التقييم الأول أمام COP28.. لماذا يجب كبح الاحترار العالمي؟
النتائج ستكون كارثية بالنسبة لمستعمرات المرجانيات في أنحاء العالم
هل يسير العالم على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس لمنع ارتفاع حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية أعلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية؟
سؤال يعكس مدى القلق من احتمالات تعثر جهود العمل المناخي على المستوى العالمي.
ففي 12 ديسمبر/كانون الأول 2015، تبنت الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، خلال مؤتمر (COP21) بالعاصمة الفرنسية باريس، أول اتفاقية دولية تضع حداً أقصى لمستوى الاحترار العالمي، حتى نهاية القرن الحالي، عند درجتين مئويتين أكثر من معدلات ما قبل عصر الثورة الصناعية، مع السعي للحد من ارتفاع الحرارة دون 1.5 درجة.
يتضمن اتفاق باريس، الذي دخل حيز التنفيذ في العام التالي، التزامات من جميع الأطراف لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري، والعمل جنباً إلى جنب للتكيف مع تداعيات تغير المناخ، كما يتيح آليات لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها، مع استحداث إطار للرصد والإبلاغ عن الأهداف المناخية للدول بكل شفافية.
وينص الاتفاق على إجراء عمليات مراجعة دورية للجهود العالمية على صعيد العمل المناخي، كل 5 سنوات، ومن المقرر أن يتم خلال مؤتمر الأطراف المقبل (COP28) أواخر هذا العام في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن يتم استعراض التقييم العالمي الأول للتقدم المحرز فيما يتعلق بأهداف اتفاق باريس، للحفاظ على مستوى الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية.
وبينما يقدم التقييم السادس لحالة المناخ، الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، صورة قاتمة بشأن مستويات الاحترار العالمي التي قد يشهدها كوكب الأرض، قبل حلول نهاية القرن الحالي، استناداً إلى معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الحالية، التي تشير إلى أن حرارة الكوكب تتجه للارتفاع بمقدار 4.4 درجة مئوية.
إلا أن التقرير السادس للهيئة الأممية (AR6) أبقى باب الأمل مفتوحاً لتحقيق الأهداف الطموحة لاتفاق باريس، عندما دعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 7.6% سنوياً، حتى عام 2030، لمنع ارتفاع الحرارة بأكثر من 1.5 درجة، وبنسبة 2.7% سنوياً، للحفاظ على معدل الاحترار العالمي دون مستوى درجتين مئويتين.
الدكتور سمير طنطاوي، استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة وعضو هيئة (IPCC)، أكد أن هناك تحذيرات متكررة بالفعل، من أن العالم ليس على المسار الصحيح نحو تحقيق هدف اتفاق باريس الخاص بكبح الاحترار العالمي دون 1.5 درجة، مشيراً إلى أنه سبق للهيئة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية أن أصدرت عدة تقارير حذرت فيها من عواقب استمرار الارتفاع في درجات الحرارة.
وقال طنطاوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التقرير التجميعي السادس لحالة المناخ يتضمن تقييماً لمستويات الاحترار العالمي، كما يقترح مجموعة من السيناريوهات للاستجابة للتغيرات المناخية، بما في ذلك جهود التخفيف مع حدة الانبعاثات الحرارية، أو جهود التكيف مع التداعيات الناجمة عن تغير المناخ، لمنع تجاوز الارتفاع في درجات الحرارة أكثر من 1.5 درجة مئوية.
وأوضح خبير التغيرات المناخية بالأمم المتحدة أن التقرير التجميعي يتضمن نتائج التقارير الفرعية الخاصة بمجموعات العمل الثلاث بالهيئة الحكومية الدولية، مشيراً إلى أن المجموعة الأولى تختص بالتقييم العلمي لتغير المناخ، بينما تهتم المجموعة الثانية بتقييم تأثيرات التغيرات المناخية وكيفية التكيف معها، أما مجموعة العمل الثالثة فتهتم باقتراح آليات تخفيف الانبعاثات.
ويسلط التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضوء على عدد من التأثيرات المتوقعة نتيجة ارتفاع حرارة الأرض بأقل من 1.5 درجة، ومقارنتها بالتأثيرات الناجمة في حالة ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين أو أكثر بحلول عام 2100، ويضرب مثالاً على ذلك بأن مستوى الارتفاع في سطح البحر سيكون أقل بمقدار 10 سنتيمترات في الحالة الأولى عنها في الثانية.
وفيما يتعلق بمعدلات ذوبان الجليد في القطب الشمالي، يتوقع التقرير أن المحيط المتجمد قد يخلو من الجليد البحري خلال فصل الصيف لمرة واحدة في كل قرن، في حالة ارتفاع الحرارة بمقدار 1.5 درجة، أما إذا ما كان الارتفاع بدرجتين أو أكثر، فإن ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي يكون بمعدل مرة واحدة على الأقل كل 10 سنوات.
وبحسب الدكتور سمير طنطاوي فإن النتائج ستكون كارثية بالنسبة لمستعمرات المرجانيات في أنحاء العالم، حيث تشير السيناريوهات إلى أنه مع ارتفاع الحرارة 1.5 درجة، ستفقد مناطق الشعاب المرجانية ما بين 70 و90% من مكوناتها، أما في حالة ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين أو أكثر، فإن خطر الفقدان يهدد جميع مستعمرات المرجان، أو على الأقل 99% منها.
كما حذرت الهيئة التابعة للأمم المتحدة من أن ارتفاع الحرارة بأكثر من 1.5 درجة، قد يؤدي إلى مخاطر صحية بالغة للبشر، منها انتشار العديد من الأمراض المرتبطة بالحرارة، ويجعل ظروف العمل في الأماكن المفتوحة أكثر صعوبة، كما يتسبب في ارتفاع معدلات حرائق الغابات على نحو يهدد المناطق المأهولة، فضلاً عن تدهور التنوع البيولوجي، بما يوفره من طعام وشراب ودواء للبشر.
وأشارت آنا بيراني، رئيس مجموعة العمل الأولى، في دراسة بعنوان "ماذا يعني تجاوز 1.5 درجة"، إلى أن حرارة الأرض بدأت في الارتفاع على نحو متسارع اعتباراً من النصف الثاني للقرن الماضي، وأكدت أن مستوى الاحترار العالمي بلغ أكثر من 1.1 درجة مئوية، وفي طريقها لتجاوز 1.5 درجة، مما يعني أن الأرض قد تشهد، خلال فترة قريبة، أسوأ تداعيات محتملة لتغير المناخ.
وعبرت بيراني، بحسب الدراسة المنشورة على موقع هيئة (IPCC)، عن قلقها وفريق العمل من أن الاحترار العالمي قد يتجاوز 1.5 درجة قبل حلول عام 2040، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لخفض الانبعاثات الكربونية وغيرها من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، بشكل كبير، خلال السنوات القليلة المقبلة.
ووفقاً لمركز دراسات البيئة والمناخ في العاصمة النرويجية أوسلو، فإن فترة السنوات الـ5 بين عامي 2015 و2020، كانت الأكثر دفئاً على الإطلاق، كما أن حرارة الأرض بدأت ترتفع بوتيرة متسارعة منذ عام 1970، وعلى مدار السنوات الـ50 التالية حتى 2020، فيما يتوقع العلماء أن يكون عام 2023 الجاري الأكثر سخونة في سجلات المناخ.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز