهد لبنان حرائق بهذا الحجم منذ عشرات سنوات.
وأعلن جورج كتانة، الأمين العام للصليب الأحمر عن القيام بعمليات إسعاف في بلدات قضاء "الشوف" لنحو 49 حالة جميعها ليست خطيرة، فضلاً عن إقامة مركز إسعاف طارئ في حارة "الناعمة".
وكانت الحرائق بدأت صباح الاثنين في منطقة "المشرف" في الشوف بجبل لبنان، ثم تبعتها حرائق مماثلة في الشمال والجنوب، إلا أن الحريق الأكبر كان في الشوف حيث لم يتمكن الدفاع المدني والطوافات التابعة للقوات البحرية من إخماد النيران، فضلاً عن طائرتين قبرصيتين.
وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن آليات الدفاع المدني معززة بعناصر الجيش والشرطة والطوافات التابعة للقوات الجوية، تبذل أقصى الجهود للسيطرة على الحريق الذي اندلع ليلا في المنطقة واستمر طوال ساعات النهار، وسط تحديات صعبة، أبرزها وجود حقل من الألغام في المنطقة من مخلفات الحرب، إلى جانب خطوط كهرباء التوتر العالي التي تعوق حركة الطوافات وتمنع اقترابها من موقع الحريق.
وأتى الحريق على مساحة آلاف الأمتار بعدد من الأبنية السكنية وجامعة رفيق الحريري، وساهمت الرياح الشديدة في امتداد النيران وفقدان السيطرة عليها، إلا أن الخسائر حتى الآن اقتصرت على الماديات والأشجار.
وصباح الثلاثاء، تجددت الحرائق بشكل كبير وانتقلت إلى مناطق أخرى في الشوف خصوصاً مناطق الدبية والناعمة والدامور حيث اضطر الأهالي إلى مغادرة منازلهم. وحسب شهود عيان فإن الحرائق التهمت مساحات فائقة خلال نصف ساعة فقط، فيما قاومها السكان بالوسائل البدائية التي "لم ولن تؤدي إلى نتيجة".
ومثل حرائق الشوف، سجل عدة مناطق لبنانية عددا من الحرائق خصوصاً في الشمال، وقضت على مساحات غابية كبيرة إنما لا تزال تحت السيطرة إلى حد كبير.
وأعلنت ريا الحسن، وزيرة الداخلية اللبنانية، عن الاستعانة بطائرتين قبرصيتين في المهمة بتعليمات من رئيس الحكومة سعد الحريري، وقالت: "أقلعت الطائرتان من مطار بيروت في محاولة لإطفاء الحرائق لكن لا يمكن القول إنه تم إخمادها فالطقس الحر وسرعة الرياح يُعيدان إشعالها وغرفة العمليات تقوم بعملها ونحن حذرون ونراقب الوضع".
ولفتت الحسن إلى أن القوات اللبنانية كانت نجحت في إخماد 80% من النيران حتى مساء الإثنين إلا أن سرعة الرياح أعادت إشعالها، معلنة إنشاء غرفة عمليات في "السراي" وأخرى متنقلة على الأرض في "المشرف" لمتابعة عملية إخماد الحرائق.
وحذر فادي جريصاتي، وزير البيئة اللبناني، من أن الطقس الحار خلال اليومين المقبلين واشتداد سرعة الرياح يشكلان خطرا على غابات لبنان في حال نشوب أي حريق كما حدث في المشرف.
ودعا جريصاتي في بيان اللبنانيين إلى تفادي حرق الحشائش اليابسة واتخاذ أقصى درجات الحذر عند تنظيف أراضيهم، كما دعا البلديات اللبنانية، إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة والاستمرار بأعمال الوقاية تجنبا لاندلاع أي حريق.
من جانبه ناشد نائب منطقة الشوف، بلال عبدالله، الحكومة ووزارتي الدفاع والداخلية، لتأمين طوافات مجهزة للحرائق، والتنسيق مع وزارة الطاقة ومصالح المياه والبلديات، لتحديد مصادر مياه الطوارئ.
وقال: "يراودني شعور، أتمنى أن يكون خاطئا، بأن الحرائق المتكررة، وفي أكثر من مكان في الشوف مفتعلة. أتمنى على الأجهزة المعنية التحقيق بالأمر".
وناشدت جمعية الـ"يازا" واللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق، المسؤولين وبلديات الشوف لإعلان حال الطوارئ وطلب الدعم من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة.
وأثارت تلك الكارثة البيئية موجة غضب لدى اللبنانيين لعدم وجود الإمكانات اللازمة لدى الدولة واستقدام طائرات من قبرص، خصوصاً أنه عام 2009 كان قد أعلن عن استقدام 3 طوافات من نوع "سيكورسكي" لكن المشكلة كانت في عدم صيانتها وبالتالي عجزها عن القيام بعملها وقت الحاجة إليها اليوم.
من جانبه قال زياد بارود، وزير الداخلية اللبناني الأسبق، إن لبنان حصل على هذه الطوافات كهبة، لكن المشكلة بدأت بعد 3 سنوات عند انتهاء هبة الصيانة التي تكلف نحو 450 ألف دولار، وهو ليس مبلغا كبيرا مقارنة مع نسبة الأضرار التي تخلفها الحرائق.